أكاد أجزم أنك ستجد مفتاح التعامل مع تسعين في المئة من أسئلة المقابلات الشخصية في هذا المقال من دليل الشاب المجتهد. ويمكنني بثقة أن أقول إنك لو قرأته واستوعبته جيدا ستكون قد قطعت شوطا طويلا في طريقك إلى وظيفة الأحلام، خاصة إذا كنت على بداية الطريق.

في معظم الشركات الكبرى التي تبحث عن موظفيها بشكل مهني، تتشكل لجنة إجراء المقابلات الشخصية عادة من أكثر من شخص. أسئلتهم تغطي جوانب ربما تفاجأ لو قلت لك إن خمسة وسبعين في المئة من منها لا علاقة له بالتوظيف بشكل مباشرة. وهي متشابهة بين الوظائف إلى حد كبير سواء أكنت مهندسا أم صحفيا، عدد الأسئلة المتعلق بمهنتك سيكون أقل بكثير مما تتصور. أغلب الشركات لا يركز على الجوانب المهنية بالضرورة والتي تقيم خبرتك فيها ربما من خلال اختبارات نظرية سابقة أو من خلال شهادة الدراسة أو شهادات الخبرة. ما تبحث عنه الشركات كثيرا هو شباب في بداية الطريق تكون لديه القدرة على التطور والنمو والتعلم، وما تقضي لجان الاختيار وقتا في مناقشته معك هو ما يترجم حرفيا بـ "المهارات الطرية" أو Soft skills

تولى الشركات الكبرى أهمية كبيرة لمهارات مثل: العمل بشكل متعاون كفرد في فريق، التعامل مع الشخصيات الصعبة، الإتيان بحلول إبداعية وخلاقة، القدرة على التصرف عند مواجهة صعوبات غير متوقعة، القدرة على تحمل الضغط، المهارة في تحديد الأولويات وإنجاز العمل في الوقت المحدد تحت كل الظروف.

الأهم بالطبع من معرفة الأسئلة سيكون التعرف على أفضل سبل إجابتها. خاصة أنها الأسئلة التي يخفق كثيرون في التعامل معها اعتقادا منهم بأنها "لغو" أو "هري" أو "ضحك على الدقون" ويتعقد الأمر بانتشار اعتقاد بأن تصوير المتقدم كشخصية مثالية بلا مشاكل قد سيثير إعجاب اللجنة.
من أسوأ الإجابات التي كنت أسمعها عندما يسأل المتقدم عن كيفية تعامله مع الشخصيات الصعبة مثلا، هي تلك التي يقول فيها المجيب أشياء مثل: "أقدس جو العمل المتناغم ولم يحدث قط أنني واجهت مشاكل مع أحد". كنت دائما محظوظا لأنني لم أعمل قط مع أية شخصية غريبة أو صعبة"."أجيد التعامل مع مختلف الشخصيات، ولدي قدرة هائلة على استيعاب الآخرين ولذا لم يحدث أن صادفتني أية مشاكل في العمل".

مفتاح الإجابة الصحيحة عن أي من الموضوعات التي لمستها في الفقرة قبل السابقة هو في الانتقال من الفكرة النظرية إلى التدليل على مهارتك بمثال عملي من خبراتك. تحدث مثلا عن كيفية التعامل مع زملاء العمل بشكل عام، أو مع بعض الشخصيات الصعبة. لكن الأهم أن تختر مثالا وقصة حقيقية من شخص قابلته في محيط العمل، وتحدث عن طبيعة المشكلة التي كانت موجودة معه واسرد كيف تعاملت معها وماذا كانت النتيجة. تذكر زميلا مشاكسا، أو غير متعاون، أو حقودا وتحدث عن المنهج الذي اعتمدته للوصول معه إلى علاقة متوازنة وبناءة في محيط العمل. هل تجاهلت تصرفاته ومددت له يد المعونة عندما احتاجك؟ هل دعوته للغداء وصارحته بأن الأمور بينكما لا يمكن أن تستمر على هذا المنوال ثم وصلت معه لاتفاق على كيفية التعامل البناء؟
تجنب اختلاق الحكايات. ليس المطلوب أن تكون مثاليا كما أن طريقتك في حل مشاكل علاقات العمل قد لا تنجح دائما، والحل الذي وصلت له في قصتك ربما لم يستمر طويلا. المهم أن تكون واقعيا وصادقا وأن تقتنع اللجنة أنك "خامة" جيدة للتطور المهني والتعامل الإنساني.

السر الأهم الذي أود أن أفضي به إليك هنا، هو كيفية توقع المهارات التي قد تسأل عنها في المقابلة. هذه بسيطة جدا! إرجع إلى الإعلان المنشور عن الوظيفة. في أغلب الأحيان إن لم يكن كلها، ستجد كل المهارات الناعمة المطلوبة والتي ستسأل عنها في المقابلة الشخصية في سياق وصف ما هو مطلوب. اكتبها واحدة واحدة، وقبل أن تذهب للقاء اللجنة فكر كيف ستدلل في المقابلة الشخصية على امتلاكك لكل منها. استحضر لكل واحدة حكاية أو واقعة تدلل بها على حسن تصرفك، أو على مهاراتك الإبداعية، أو على قدرتك على إيجاد الحلول للمشاكل الطارئة وابهر اللجنة بحضورك وإجابتك الواثقة.
حظا سعيدا

إقرأ الأجزاء السابقة من السلسلة:

دليل الشاب المجتهد1 
دليل الشاب المجتهد2 
دليل الشاب المجتهد3 
دليل الشاب المجتهد4

دليل الشاب المجتهد5

دليل الشاب المجتهد6