x قد يعجبك أيضا

مَن يكسب ومَن يخسر مِن تعديل الدستور؟

الأحد 20 أغسطس 2017 - 9:40 م

سوف نفترض أن المؤيدين للتعديلات الدستورية المتوقعة صادقون فى موقفهم ولا يريدون إلا الصالح العام، وسوف نفترض نفس الأمر بالنسبة للمعارضين وأنهم لا يتخذون هذا الموقف فقط كراهية ومعارضة لنظام الحكم.
وبالتالى، وبعد أن عرضنا فى المقالين السابقين وجهات نظر المؤيدين والرد عليها، فإن السؤال الجوهرى الذى يفترض أن تجيب عنه الحكومة والرئاسة وسائر الأجهزة المختصة هو: إذا كان ما تم هو «جس نبض»، وإذا كان القرار المبدئى هو عرض هذه التعديلات على البرلمان عندما يعود للانعقاد فى بداية أكتوبر المقبل ــ طبقا لما قاله صاحب الفكرة النائب إسماعيل نصر الدين ــ فان السؤال هو: هل حسبتم ودرستم الأمر من جميع جوانبه، وما هى السلبيات والإيجابيات لهذا الاقتراح؟.
مخلصا أقول للحكومة طبقا لما أسمعه من كثيرين فى الشارع ــ ليس من بينهم أى إخوانى ــ إنكم تحتاجون لجهود كبيرة جدا جدا لتقنعوا الرأى العام بأن هذه التعديلات تستهدف مصلحة البلاد والعباد فقط.
الفرضية التى أطرحها على مقدمى التعديلات ومؤيديها هى: أليس هناك احتمال ولو بسيطا بأن ضرر هذه التعديلات قد يكون أكثر من نفعها، وبالتالى ينبغى التروى قبل الشروع فيها؟!
أتمنى أن تطلب مؤسسة الرئاسة من أى مؤسسات بحثية جادة ومهنية أن تجرى لها استطلاعا بين المواطنين حول هذه التعديلات، وأن تطلب من أجهزة الأمن ذات الصلة أن تقدم لها تقارير عن الحالة المزاجية لغالبية المصريين بشأن هذه القضية؟!.
مرة أخرى نعود للتأكيد على أننا لا نناقش أو نجادل فى أنه من حق الرئيس أو خمس أعضاء مجلس النواب، التقدم بطلب إجراء أى تعديلات فى الدستور، الذى هو ليس محصنا أو مقدسا، لكننا فقط نناقش فى أن التوقيت ليس مناسبا سواء للحكومة أو للاستقرار بمعناه العام.
السؤال الجوهرى الذى يفترض أن يشغل الحكومة هو: هل هذه التعديلات إذا تمت ستساهم فى تحقيق الاستقرار، أم بث المزيد من التوتر والانقسام فى المجتمع، والذى نملك منه للأسف الكثير؟!.
المعارضون لديهم اقتناع بأن البلاد تسير فى اتجاه المزيد من الحكم الفردى، والمؤكد أن هذه التعديلات ستعمق وجهة نظرهم، لكن الأخطر هو أنها ستجعل ما بقى من أنصار الحكومة ينصرفون عنها، أو ربما يعودون إلى الجلوس على الكنبة مرة أخرى!.
يقول كثيرون إنه بدلا من قيام الحكومة بتفعيل مواد الدستور الخاصة بتخصيص ١٠٪ من الناتج القومى الإجمالى للصحة والتعليم والبحث العلمى، فإن البعض يقترح إلغاء هذه المواد التى استبشر بها الكثيرون خيرا، لأنها الكفيلة بتحقيق العدالة الاجتماعية بمعناها العملى. يضيف هؤلاء أن الرسالة الوحيدة التى ستصل للكثيرين أن الحكومة تتهرب من السير فى طريق العدالة الاجتماعية، وتعميق المواد الدستورية التى تجعلها تحكم منفردة من دون حسيب أو رقيب.
لا تدرك الحكومة أيضا أن المعارضة نجحت إلى حد كبير فى تشويه صورتها لدى قطاعات شعبية كثيرة بعد تعويم الجنيه، وبدء برنامج الإصلاح الاقتصادى.
المعارضة ربما تفترى على الحكومة فى هذا الملف بسبب حاجة الاقتصاد المصرى إلى الإصلاح الجذرى، لكن تلك هى لعبة السياسة التى تجعل المعارضة تسعى لتشويه الحكومة، خصوصا فى الريف، وقد لمست ذلك بنفسى فى أكثر من مكان خصوصا بالصعيد.
إذًا السؤال مرة أخرى: هل تعتقد الحكومة أن الأمور ستنتهى إذا تم تمرير التعديلات داخل مجلس النواب، وبعدها عبر الاستفتاء الشعبى؟!
الإجابة ببساطة هى أن الحكومة تخطئ كثيرا إذا تصورت ذلك، لأن غضب الناس لا يحدث بين يوم وليلة بل يتراكم فى شهور وسنين، وتلك هى النقطة الأخطر التى لا تحسبها الحكومة بشكل جيد فى العديد من القضايا.
قد يكون الناس عاجزين عن الصراخ أو الغضب، لكن ذلك لا يعنى أن الخطر قد انتهى، بل ربما ينفجر كبركان يطيح فى طريقة بكل شىء.
مرة أخرى أرجو أن يتم حساب الأمر بأكبر قدر من الهدوء والموضوعية والعقلانية.

مقالات اليوم

قد يعجبك أيضا

بوابة الشروق 2024 - جميع الحقوق محفوظة