x قد يعجبك أيضا

الشرق الأوسط اليوم.. مشاهد أخرى

الجمعة 25 أبريل 2025 - 7:20 م

 

بحسابات اليوم، تشتعل الصراعات العسكرية والحروب الأهلية وأعمال العنف فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، فى جنوب لبنان، فى مناطق مختلفة فى سوريا، فى اليمن حيث تواصل الولايات المتحدة الأمريكية حملتها للقضاء على صواريخ ومسيرات الحوثيين، فى السودان بسبب القتال الدامى بين الجيش الوطنى وميليشيات الدعم السريع وميليشيات أخرى. بحسابات اليوم، إذا، يعد الشرق الأوسط من أكثر مناطق العالم معاناة من الدماء والدمار وأزمات النزوح واللجوء والأوضاع الإنسانية المتردية.

بحسابات اليوم أيضا، تتورط فى صراعات وحروب الشرق الأوسط دول وجيوش وميليشيات وقوى خارجية فى تنوع يحد من الفرص الفعلية للتسويات والحلول السلمية. ويزيد من صعوبة الأمر ضعف المؤسسات والأدوات الدبلوماسية متعددة الأطراف وغياب ترتيبات الأمن الجماعى التى تمكن فى أقاليم ومناطق العالم الأخرى من احتواء الصراعات وإنهاء الحروب.

غير أن هذا المشهد الصادم للشرق الأوسط يحجب مشاهد أخرى تبرز التواصل والتعاون العابرين للحدود بين شعوب ودول المنطقة، مشاهد تدلل على أن الصراعات والحروب ليست اختيار الناس وربما ليست قدرا محتوما إن توفرت لدى حكومات الدول الإرادة السياسية الإيجابية.

• • •

فعلى سبيل المثال، ومع أن منطقتنا لا تتشابه مع الاتحاد الأوروبى الذى يضمن لمواطنيه حريات السفر والعمل والعيش دون اعتبار للحدود بين دوله، إلا أن الشرق الأوسط يشهد تصاعدا مطردا فى تنقل الناس عبر الحدود إن لأسباب العمل والسياحة أو لأسباب تتعلق بالزواج العابر للحدود. وفقا لبيانات ٢٠٢٢، توافد على زيارة البحرين ما يقرب من ٩ ملايين مواطن سعودى وأكثر من ٧٠٠ ألف مواطن كويتى وحول ١٠٠ ألف مواطن إماراتى وأقل من ذلك بقليل من مواطنى عمان وقطر. وفى المقابل، توافد على زيارة السعودية فى ٢٠٢٢ أكثر من ٣ ملايين من البحرينيين وأكثر من مليونين من مواطنى الكويت وأقل من ذلك بقليل من الإماراتيين والقطريين ثم أهل عمان بما دون النصف مليون. كما شهدت قطر رواجا لزيارتها من قبل مواطنى الخليج الآخرين، حيث قدمها أكثر من نصف مليون سعودى فى ٢٠٢٢ وحول ١٠٠ ألف من الكويت ومثلهم من البحرين وعمان وما يتجاوز ٦٠ ألفا من الإماراتيين. أما عمان فزارها فى نفس العام من السعوديين حول ١٠٠ ألف ومن كل من الإماراتيين والقطريين أكثر من ٥٠ ألفا ومن كل من مواطنى الكويت والبحرين ما يقرب من ٤٠ ألفا، بينما شكلت الكويت فى ٢٠٢٢ نقطة جذب لزيارة نصف مليون سعودى وأكثر من ٢٠ ألفا بقليل من مواطنى البحرين وقطر.

ولأن الأمر لا يقتصر على الحركة العابرة للحدود بين مواطنى الخليج، تظهر بيانات ٢٠٢٢ أن ما يقرب من مليونين ونصف من المصريين زار السعودية بينما وفدها أكثر من مليون ونصف من مواطنى الأردن وما يقرب من ٧٠٠ ألف من اليمنيين والعراقيين وحول ٢٥٠ ألفا من المغاربة و١٠٠ ألف من الإيرانيين. وإذا كان ارتفاع أعداد المترددين على السعودية يمكن أن يفسر إن بأداء المسلمين للشعائر الدينية فى الأراضى المقدسة أو بالفرص المتاحة لغير المواطنين فى سوق العمل السعودى، فإن أعداد زائرى دول الخليج الأخرى من غير الخليجيين تثبت أن الحركة العابرة للحدود فى الشرق الأوسط لها خلفيات متنوعة. فقد وفد قطر فى ٢٠٢٢ ما يزيد عن ٥٠ ألفا من المصريين وذهب مثلهم إلى عمان، والأخيرة زارها فى نفس العام أكثر من ٥٥ ألفا من مواطنى إيران وما يقرب من ٢٠ ألفا من كل من الأردن ولبنان وسوريا. أما الكويت، فتواجد بها ولأسباب مختلفة فى ٢٠٢٢ ما يقرب من ربع مليون مصرى وما يصل إلى ١٠٠ ألف سورى و٥٠ ألف أردنى و٣٠ ألف لبنانى وحول ١٥ ألفا من الإيرانيين.

• • •

وبعيدا عن الخليج الجاذب لغير مواطنيه لمستويات المعيشة الأعلى والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الأفضل من بقية الشرق الأوسط، فإن أرقام الحركة العابرة للحدود تدلل أيضا على انخراط شعوب المنطقة مع بعضها البعض بصورة متصاعدة. فى ٢٠٢٢، جاء إلى مصر حول ٨٠٠ ألف من السعوديين و٦٥٠ ألفا من مواطنى إسرائيل و٣٠٠ ألف من ليبيا و٢٢٥ ألفا من أهل فلسطين و٢٠٠ ألف من كل من مواطنى الكويت والأردن وحول ١٠٠ ألف سورى و٧٠ ألفا من اللبنانيين وما يقرب من ٥٠ ألفا من العراقيين والأتراك وما دون ذلك بقليل من مواطنى البحرين وعمان وتونس والجزائر والمغرب. بينما لم تسجل الإحصاءات الحكومية المصرية أو الإحصاءات الدولية أعداد القادمين من اليمن أو السودان فى نفس العام، على الرغم من ارتفاعها النسبى نظرا للأوضاع الداخلية غير المستقرة فى البلدين وارتباطهما التاريخى بالمحروسة. أما الأردن، فزارها من السعوديين ولأسباب السياحة والعلاج وأمور أخرى ما تجاوز ٨٠٠ ألف ومن الفلسطينيين لأسباب تتعلق بالروابط الخاصة بين الشعبين ما يقرب من ٦٠٠ ألف ومن حاملى جوازات السفر الإسرائيلية ما لا يقل عن ١٧٠ ألفا ومن السوريين الذين ارتحل منهم الكثير خلال سنوات الحرب الأهلية إلى ملاذات شرق أوسطية حول ربع مليون مواطن. وجاء بعد هذه الجنسيات فى قائمة زوار الأردن المصريون بما يقرب من ٢٠٠ ألف من العمالة البسيطة ومتوسطة التأهيل والسائحين ثم العراقيون بعدد يتخطى ١٥٠ ألفا، ومن وراء المصريين والعراقيين وبأرقام متفاوتة حضر أهل الكويت ولبنان والبحرين وعمان وتركيا والإمارات وقطر وليبيا تراوحت بين حول ٨٠ ألفا من الكويت و١٢ ألفا من الليبيين. وتكررت ذات الصورة بالغة التنوع فيما خص لبنان التى يعمل بها المصريون ويفدها الإيرانيون والعراقيون والأردنيون والأتراك لعديد الأسباب ويصلها الخليجيون للسياحة والدراسة وغيرها ويتواجد بها السوريون كوجهة ارتحالهم الأساسية، وحيث تتراوح الأعداد المسجلة فى ٢٠٢٢ بين ما يتجاوز مليون ونصف من السوريين و١٥٥ ألفا من العراقيين و٤٠ ألفا من المصريين وبين ٣٠ ألفا من مواطنى الأردن وتركيا.

• • •

على الرغم من عديد الأزمات السياسية، لم تخرج إيران من دائرة الزيارات العابرة للحدود فى الشرق الأوسط حيث وفدها فى ٢٠٢٢ ما يقرب من مليونين من العراقيين وأرقام متفاوتة من الخليج وتركيا تتراوح بين ٧٠ ألفا من مواطنى السعودية وحول ٣٠ ألفا من الأتراك. كذلك لم تخرج تركيا من ذات الدائرة حيث حضر إلى أراضيها فى نفس العام ملايين الإيرانيين لأسباب مختلفة ومئات الآلاف من عرب الخليج والعراقيين والمصريين واللبنانيين وأهل المغرب العربى وحول ١٠٠ ألف من مواطنى إسرائيل. واجتذبت إسرائيل فى ٢٠٢٢ ما تخطى ٢٠ ألفا من مواطنى تركيا وما دون خمسة آلاف من المصريين والمغاربة. أما فى المغرب العربى وبعيدا عن ليبيا التى لا تتوفر بشأنها إحصاءات حكومية أو دولية عن وافديها من شعوب ودول الشرق الأوسط، اجتذبت الجزائر فى ٢٠٢٢ ما يقرب من نصف مليون من مواطنى تونس وعشرات الآلاف من المغاربة والليبيين والأتراك (مرتبين عكسيا من حيث العدد). أما المغرب فاقترب عدد القادمين إليها فى ٢٠٢٢ من السعوديين والإسرائيليين من ٧٠ ألفا بينما دارت أرقام مواطنى تونس والجزائر وتركيا بين ٣٠ و٤٠ ألفا وتدنت الأرقام فيما خص المصريين والإماراتيين إلى ما دون ٢٥ ألفا. وأخيرا، شكلت تونس مقصدا حيويا لما يقرب من مليونين من الليبيين ومليون ونصف من الجزائريين و٥٠ ألفا من المغاربة وبضعة آلاف من تركيا والسعودية ومصر وغيرها.

تظهر كافة هذه البيانات والأرقام أن شعوب الشرق الأوسط تتحرك ولأسباب عديدة عبر الحدود بكثافة تعنى أن التواصل والتعاون فى منطقتنا هو أيضا حقيقة قائمة حتى وإن حجبت رؤيتها خرائط الدماء والدمار التى ترتبها الحروب والصراعات المستمرة. بل وتدلل على ذات الحقيقة التى يمكن أن يؤسس عليها السعى إلى ترتيبات للتنسيق والأمن الإقليمى بيانات وأرقام أخرى تتعلق بالتبادل التجارى والاستثمارات بين دول الشرق الأوسط، بل ومعدلات الزواج العابر للحدود بين الشعوب.

 

مقالات اليوم

قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك

بوابة الشروق 2025 - جميع الحقوق محفوظة