يُولي مهرجان القاهرة السينمائي الدولي اهتمامًا خاصًا للأفلام الفلسطينية، حيث وضعت إدارة المهرجان برنامجاً لها تحديدًا، وكما كان فيلم الافتتاح فلسطينياً - روائي طويل - فقد عُرض في ثاني أيام المهرجان فيلمًا تسجيليًا فلسطينيًا.
عُرض فيلم "Holiday in Palestine" / "الإجازات في فلسطين"، وهو من إخراج المخرج الفرنسي ماكسيم ليندون، ضمن مسابقة آفاق السينما العربية، وقد تم تصوير الفيلم كاملاً في الضفة الغربية.
تدور الأحداث حول شاب فلسطيني يدعى شادي، يبلغ من العمر ٣٠ عامًا، عاش في فرنسا من أجل العمل لفترة طويلة، ثم قرر العودة في إجازة قصيرة إلى وطنه فلسطين، من أجل زيارة أهله، بعد حصوله على الجنسية الفرنسية، موضحًا ما يحمله بداخله من اشتياق بالغ لتلك الحميمية التي طالما افتقدها في فرنسا.
يستعرض الفيلم التسجيلي حياة شادي بعد العودة، منذ وصوله إلى أرض الوطن، والفرحة العارمة التي يستقبله الأهل بها فور وصوله، وما تحمله فلسطين من مراسم احتفال جميلة وبسيطة وهي تستعد لاستقبال أحد أبنائها الذي غاب عنها لسنوات، لذلك استهل الفيلم بدايته بصوت أحد الشباب أمام المطار في انتظار شادي وهو يدندن: "الغربة اتركوها وتعوا.. فلسطين العيشة طبيعية.. واشتقنا يا حبايبنا ومهما يصير يا حبايب راح نتلاقى سوا...".
تسيطر على الفيلم الأجواء الحميمة والعائلية، حيث يركز على الجلسات العائلية، بين شادي وأشقائه وبينه وبين أصدقائه، ووالدته، وأيضاً جلسات المرح والعزف المسائية.
يتميز الفيلم بأنه لم يُركز على أي دمار أو صور مشوهة للبلاد، مثل المنازل المنهارة أو القتل والقصف، على الرغم مما حدث لها من تدمير وإبادة، بل يرتكز بصورة أكبر على شاعرية المكان، ومفردات الوحشة والغربة، لكنه لم يتجاوز تضاد الثنائية الأَم في عنوانه، وأنها مجرد إجازة، ولا يمكن لها أن تكون غير ذلك، حتى وإن جاءت بعض الأحيان رغبة إلى شادي في الاستمرار في فلسطين ولكنه يُحاط بالإحباط، ومواجهة توقعات من حوله، حيث تريد والدته أن يتزوج من فتاة فلسطينية، ويعتبر شقيقه، وهو سجين سياسي سابق، منفاه خيانة للعائلة والنضال.
وعلى الرغم من حياة شادي في فرنسا، إلا أنه لم ينعزل عن قضيته الأم، فهو باستمرار يحاول حضور مظاهرات دعم القضية في المدن الفلسطينية، ودعم المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال بالحديث عن حقها في الدفاع عن أرضها، كما شارك في المظاهرات أثناء وجوده في بلده.
يطرح الفيلم سؤالاً رئيسيًا بين شادي وشقيقه الذي تعرض للسجن في سجون الاحتلال، وهو "هل السفر خيانة؟"، حيث يدور نقاش حاد بين الأخوين، حول من هو المقاوم الفعلي ومن يستحق العيش في هذا البلد، من نجا بنفسه وترك أهله ووجد ملاذًا آمنًا في بلاد أخرى، حتى وإن استمر في دعم المقاومة والمشاركة في التظاهرات السلمية، أم من أراد الحياة في بلده المحتل دون أي تخلي، ومستعد أن يقاوم ليعيش فيها حتى آخر نفس لديه.
وهذا السؤال يعبر عن انقسام داخلي لدى شادي، الذي يشعر أن حياته مزدوجة، ويقولها في الربع الأخير من الفيلم أثناء تجهيزه الحقائب قبل السفر، "بعيد عن بلدي بتنفس الحرية...".
وتضم مشاهد النهاية لحظات الوداع والحب التي يتبادلها شادي مع عائلته، ولقطات واسعة لشكل الضفة والأشجار والمنازل والأسلاك الشائكة.