ناشران بيلاروسيان يفوزان بجائزة فولتير لعام 2025 من الاتحاد الدولي للناشرين

نشر في: الثلاثاء 3 يونيو 2025 - 9:41 ص
آخر تحديث: الثلاثاء 3 يونيو 2025 - 10:12 ص
منى غنيم

• الجائزة تهدف لتكريم الأشخاص الذين فقدوا حياتهم أثناء دفاعهم عن حرية التعبير وتخليد ذكراهم
• «دار الشروق» تنضم لقائمة الرعاة الرسميين للجائزة هذا العام

حصل كل من الناشرين البيلاروسيين ناديا كاندروفيتش (من دار كوسكا) وديمتري ستروتسيف (من دار هوخروث مينسك) في الثاني من شهر يونيو الجاري على جائزة "فولتير" لعام 2025، التي يمنحها الاتحاد الدولي للناشرين، وذلك خلال حفل توزيع الجوائز المقام ضمن منتدى التعبير العالمي (WEXFO) في مدينة ليلهامر النرويجية.

وقد تم تكريم الناشرين، المقيمين في المنفى حاليًا في بولندا وألمانيا، تقديرًا لإصرارهما على مواصلة النشر رغم ما تعرضا له من تهديدات ومضايقات، واضطرارهما في نهاية المطاف إلى مغادرة بيلاروسيا.

وصرّح رئيس لجنة حرية النشر التابعة للاتحاد الدولي للناشرين، كريستين إينارسون، قائلًا: "دائمًا ما يكون لدينا أعمال قوية مرشحة في القائمة القصيرة للجائزة كل عام"، وأضاف: "قد شملت جوائزنا عبر السنين مختلف مناطق العالم، مما يؤكد أن حرية النشر تواجه تحديات في كل مكان"، وتابع: "لقد تلقينا هذا العام عددًا مقلقًا من الترشيحات، وبرغم من أن قصص أصحابها تكون مجهولة على الأغلب خارج بلدانهم الأصلية، إلا أن شجاعتهم العظيمة تساهم في إيصال أصواتهم إلى العالم"، وأكد إن استمرار الفائزين بنشر أعمالهم من المنفى نتيجة تمسكهم بحرية النشر هو أمر يستحق الاحترام والتقدير.

وأرسلت ناديا كاندروفيتش رسالة بسبب عدم تمكنها من حضور الحفل، جاء فيها: "أشكركم بشدة على هذا الشرف العظيم بمنحي جائزة فولتير"، وقالت أيضًا: "إن هذا التقدير لا يؤكد فقط أهمية نشر وترجمة كتب الأطفال، بل يرسخ أيضًا الإيمان بالقوة الناعمة للكلمات في تشكيل العقول، ووئام القلوب، وبناء جسور بين اللغات والثقافات والأجيال"، وأضافت: "نحن نؤمن أن حتى أصغر القرّاء سنا يستحقون قصصًا تنطق بالحقيقة، وتغذي الخيال، وتوفر لهم مرآة أو نافذة تطل على العالم".

وتابعت: "هذه الجائزة تخص كل المترجمين والناشرين والكتّاب الذين يواصلون عملهم بكد رغم كل الظروف المحيطة ، وتخص أيضًا كل طفل يحب أن يقرأ أو يستمع إلى قصة قبل النوم من والديه، وكل والد أو والدة يؤمنان بالأثر الكبير الذي يحدثه الكتاب الجيد في وجدان الطفل".

وحضر ديمتري ستروتسيف الحفل وألقى كلمته باللغة البيلاروسية، وقال فيها: " لقد ارتحلت صوب الغرب في مارس 2022 محملًا بحقيبة صغيرة واحدة فقط حين كنت أفر من الاضطهاد السياسي، وفي ذات الوقت كنت أستعد لمهمة جديدة؛ ألا وهي استخدام خبرتي التي تمتد لثلاثين عامًا في مجال النشر لتأسيس دار نشر بيلاروسية حرة في المنفى"، وأضاف: "أما اليوم، فهناك نحو ثلاثين دار نشر بيلاروسية استأنفت نشاطها في المنفى، ونحن جميعًا على اتصال وثيق ببعضنا البعض"، وتابع: "لقد صرنا مجتمع نشر حر بحق".

ثم توجه بالشكر للاتحاد الدولي للناشرين على منحه جائزة "فولتير" ووصف فوزه بـ "الدعم الهام للمقاومة الديمقراطية في بيلاروسيا"، وبكونه "دعوة مفتوحة للناشرين البيلاروسيين المستقلين للانضمام إلى الأسرة العالمية للنشر."

وقالت رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين، جفانتسا جوبافا: "إن موضوع منتدى هذا العام - عام المقاومة - يلامسني بشكل خاص"، وأضافت: "نحن جميعًا شخصيات فاعلة في قصة المقاومة ضد إسكات حرية التعبير"، وتابعت: "يجسد الفائزون بجائزة فولتير لعام 2025 الشخصيات المركزية في قصة المقاومة، ورغم ما يواجهونه من مخاطر شخصية جسيمة، إلا أنهم يظلون مصدرًا للإلهام والأمل وحَملة للثقافة"، ووصفت الاحتفاء بهؤلاء الشخصيات الفاعلة بـ "الشرف الكبير".

يُذكر أن ناديا كاندروفيتش وديمتري ستروتسيف هما ثاني وثالث فائزين من بيلاروسيا بجائزة "فولتير"، بعد إيجار لوجفيناو الذي نال الجائزة عام 2014، كما أُدرجت دور نشر بيلاروسية مستقلة - دون تسميتها لدواعٍ أمنية - في القائمة القصيرة عام 2021، وكذلك أُدرج الناشر أندري يانوسكيفيتش في عام 2024، وقد فاز الأخير بجائزة حرية النشر الدولية من اتحاد الناشرين الأمريكيين في نفس العام.

وتفرض الحكومة البيلاروسية على دور النشر الحصول على ترخيص رسمي لممارسة نشاطها، لكنها غالبًا ما تمنع تسجيل الدور المستقلة أو ترفض منحها الترخيص، ومنذ عام 2020، صعّدت الحكومة من حملاتها الرقابية ضد دور النشر التي تعزز الهوية واللغة والتاريخ البيلاروسي، أو تلك التي تنشر نصوصًا باللغة البيلاروسية.

وتُمنح جائزة "فولتير" للناشرين — سواء كانوا أفرادًا أو مجموعات أو مؤسسات — ممن نشروا أعمالًا مثيرة للجدل تحت ضغوط أو تهديدات أو مضايقات من قِبَل سلطات حكومية أو جهات خاصة، أو لمن لهم سجل حافل في الدفاع عن حرية النشر والتعبير، وتشمل الجائزة الأفراد أو الكيانات التي تتيح للآخرين إيصال أفكارهم كتابةً بما في ذلك عبر المنصات الرقمية.

وتبلغ قيمة الجائزة 10,000 فرنك سويسري، ولها مجموعة مميزة من الرعاة من دور النشر والمنظمات التي تشارك الاتحاد الدولي للناشرين قيم الجائزة، وقد انضم إلى قائمة الرعاة هذا العام خمس جهات جديدة؛ ألا وهي دار الشروق ودار المصرية اللبنانية من مصر، ودار تشانجبي، ودار نوون مونجو، ودار ساويبيونجنون من كوريا الجنوبية، لتنضم بذلك إلى قائمة الرعاة الدائمين وعلى رأسها ألبرت بونييرس فورلاج من السويد، ودار سي. إتش. بيك من ألمانيا.

وأسست ناديا كاندروفيتش دار "كوسكا" عام 2018 في بيلاروسيا، بهدف توفير أدب أطفال باللغة البيلاروسية يعزز حرية التفكير والتحرر من القمع، وقد تعرضت الدار بعد الانتخابات الرئاسية في 2020 لمصادرة منشوراتها ولتهديدات متفرقة بإغلاق مكاتبها وذلك في سوق يهيمن عليه النشر باللغة الروسية والقمع الحكومي الصارم، وبرغم ذلك واصلت "كاندروفيتش" عملها من المنفى منذ عام 2022 ، مستمرة في إيصال كتبها للأطفال في بيلاروسيا.

أما ديمتري ستروتسيف، فهو شاعر وناشر وناشط حائز على عدة جوائز أدبية واصل نشاطه في النشر سرًا متحديًا الرقابة الحكومية بعد أن فقدت دار النشر التي أسسها "فينوجراد" ترخيصها، وقد تم اعتقاله في أكتوبر 2020، وتعرض لاحقًا للتهديدات والمضايقات في عمله، ما اضطره إلى الهجرة إلى برلين، حيث أسس دار "هوخروث مينسك" لنشر أعمال الكتّاب البيلاروسيين والمنفيين بحرية.

وقد تم الإعلان عن القائمة القصيرة للجائزة في مهرجان الكتاب بباريس في 11 أبريل 2025، وضمت دور النشر الآتية، بالإضافة لداريّ النشر الفائزين : "دار الرافدين" اللبنانية التي أسسها الناشر محمد هادي في بيروت عام 2004، والذي أطلق "جائزة الرافدين للكتاب الأول" لدعم الكتّاب الشباب، وهو يواصل عمله في بيئة عالية الخطورة في ظل النزاعات المسلحة، رغم تعرّض مكتب الدار الرئيسي للتفجير الكامل في أكتوبر 2024، ودار "فرانز فانون" الذي شارك في تأسيسها الكاتب والصحفي الجزائري عمار إنجراشين، وقد نشرت الدار كتاب "الجزائر اليهودية" عام 2023 ما أدى إلى وضعه تحت الرقابة القضائية، ثم إغلاق الدار لمدة ستة أشهر في يناير 2025، ودار "إنترلينك" للنشر التي أسسها ميشيل موشابك، وهو كاتب وناشر وموسيقي أمريكي من أصل فلسطيني أسس تلك الدار التي تُعنى بنشر الأصوات المهمشة وتعزيز الفهم الثقافي، حيث تنشر الدار سنويًا كتابًا إنسانيًا يتم التبرع بعائداته لإحدى القضايا النبيلة، بالإضافة إلى دار "رسائل الحرية" التي تتحدى الرقابة من خلال إيصال الكتب لروسيا بوسائل متعددة والتي أسسها الصحفي الروسي جيورجي أوروشادزه عام 2023.

وتُمنح هذه الجائزة بشكل استثنائي من قِبَل لجنة حرية النشر تكريمًا لأشخاص فقدوا حياتهم أثناء دفاعهم عن حرية التعبير، إما بالقتل أو الإعدام أو الوفاة في السجن، وتهدف الجائزة إلى إبراز نضال هؤلاء الأفراد وتخليد ذكراهم، ودعم ذويهم إن لزم الأمر، لضمان عدم نسيان قضيتهم، وفاز بها العام الماضي الناشر الفلسطيني سمير منصور تقديرًا لجهوده في الدفاع عن حرية النشر والتعبير في ظل ظروف صعبة في قطاع غزة، كما مُنحت الجائزة الخاصة للكاتبة الأوكرانية الراحلة فيكتوريا أميليانا، التي قُتلت في يوليو 2023 نتيجة قصف روسي في منطقة دونيتسك أثناء توثيقها لجرائم الحرب.

وتأسس الاتحاد الدولي للناشرين عام 1896، ويُعد أكبر اتحاد عالمي لجمعيات الناشرين وهدفه تعزيز وحماية حرية النشر، ورفع الوعي بأهميته كقوة اقتصادية وثقافية واجتماعية، ويتعاون الاتحاد مع منظمة "الويبو" وغيرها من الهيئات الدولية، ويدافع عن مصالح النشر على المستويين الوطني والدولي، ويعارض الرقابة، ويدعم حقوق النشر، وحرية النشر، ومحو الأمية.

قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك

بوابة الشروق 2025 - جميع الحقوق محفوظة