استضافت فعاليات الدورة الـ43 من "معرض الشارقة الدولي للكتاب" ستيفن بارتليت، رائد الأعمال والكاتب ومقدم بودكاست "مذكرات رئيس تنفيذي"، في لقاء خاص استعرض خلاله أهمية الصدق مع الذات، وبناء علامته الشخصية، والمبادئ التي رسمت مسار رحلته، من بدايات متواضعة، وصولاً إلى تأسيس إمبراطورية إعلامية، تشكل فيها قصته نموذجاً للمرونة، والثقة بالنفس، والقرارات الاستراتيجية لتغيير المسار المهني.
طفولة تشوبها التحديات
وأشار بارتليت إلى أنه ولد في جمهورية بوتسوانا، وانتقل إلى المملكة المتحدة، وعاش حياة الفقر، حيث كانت عائلته هي الوحيدة من أصول أفريقية في الحي الذي نشأ فيه، وكان لتلك التحديات والظروف القاسية التي عاشها أثر عميق على رؤيته للحياة والنجاح، حيث رافقه الشعور بالخجل، مؤكداً أن ذلك الشعور قد يكون مفيداً، إذ أصبح قوة ملهمة ومحفزة بالنسبة إليه.
وأضاف بارتليت إلى أنه طور روح الاستقلالية في العاشرة من عمره، بسبب انشغال والديه في العمل، مشيراً إلى أن الشعور بالخجل والاستقلال يساعدان الإنسان على عمل الكثير، حيث دفعه هذا المزيج إلى السعي وراء المشاريع الريادية، والنجاح في التغلب على ظروفه القاسية.
مهارة التوقف وتغيير المسار
وأكد بارتليت أن ترك دراسته الجامعية كان قراراً مفصلياً في حياته، حيث عرف خطورة هذا القرار، لكنه آمن بأن البقاء في وضع لا يكون فيه راضياً عن نفسه أكثر خطورة، وقال: "أفضّل أن أسير في درب لا أعرف نهايته بدلاً من طريق يقودني إلى بؤس محتم، فبالنسبة لي التوقف وتغيير المسار ليس ضعفاً، بل مهارة، وهي خطوة مهمة يتخذها الإنسان ليبدأ شيئاً أفضل".
وأضاف بارتليت أن هذه القناعة أصبحت قاعدة لفلسفته، مما ساعده على التمييز بين التحديات الهادفة، والعناد العقيم الذي لا يثمر نتائج ملموسة، وساعده على تأسيس "سوشيال تشين" Social Chain، وهي شركة استفادت من وسائل التواصل الاجتماعي لدفع عجلة الابتكار في مجال التسويق، عندما كان في الـ21 من عمره، وحول أيامه الأولى في تلك الشركة، أشار بارتليت إلى أنه كان يشتري صفحات على منصة "فيسبوك" مقابل 20 جنيهاً إسترلينياً، ويحولها إلى إمبراطوريات إعلامية مزدهرة، وأصبحت "سوشيال تشين" شركة معروفة قبل تنحيه عنها في الـ27 من عمره.
"مذكرات رئيس تنفيذي": من بدايات متواضعة إلى نجاح عالمي
وقال بارتليت إن بودكاست "مذكرات رئيس تنفيذي" بدأ بداية متواضعة بميكروفون سعره 99 جنيهاً إسترلينياً، وجورب استخدمه لفلترة الصوت، حيث استضافت الحلقات الأولى رواد أعمال محليين وجذبت جمهوراً صغيراً، وبمرور الوقت، استضاف البودكاست كبار الشخصيات، ومنهم جادا بينكيت، والرئيس التنفيذي السابق لـ"جوجل"، مؤكداً أن امتلاك الرغبة في مواجهة الشعور بالضيق الناجم عن الضعف في شيء ما، عامل أساسي من عوامل النجاح.
وأضاف بارتليت: "يعود نجاح البودكاست إلى استعدادي لقبول ضعفي، حيث أجريت تجربة أكون فيها مثالياً في كل شيء، وأخرى أكون فيها على ما أنا عليه، وشكل البودكاست نتاجاً للتجربة الثانية؛ وتحدثت فيه عن أخطائي، والتحديات التي واجهتني، وصحتي النفسية والعقلية، فالضعف لا ينفّر وإنما يجذب".
التجربة والفريق المناسب
وأكد بارتليت أهمية التجربة في العلامة الشخصية، قائلاً: "يمكن الحصول على إجابة عن كل الأسئلة المتعلقة بالخوارزميات أو الاستراتيجية من خلال التجارب، وفريقي يقوم بآلاف التجارب أسبوعياً لصقل عناوين برامج البودكاست واستراتيجيات التواصل الاجتماعي، والذي يحدد الفرق بين 17% و1% من معدل النقر، هو التجربة وليس الحظ".
وأشار بارتليت إلى أهمية توظيف المواهب الاستثنائية، فخلال خمسة أعوام، سيعتمد النجاح على المهارة في توظيف الصداقات أو الشراكات أو فرق العمل، مؤكداً أن إقناع الأفراد الموهوبين للانضمام إلى مشاريعه شكل أساساً للإنجازات التي حققها.
إيمان وضعف وانتصارات صغيرة
وأعاد بارتليت النجاح الذي حققه إلى إيمانه الراسخ بنفسه، حتى خلال الظروف الصعبة، وأضاف: "عندما كنت أسرق بعض الطعام لأتناوله عندما كنت طالباً، كنت أؤمن أن تلك اللحظات تشكل حجر أساس لمسيرتي، وشكلت الكتابة بشكل يومي أداة رئيسة لتوضيح أفكاري، ومعالجة مشاعري".
وشدد بارتليت على أن النجاح ينبع من العمل المنتظم والخطوات الصغيرة المستمرة التي تتراكم مع مرور الوقت، مقتبساً جملة من كتاب "الحافة الطفيفة" The Slight Edge، للكاتب جيف أولسون؛ "النجاح العظيم يكمن في التفاصيل، والانتصارات الصغيرة تصنع الفرق".
وختم بارتليت اللقاء برسالة بسيطة وملهمة، قال فيها: "الأصالة، والتواصل، والأعمال الصغيرة المتواصلة تحقق نتائج استثنائية، ولا يهمني الإرث كثيراً، فكل ما أريده هو أن أمضي وقتاً جيداً، وأقوم بعمل جيد، وأحب الحياة".