صدرت مؤخرًا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، رواية "واحد من أولادنا" للروائية والكاتبة الأمريكية ويلّا كاثر، ترجمة إيزابيل كمال، وذلك ضمن إصدارات الهيئة في سلسلة آفاق عالمية.
تدور أحداث الرواية حول الشاب الأمريكي "كلود ويلر" الذي نشأ في ولاية نبراسكا أوائل القرن العشرين وسط أسرة ميسورة، لكنه ظل يعاني من شعور دائم بعدم الرضا والانتماء. ورغم محاولاته للخروج من المسار التقليدي الذي فرضته عليه عائلته، من التعليم الديني إلى إدارة مزرعة الأسرة، اصطدمت رغباته دومًا بسلطة الأب وقيم المجتمع المحافظ. زواجه من "إنيد" لم يمنحه الاستقرار، إذ هجرته وسافرت إلى الصين، تاركة خلفها حياة فاترة بلا معنى.
وفي خضم الحرب العالمية الأولى، وجد كلود في المعركة مهربًا من قيوده، وسبيلًا لتحقيق ذاته، لتتحول الحرب إلى المساحة الوحيدة التي شعر فيها أنه ينتمي إليها حقًا.
جاء في تقديم الرواية: لا تمثل هذه الرواية واحدة من أجمل ما كتبته ويلّا كاثر فقط، بل من أفضل الروايات على مستوى العالم عامة، شبعتها الكاتبة بالمشاعر الإنسانية والأفكار والأحداث، ورسمت شخوصها رسمًا واضحًا، كما هي عادتها في كل ما كتبته، لكنها في هذه الرواية تفوقت على نفسها.
أرادت ويلّا كاثر في هذه الرواية أن تخبرنا عن الحرب العالمية الأولى.. عن الحرب بين بني الإنسان على هذا الكوكب، حكت لنا كيف يدفع الشباب حياتهم في أوج الشباب ثمنًا لصراع ليس لهم فيه ناقة ولا جمل، تُعد رواية مناهضة للحرب وداعية للسلام بين بني البشر.
ومن أجوائها: "أدركت من خطواته، وكتفيه، والطريقة التي يرفع بها رأسه أن اللحظة قد حانت، وأنه ينوي أن يجعلها قصيرة، نهضت، وتقدمت نحوه فاتحة ذراعيها بينما اقترب منها وأخذها بين ذراعيه، ابتسمت ابتسامتها الصغيرة الحميمية الغريبة، وعيناها نصف مغمضتين.
تمتمت: حسنًا، هو الوداع إذن؟ مرت بيديها على جسده بدءًا من كتفيه، ونزولًا إلى ظهره القوي وجانبي سترته المحكمة عليه، كما لو كانت تحفظ هيئته وتأخذ مقاساته، وقف كلود ينظر إليها دون أن يفتح فاهه بكلمة واحدة، فجأة احتضنها بذراعيه بقوة حتى كاد يسحقها.
همس وهو يقبلها: "أمي!" هبط السلالم جريًا وخرج من المنزل دون أن ينظر خلفه. بذلت مجهودًا مضنيًا لتنهض من على الكرسي الذي غاصت فيه وسارت بصعوبة بالغة إلى النافذة، تراجعت على عتبة النافذة، ممسكة صدغيها بكلتا يديها، وانخرطت في كلمات عاطفية مختنقة، قالت وهي تبكي: "يا عيوني العجوزة، لماذا تخونيني؟ لماذا تخذلينني في آخر مرة أرى فيها ابني الرائع!".
ولدت ويلّا كاثر عام 1873، واشتهرت بأعمالها التي تجسد حياة الرواد في السهول الكبرى بالولايات المتحدة. من أبرز رواياتها "يا رواد" و"أغنية القنبرة" و"صديقتي أنتونيا"، "واحد من أولادنا"، "منزل البروفيسير"، "عدوي اللدود"، وغيرها من الروايات والمجموعات القصصية، حيث عبرت من خلالها عن صراعات الإنسان مع الطبيعة والمجتمع. حازت على جائزة بوليتزر عام 1923، كما نالت في عام 1944 الميدالية الذهبية في الأدب من المعهد الوطني الأمريكي للفنون والآداب، قبل أن تفارق الحياة عام 1947.
الرواية صدرت بإشراف الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف نائب رئيس الهيئة، ضمن إصدارات الإدارة العامة للنشر الثقافي برئاسة الكاتب الحسيني عمران، التابعة للإدارة المركزية للشؤون الثقافية برئاسة الشاعر د. مسعود شومان.
سلسلة آفاق عالمية تُعنى بنشر الأعمال المترجمة إلى اللغة العربية في الأدب والنقد والفكر من مختلف اللغات، رئيس التحرير د. أنور إبراهيم، مدير التحرير جمال المراغي، سكرتير التحرير مها عبد الرازق، الإخراج الفني د. إنجي عبد المنعم، وتصميم الغلاف وسام سامي.