عمدة موسكو والتحولات الجذرية فى المدينة - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 5:09 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عمدة موسكو والتحولات الجذرية فى المدينة

نشر فى : الخميس 29 نوفمبر 2018 - 10:45 م | آخر تحديث : الخميس 29 نوفمبر 2018 - 10:45 م

نشرت جريدة الإيكونوميست تقريرا عن التحولات الجديرية الذى أحدثها عمدة موسكو «سيرجى سوبيانين» فى المدينة، حيث حولها من وضع سيئ إلى وضع أفضل كثيرا.
على مدار تاريخها الذى يمتد إلى ما يقرب من 900 عام، أطلق على موسكو العديد من المسميات. فكانت فى تقدير «تولستوى» عام 1881 ــ على سبيل المثال ــ مدينة «الرائحة القذرة والحجارة والرفاهية والفقر». كان المسافرون والمقيمون على حد سواء يلاحظون فيها منذ فترة طويلة مزيجًا من البريق والسحر والمقدس والمدنس. ففى الحقبة السوفييتية، كان ينظر إليها على أنها ضخمة ورمادية وبغيضة. وأثناء الازدهار النفطى فى عام 2000، كان ينظر لها باعتبارها مدينة «مبهرجة» ولا يمكن العيش فيها. لكن فى الآونة الأخيرة، انضمت بعض الأوصاف غير المتوقعة إلى القائمة حيث تم وصفها باعتبارها مدينة: ممتعة وفعالة. أو كما أعلن فلاديمير بوتين فى سبتمبر أثناء إعادة تنصيب «سيرجى سوبيانين» عمدة موسكو قائلا: لقد أصبحت موسكو «مضيافة ومريحة».
إن امتنان بوتين لإنجازات سوبيانين هذا حقيقى. حيث إنه خلال فترة انتشرت فيها الاحتجاجات الجماهيرية، وشهدت كسادا اقتصاديا وتوترات دولية، قام السيد سوبيانين بالإشراف المستمر على مدينة يسكنها ما يقرب من عُشر سكان روسيا وتمثل ما يقرب من خمس حصيلة روسيا من الناتج المحلى الإجمالى. منذ تعيينه فى عام 2010، أشرف أيضا على التحول الجذرى الذى شهدته العاصمة منذ عهد ستالين. وبفضل ميزانية تصل إلى 20٪ من إجمالى الإيرادات المحلية، قام بتجديد العديد من المنتزهات، وإعادة بناء مئات الشوارع، وبناء عشرات محطات المترو، وإنشاء خط جديد للسكك الحديدية. كما أن الخدمات العامة قفزت إلى العصر الرقمى. فأصبحت أكبر مدينة فى أوروبا واحدة من أسرع المدن المتغيرة. ويضيف يورى سابريكين، المعلق الثقافى، بأن السيد سوبيانين سوف يتم الحديث عنه مثل «بارون هوسمان»، الذى أشرف على تجديد باريس فى عهد نابليون الثالث.
***
ويضيف التقرير أن هذا التحول الذى أحدثه سوبيانين سوف يعزز من مكانته لدى الرئيس بوتين. وكما قال أندريه كوليادين، الرئيس السابق لقسم السياسة المحلية فى الكرملين: «إنه أحد أعمدة الكرملين». حيث أنه أثناء عمله رئيسا لديوان رئيس روسيا الاتحادية فى 2005 ــ2008، تم ذكر السيد سوبيانين كخليفة محتمل، حيث إن التغيرات التى أحدثها فى موسكو وضعته على القائمة القصيرة للمرشحين لرئاسة الوزراء، فهل كان بوتين فى أى وقت مضى ينوى التخلى عن صديقه القديم، ديمترى ميدفيديف.
فى نظام روسيا المركزى، تلعب موسكو دورًا كبيرًا، حتى بالنسبة لرأس المال، الذى يخدم فى الوقت نفسه كمركز للحكومة، المالية، الإعلام والثقافة. وتحصد المدينة العائدات من الشركات الوطنية الكبرى والموظفين الذين يتقاضون أجورا عالية ومقرها هناك، ما يؤدى إلى اختلال التوازن الذى يولد الاستياء لدى مناطق أخرى.
***
ويضيف التقرير أن رئيس البلدية السابق يورى لوجكوف قد حكم موسكو مثل إقطاعيات القرون الوسطى عام 1992، ما أدى إلى انتشار الفساد؛ حيث انهارت مبان تاريخية، وانطلقت مراكز التسوق المتلألئة وتوقفت حركة المرور. فى هذه الأثناء، أصبحت زوجته «يلينا باتورينا» – المالكة لشركة «انتيكو» التى تحتكر صناعة مواد البناء فى موسكو والمناطق المجاورة لها ــ أغنى امرأة فى البلاد. وتمت إقالته بعد توجيه العديد من الانتقادات اللاذعة له. لقد شرع السيد سوبيانين فى الخروج من عصر لوجكوف. وأضاف إنه يريد «بناء موسكو جديدة مع أشخاص جدد».
وركز العمدة الجديد على التخطيط الحضرى والفضاء العام. وأضاف أنه إذا كان فى العصور السابقة تتقاتل المدن وتتنافس «من أجل الأرض» أو «من أجل المصانع»، إلا أن اليوم يجب أن يقاتلوا «من أجل الناس».. وما هو أقل وضوحا، وإن كان لا يقل أهمية، هو تحديث الخدمات الحكومية. واستخدام العمليات البيروقراطية المبسطة.
ورغم التحولات الجذرية التى أحدثها السيد سوبيانين فإنه تم توجيه العديد من الانتقادات له، فيتحدث النقاد عن أن هذه التغييرات كانت تجميلية. لقد أنشأ شوارع جديدة على حساب انخفاض الإنفاق الاجتماعى. كما أن هدم السيد سوبيانين لأكشاك الشوارع الصغيرة، والخطط المتعجلة لتدمير المساكن القديمة وإعادة توطين السكان، مثلت تجاهلا مقلقا بالممتلكات الخاصة وضرورة الحفاظ عليها. لقد جاءت التحسينات فى جودة الحياة مع وضع قيود أكثر صرامة على الحرية السياسية. ففى انتخابات البلدية هذا العام، كان السيد سوبيانين لا يواجه معارضة فعلية. حيث إن ألكسى نافالنى، السياسى المعارض فى روسيا، أجبر على الانسحاب من أمام السيد سوبيانين فى انتخابات عام 2013، وأمضى يوم الانتخابات خلف القضبان. ويضيف «ليوبوف سوبول» من مؤسسة نافالنى لمكافحة الفساد: «بالتأكيد لدينا مسارات للدراجات، لكن الناس يتعرضون للضرب بالهراوات عليهم».
وعلى الرغم من كل ذلك، فإن الكثير من المفكرين الليبراليين فى موسكو، الذين غالبا ما ينتقدون بوتين بشدة، قد أصبحوا يعترفون بإنجازات السيد سوبيانين على مستوى المدينة. وكما يقول أليكسى فينديكتوف، رئيس تحرير محطة إذاعة صدى موسكو، «أصبح الناس يعترفون أن الأمور كانت سيئة وتحسنت الأوضاع كثيرا».

إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى

النص الأصلى:

التعليقات