انطلقت قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو يوم الاثنين بتحقيق اختراق غير متوقع، حيث أصدر الأعضاء إعلانا ختاميا في اليوم الأول من المحادثات، رغم أنه تضمن تصريحات عامة فقط حول النزاعات في الشرق الأوسط وأوكرانيا.
ونجحت البرازيل، بصفتها الدولة المضيفة، في تشكيل جدول الأعمال وإدراج أولويات رئيسية من رئاستها لمجموعة العشرين في الوثيقة، بما في ذلك مكافحة الجوع وتغير المناخ، إلى جانب جهود إصلاح المنظمات الدولية.
كما أعرب قادة الدول الصناعية والناشئة الرائدة في العالم عن التزامهم بفرض ضرائب أكثر فعالية على فائقي الثراء ، وأكدوا على الهدف الدولي المتفق عليه للحد من الاحتباس الحراري إلى 5ر1 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة.
ورغم المخاوف الأولية بشأن احتمال وجود خلافات من الرئيس الأرجنتيني الليبرالي المتطرف، خافيير ميلي، تمكنت مجموعة العشرين من التوصل إلى إعلان مشترك مكون من 85 نقطة.
وهناك نقطة رئيسية تم الاتفاق عليها خلال القمة كانت الدفع نحو إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث دعا الإعلان الختامي إلى مجلس أكثر "تمثيلا وشمولا وكفاءة وفعالية وديمقراطية وخضوعا للمساءلة".
وكما حدث في قمة العام الماضي في الهند، لم يتضمن الإعلان إدانة صريحة لعدوان روسيا على أوكرانيا، على عكس الموقف القوي الذي تم اتخاذه في قمة بالي 2022. وبدلا من ذلك، تم الاكتفاء بالإشارة العامة إلى "المعاناة الإنسانية الهائلة والتأثير السلبي للحروب والصراعات حول العالم"، بما في ذلك تأثيرها على الأمن الغذائي والطاقة.
كما شهدت القمة إطلاق التحالف العالمي لمكافحة الجوع والفقر. وأكد البيان الختامي أن الجوع لا ينجم عن نقص الموارد أو المعرفة، بل عن نقص الإرادة السياسية لضمان وصول الغذاء للجميع.
الشرق الأوسط
وأعرب الإعلان الختامي عن "قلق عميق بشأن الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة والتصعيد في لبنان".
وأشار البيان إلى ضرورة توسيع المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وتعزيز حماية السكان المدنيين، في رسالة واضحة لإسرائيل. كما أكدت مجموعة العشرين على "حق الفلسطينيين في تقرير المصير" و"التزام لا يتزعزع برؤية حل الدولتين، حيث تعيش إسرائيل ودولة فلسطينية جنبا إلى جنب في سلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها، بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة".
ولم يتم التطرق في الإعلان الختامي لهجمات حركة حماس في 7 أكتوبر على إسرائيل، والني أسفرت عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين.
وقبل القمة، صرحت أوساط حكومية ألمانية بأن مثل هذه النتيجة للمفاوضات ستكون "غير مقبولة".
وقبل القمة، دعا وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر مجموعة العشرين إلى الاعتراف بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس، والمطالبة بالإفراج عن جميع الرهائن، وإدانة حماس وحزب الله، اللذين تخوض إسرائيل حربا ضدهما في قطاع غزة ولبنان على التوالي.
وكتب ساعر أن أي بيان لا يتناول هذه النقاط سيشجع إيران وحلفاءها على مواصلة نشر عدم الاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
مكافحة الفقر والجوع
أعلن الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا عن إطلاق "التحالف العالمي ضد الجوع والفقر" في بداية قمة مجموعة العشرين في ريو.
وقال لولا: "الجوع والفقر ليسا نتيجة للندرة أو الظواهر الطبيعية"، بل هما نتيجة لقرارات سياسية تؤدي إلى استبعاد جزء كبير من الإنسانية.
وتعد هذه المبادرة واحدة من الموضوعات الرئيسية في رئاسة البرازيل لمجموعة العشرين، التي تجمع أكبر اقتصادات العالم، وقد لقيت دعما علنيا من 81 دولة.
وقال لولا إن المجموعة ستتبادل الخبرات وتنسق التدابير من أجل الأمن الغذائي: "سيكون هذا أعظم إرث لنا".
وأضاف الرئيس البرازيلي أن مكافحة الجوع والفقر هي شرط أساسي لبناء عالم سلمي.
وتعهد بنك التنمية الأمريكي بالفعل بتقديم 25 مليار دولار للمبادرة.
من جانبها، طالبت منظمة أوكسفام غير الربحية بأن تقوم دول مجموعة العشرين نفسها بالاستثمار العام بشكل كبير في أعمال الزراعة الصغيرة.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين إن الاتحاد الأوروبي سيشارك أيضا في هذه المبادرة.
إصلاح المؤسسات العالمية
ودعا لولا أيضا إلى تعزيز التعددية، مؤكدا الحاجة إلى مؤسسات عالمية أكثر شمولا وتمثيلا لضمان الاستقرار وتعزيز السلام.
وقال لولا: "استقرار العالم يعتمد على مؤسسات أكثر تمثيلا"، مشيرا إلى أهمية تضمين أصوات متنوعة في منتديات اتخاذ القرار.
ووصف هذه التنوع بأنه "طريق السلام" وضروري لتحقيق التوازن في الحوكمة العالمية.