14ــ أنوار الفقه المالى ــ المال الحلال الطيب (4) - جمال قطب - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 1:54 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

14ــ أنوار الفقه المالى ــ المال الحلال الطيب (4)

نشر فى : الخميس 31 يناير 2019 - 9:00 م | آخر تحديث : الخميس 31 يناير 2019 - 9:00 م

لا يكفى أن يكون مالك من مصدر حلال لا شبهة فيه، فإن المال الحلال يشبه اللحم النيئ لا يمكن أكله قبل إنضاجه وتسويته حتى نستطيع تناوله. وكذلك المال، لا يكفى أن يكون حلالا فلابد أن يطيب (يستوى) ليكون صالحا مستساغا. والمال الطيب هو المال حلال الأصل، ثم استبعدت منه الحقوق حق الله ثم حق «القربى وأولى الأرحام» ثم الحق المعلوم للسائل والمحروم.
ــ1ــ
فأول ما يجب إخراجه من المال الحلال هو «حق الله» (الزكاة والصدقة). أما الزكاة فهى فريضة غير مقدرة عدا وحسابا، بل هى قربى إلى الله وشكر له سبحانه على ما جد به من الرزق فى المال أو الذرية أو الصحة. فالزكاة عطاء دائم غير مقدر حسب كرم النفس. قال تعالى: «...ويسْألونك ماذا ينفقون قل الْعفْو..» أى ما تعفو به النفس. ومما يجب ملاحظته أن القرآن جمع بين الصلاة والزكاة دون شرط. أى دون شرط المال الزائد. فكل مكسب وكل دخل مهما كان حجمه يجب تزكيته لأن هناك حولنا من لا دخل له، ولا قدرة له على الكسب، وهناك من يحاول الكسب ولا يحصل على ما يكفيه، فمثل هؤلاء لهم فى كسبنا اليومى قدر ولو ضئيل من باب شكر الله على تجدد الرزق.
وتتأكد من هذا المعنى أن الله جعل الحج مشروطا بالاستطاعة، وجعل الصيام مشروطا بالإقامة والصحة، أما الزكاة (غير المقدرة) فهى كالصلاة فريضة على الجميع مهما كانت الأرزاق ومهما كان الدخل. أما فريضة المال الكثير فهى الصدقة المقدرة 2.5% لقوله تعالى «خذْ منْ أمْوالهمْ صدقة تطهرهمْ وتزكيهم بها وصل عليْهمْ ۖ إن صلاتك سكن لهمْ ۗ والله سميع عليم»، فيجب الوعى والتفريق بين الفريضة اليومية غير المحددة وغير المقدرة (الزكاة)، وبين الصدقة المفروضة على المال الزائد عن الحاجة، وهى فريضة مقدرة على «وعاء» محسوب، ووقت محدد، ونسبة معينة: 2.5%.
ــ2ــ
أشعر أن المفاجأة شديدة عليك، إذ إنك تسمع كلاما جديدا عليك من ناحية، وترى فريضة قد أصبحت فريضتين هما الزكاة والصدقة. كما أن المفاجأة ثقيلة لأن الزكاة التى أشرت إليها غير مشروطة بالمال الزائد، ولا المال المدخر، بل هى على الجميع مثل الصلاة ــ كما أزعم ــ لأن لفظ الزكاة فى القرآن دائما مقرون بالصلاة دون شروط فهى على الكبير والصغير، وهى على الكسب اليومى كثيرا أو قليلا، وهى تقدم لكل من هم أقل منك دخلا وأكثر حاجة.
ــ3ــ
كذلك فالمفاجأة المزعومة ــ فى تصورنا ــ أن لفظ «الصدقة» يعده كثير من الناس على اعتباره سنة طوعية من قبيل التبرعات. والحقيقة أن التطوع والتبرع يستحب أن يسمى «نفلا»، فكل ما يزيد عن الفريضة يسمى نافلة حتى لا تتشابه المصطلحات.
ــ4ــ
وأحب هنا أن نعقد مسابقة فكرية حول تعبير «حق الله».. ذلك التعبير الذى استعمله بعض العلماء منذ القدم. وموضوع المسابقة سؤال هو:
إذا كانت الزكاة والصدقة هما حق الله ــ كما يقولون ومقدارها 2.5%، فيا ترى 97.5% الباقية حق النفس!!! يفعل بها ما يشاء؟
يتبع

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات