روى المتعاقد الأمني الأميركي السابق مع «مؤسسة غزة الإنسانية»، أنتوني أجويلار، حادثة اغتيال إسرائيل للطفل الفلسطيني أمير (10 سنوات)، في قطاع غزة، أثناء محاولته الحصول على مساعدات غذائية، بالقرب من نقطة توزيع تابعة للمؤسسة جنوب القطاع، في 28 مايو الماضي، واتهم إسرائيل بوضع مراكز توزيع المساعدات في مناطق عمليات عسكرية مكثفة عمداً.
وقال أجويلار، الضابط السابق في القوات الخاصة بالجيش الأمريكي، في مقابلة مع قناة «الشرق» السعودية، إن القوات الإسرائيلية قتلت أمير بالرصاص، بعدما تمكن من الحصول على كيس من الأرز والطحين كان ملقى على الأرض، بعدما كان قد غادر نقطة التوزيع دون التمكن من الحصول على مساعدات.
وتطالب عائلة أمير بتحقيق دولي لمعرفة مصير جثمانه الصغير، الذي تاه بين زحام ضحايا منتظري المساعدات، الذين قتلتهم إسرائيل قرب مراكز توزيع الطعام التابعة لـ«مؤسسة غزة الإنسانية»، في جنوب قطاع غزة.
وقال أجويلار الذي استقال من العمل مع الشركة الأمنية SRS المتعاونة مع «مؤسسة غزة الإنسانية»، إن القوات الإسرائيلية قتلت الطفل أمير قرب مركز مساعدات في منطقة تل السلطان في 28 مايو الماضي، وأن هذه الحادثة وقعت عند الموقع رقم 3 في الجزء الجنوبي من خان يونس، حيث كان في الموقع ما يُقارب 6 آلاف فلسطيني ينتظرون الحصول على الطعام وبينهم أمير، وأطفال آخرين وبعض النساء وذوي الاحتياجات الخاصة.
وأضاف: «اقترب مني أمير، الذي قطع 12 كيلومتراً بحثاً عن الطعام، ومن متعهد أمريكي آخر، وقَبل يد المتعاقد الذي كان بجانبي وحاول أن يشكرنا، كنت أظنه مصاباً أو يريد المزيد من الطعام، لكنه جاء ليشكرنا. وضعت يدي على كتفه وأبلغته بأن العالم لن ينساه، نحن نتذكره ونتذكر باقي الأطفال».
وواصل: «توجه أمير عائداً إلى الشمال من خلال الممر العسكري، حيث كانت القوات الإسرائيلية تطلق النار على الأشخاص لتوجيههم للتحرك إلى الشمال، وقاموا برش رذاذ الفلفل عليهم وكان الجمع يهرع من وابل الرصاص، قبل أن تصيب النيران أمير ويسقط جثة هامدة، وهذه هي المأساة التي شاهدتها بعيني. وأنا اليوم أعرف أن والدته لم تستطع إيجاد جثته حتى الآن».
و«مؤسسة غزة الإنسانية»، هي منظمة مدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل بدأت في توصيل إمدادات إنسانية للمدنيين الفلسطينيين في غزة في مايو، متجاوزة قنوات المساعدات التقليدية بما في ذلك قنوات الأمم المتحدة.
وشهدت عمليات المؤسسة أعمال عنف وفوضى تضمنت إطلاق النار على الفلسطينيين، وقتل أكثر من 1000 فلسطيني من منتظري المساعدات، بالقرب من مواقع توزيع الأغذية التي تحرسها القوات الإسرائيلية.
ورفضت الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية أخرى العمل مع المؤسسة إذ شككت في حيادها وانتقدت نظام التوزيع الجديد لديها، قائلة إنه يضفي طابعاً عسكرياً على تقديم المساعدات ويجبر الفلسطينيين على النزوح.
وأشار أجويلار إلى أنه تلقى تهديدات لإجباره على الصمت، قائلاً: «هذا دليل على أن القوات الإسرائيلية والأطراف الأخرى، لديهم ما يخفوه، وإلا لماذا يهددوني؟ أريد أن أخبر العالم بأنهم يهددوني لأن ما أقوله هو الصواب وهو الواقع».
وعن سؤاله لماذا اختار الظهور إعلامياً وكشف ما يحدث في غزة، أجاب أجويلار: «لن يأخذ أي أحد كلامي بمصداقية إذا لم أفعل، وسيظنون أنني كاذب أو من طرف حركة حماس أو أنني أثير البروباجندا، ولكن وجودي باسمي ووجهي، سيجبر من قام بالفعل بتحمل المسؤولية لا يمكن أن يقولوا هذه أكاذيب أو إشاعات».
وأضاف: «أنا شخص كنت في الموقع على أرض غزة، ورأيت وجوة الفلسطينيين وهم يلقون حتفهم بالرصاص الحي، وشهدت جرائم حرب بعيني ولدي مقاطع مصورة، ولدي صور وشهادات، وإفادات رسمية عن ذلك، لن يُمنح الفلسطينيين الصوت الذي يستحقونه في حال بقيت مجهولاً».
وأشار المتعاقد السابق مع «مؤسسة غزة الإنسانية»، إلى أن هناك الكثير من الفلسطينيين، الباحثين عن الطعام، يقتلون بالقرب من مراكز المساعدات وأن عدد الضحايا أكبر بكثير من التقديرات التي يُعلن عنها.
واستطرد: «شاهدت القوات الإسرائيلية والمتعهدين الأمنيين وهم يطلقون الرصاص الحي على أقدام طالبي المساعدات في مراكز التوزيع وفوق رؤوسهم».
وأوضح أن عدد مراكز توزيع المساعدات 4 فقط، منها 3 بأقصى الجنوب قرب رفح وخان يونس، وهي بعيدة عن مناطق تواجد السكان، ويجب على الناس أن يسيروا مسافات طويلة لكي يصلوا إلى تلك المراكز، التي يُسيطر عليها الجيش الإسرائيلي، من أجل تلقي المساعدات وما أن يصلوا حتى تبدأ القوات الإسرائيلية بإطلاق الرصاص الحي عن عمد من أجل إدارة الموقع والسيطرة عليهم، ما يؤدي إلى قتل الكثير منهم.
وأشار أجويلار إلى أن «مواقع توزيع الطعام تم بناؤها في أماكن توجد بها معارك عسكرية ضارية، ما يمثل خطراً على المدنيين بسبب تواجد القوات العسكرية هناك».
ولفت إلى أن هذه المراكز صممت «لإجبار سكان وسط وشمال غزة على النزوح إلى الجنوب وأن مؤسسة غزة الإنسانية، (المدعومة من أمريكا وإسرائيل)، لا تحاول أن تخفي ذلك، بل على العكس، هم منفتحون على هذا الأمر، ولديهم خطة محكمة لتوسيع مراكز التوزيع خاصة موقع رقم 1 في رفح، حتى يستقبل المزيد من الناس، لإجبار السكان على النزوح».
وحذر من أن «الوضع في مراكز التوزيع خطر للغاية»، معقبًا: «أنا قلق، بشأن ما سيحدث بعد أن يتم إجبار جميع سكان غزة على النزوح جنوباً، ماذا سيحدث بعد ذلك؟ أعتقد بأنهم سيقتلون أو يموتون جوعاً».