روحنا تحب الحرية - جورج إسحق - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 7:45 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

روحنا تحب الحرية

نشر فى : السبت 30 يونيو 2018 - 9:45 م | آخر تحديث : السبت 30 يونيو 2018 - 9:45 م

تُعد الحرية من أهم الحقوق التى يجب أن يتمتع بها أى إنسان، وهى حق ثابت ومتجذر لجميع البشر؛ فليس لأحدٍ أن يتجرأ على حرمان آخر منها، أو إنقاصها، أو تحديدها فهى غير قابلة للتصرف، كما أن الحرية تُشعِر الفرد بأهمية دوره، بل بفعالية وجوده، واكتمال إنسانيته، والحرية لا تقتصر على اختيار الإنسان لمأكله، ومشربه، وطبيعة لباسه، ومكان عمله؛ فذلك يعد من أبسط مظاهر الحرية التى يمكن التحدث عنها، وإنما تمتد لما هو أقيم وأسمى وهى حرية الفكر والتعبير عن الرأى، والحق فى الاختلاف، وغيرها من صور وأشكال الحريات.
فكيف نعيش فى بلد ونحن محاصرون فيه، مراقبون طوال الوقت، 24 ساعة تحت المراقبة، هواتف مراقبة، محادثات مراقبة، أحزاب مخترقة، كاميرات تتسلل لتلتقط لك صورة فى مختلف المجالات والأكثرها خصوصية بحجة أنك شخصية عامة، فيا لها من كلمة أصبح استخدامها مبتذلا وخاصة من أجل تبرير ما تناله الشخصيات العامة من انتهاكاتوآخرها الاعتداء على حفل إفطار القوى السياسة المدنية.
وشتان الفرق وأنت تطير خارج حدود البلاد وتشعر أنك حر غير مراقب، تشعر بعمق النفس الذى يخرج منك، تشعر وكأنك طائر تستمتع بكل مظاهر الحرية التى من المفروض أن تكون حقك فى بلدك ولكنها غير متوفرة، ما أجمل أن تهرب من المراقبة اليومية داخل بلدك للحرية المطلقة خارج حدود بلدك! وما أصعب أن تعود للمراقبة بعد أن تذوقت مذاق الحرية الكاملة وأنت بكامل قواك العقلية لأنه القدر فلابد من العودة للوطن مهما حلقت فى أجواء بلدان مختلفة!
ولكن هل وجودك خارج جدران الوطن يبعدك من أن تصطدم بسلبياته خارجا مع نسائم حرية مفتقدة على أرضه؟ أعتقد لا.
***
هل صدمت من أداء فريق المنتخب المصرى فى المونديال المصرى؟ هل المشكلة كانت خطة اللاعب أم اللاعبين وضعف المستوى؟
هل من أسباب الهزيمة زيارة وفد الفنانين واقتحامهم معسكر المنتخب وإقامتهم داخل نفس الفندق وانشغال اللاعبين معهم عن التركيز فى المباريات؟
هل اخطأ من دفع بهذا الوفد؟
قتل كل ذلك قولا وبحثا وكل ما سبق يمكن أن يدرج تحت أسباب كان يجب تداركها ولكن أين الكارثة الكبرى؟
بداية قبل المباراة بنحو 48 ساعة، ظهرت فى بعض وسائل الإعلام المصرية، وجود أزمة فى نقص التذاكر المخصصة لحضور مباراة المنتخب المصرى أمام نظيره الروسى.
وشن بعض الإعلاميين عبر منصات تلفزيونية وصحفية، هجوما شديدا على التنظيم للمونديال، لناحية تخصيص أغلب تذاكر مباراة مصر وروسيا، لصالح الأخير، لضمان زيادة عدد الجماهير الروسية، باعتبارها البلد المنظم. وظلت مسألة غياب التذاكر أزمة شديدة حتى قبل المباراة بنحو 24 ساعة، حتى أن كثيرا من المشجعين المصريين فى روسيا علقوا على هذا الموضوع عبر مواقع التواصل الاجتماعى وكل هذه التدوينات التى انتشرت بجانب أن رأيت ذلك بعينى فى روسيا تؤكد احتمال وجود تلاعب فى مسألة تذاكر مصر خلال مباراة روسيا، إذ إن الاستاد كان مكتظا بالجماهير المصرية، خلافا للتخوفات التى سبقت المباراة، بأن مدرجات مصر ستكون قليلة مقارنة بالمخصصة للجماهير الروسية.
ورأيت بعينى كيف كانت تذاكر المباراة الخاصة باتحاد الكرة المصرى تباع فى السوق السوداء ولا يستطيع أحد تكذيبى لأنى شاهد عيان. فالسبب الرئيسى لهذا الانهيار هو أن منظومة الرياضة فى مصر يسودها الجهل والمحسوبية وليس الكفاءة وينقصها الاحترافية وأيضا تعانى المنظومة احيانا من التمييز الطائفى فى اختيار اللاعبين. ومن أجل كل ما سبق لابد أن يكون هناك وقفة تصحيحية لهذه المنظومة بدلا من اتهام اللاعبين والفريق الفنى.
وهنا يبدو أن الاستغلال وصل لدرجة كبيرة، لناحية بيع تذاكر مخصصة لأسر اللاعبين، بما يعكس احتمال أن أعضاء باتحاد الكرة المصرى، تربحوا جراء بيع تذاكر فى السوق السوداء بأضعاف ثمنها الأصلى.
هذه الممارسات الغريبة من جانب اتحاد الكرة المصرى، يلقى الضوء على طبيعة إدارة اللعبة الأكثر شعبية فى العالم وبالتأكيد فى مصر، إذ يبدو إن الهم الأكبر لأعضاء بالاتحاد تحقيق مصالح شخصية بشكل أساسى، قبل التفكير فى تطوير اللعبة فى مصر، لتنهال الاتهامات للاتحاد من الشعب المصرى، خاصة بعد الخروج المبكر من المونديال.
لا تلوح فى الأفق داخل مصر، وجود نية جادة لدى أجهزة الدولة المختلفة سواء الرقابية أو داخل البرلمان، بالتحقيق فى المخالفات التى انتشرت بشدة؛ إذ يلتزم الجميع الصمت حتى الآن، بانتظار ما تسفر عنه الأيام القليلة المقبلة.
ولكن بعيدا عن التحقيق فى المخالفات، فإن المصريين عبروا عن غضبهم بشدة خلال الساعات الماضية، وسط مطالبات بالتحقيق العاجل والفورى من قبل الجهات الرقابية.
وهنا لن نتحدث عن أخطاء فنية لدى الجهاز الفنى أو اللاعبين فهذا ليس حديثنا وهذا بالنسبة لى يحمل التوفيق أو الإخفاق لا تحومه شبهة أو فساد، فالكارثة تكمن فى الشبهات التى يقال ان بعض أعضاء باتحاد الكرة المصرى تورطوا فيها،وكذلك ما يقال عن التلاعب فى بيع تذاكر المباريات بجانب ما يعتبره كثيرون «إهدارا للمال العام»، من خلال الذين سافروا علي حساب المال العام.
فهل سنسمع قريبا عن وجود تحقيق جاد فيما نشر وفيما رأينا بأعيننا فى روسيا؟
****
وهناك علامة استفهام أخرى غير مفهومة على الإطلاق وأيضا تحوم حولها شائعات ولا أحد يعرف الحقيقة فقد نشرت صحيفة وول ستريت جورنال تقريرا مطولا رصدت فيه المسافات التى سيقطعها كل منتخب خلال مباريات كأس العالم وكتبت الصحيفة الأمريكية أن منتخب مصر يعتبر هو الأول من بين جميع منتخبات كأس العالم الذى قطع وسيقطع مسافات شاسعة من معسكره التدريبى إلى المدن التى ستقام عليها مبارياته فى روسيا حيث يتعين على منتخب مصر أن يقطع مسافة هائلة تصل إلى ٥٢٨٨ ميلا أى ٨٥١٠ كيلومترات خلال المباريات الثلاث الأولى فقط له فى كأس العالم.
فلماذا اختار اتحاد الكرة المصرى مدينة جروزنى بالشيشان معسكرا للمنتخب بعيدا جدا عن المدن التى ستقام عليها مباريات المنافسة الأولى؟
قيل إن السبب فى ذلك هو صفقة سياسية من اتحاد الكرة الذى قبل أن يستضيفه حاكم الشيشان المستبد الذى أراد أن يجمل صورته فاستضاف المنتخب المصرى رغم أن اتحاد الكرة الدولى الفيفا منح اتحاد الكرة المصرى مليونا و 800 ألف دولار للإقامة فأين ذهبت هذه الأموال؟ ومن شوه صورة أيقونة الرياضة المصرية فى هذا الموقف الذى يدان من جميع أنحاء العالم؟
كيف ستتنفس أرواحنا حرية وسط هذا الكم من المراقبة والترصد لحياتنا الشخصية من جانب، والقمع والسجن للآراء المخالفة من جانب، والفساد والمحسوبية وإهدار المال العام من جانب ثالث؟
فهل هناك منقذ لأرواحنا قبل فوات الأوان؟

جورج إسحق  مسئول الاعلام بالامانة العامة للمدراس الكاثوليكية
التعليقات