التعليم الإلكترونى: من المستفيد ومن الذى يقع عليه الضرر؟ - قضايا تعليمية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 10:16 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التعليم الإلكترونى: من المستفيد ومن الذى يقع عليه الضرر؟

نشر فى : الأحد 26 نوفمبر 2017 - 9:45 م | آخر تحديث : الإثنين 27 نوفمبر 2017 - 12:11 م

نشرت مؤسسة بروكنجز الأمريكية تقريرا للكاتبة «سوزان دينارسكى» ــ زميل غير مقيم فى قسم الدراسات الاقتصادية بمركز الطفل والعائلة ــ والذى يتناول دور التعليم الإلكترونى فى تطوير التعليم بشكل أو بآخر فى مراحله المختلفة، بالإضافة إلى المقارنة بين التعليم الإلكترونى، والتعليم الذى يتم بشكل مباشر، والتأثيرات المختلفة لكل منهما.

بداية ذكرت الكاتبة أنه من الممكن أن يكون للدورات التعليمية الإلكترونية دور واضح ومهم فى تحسين أحوال التعليم فى كل مستوى من مستويات التعليم المختلفة، فالدورات التعليمية الإلكترونية تمكن الطلاب وتتيح لهم فرصة التعليم بطريقتهم الخاصة الملائمة لهم والتى تختلف بالطبع من طالب لآخر، كما أنها تعمل على تكييف المواد وتعديلها لتتناسب مع احتياجات الدارسين سواء أكانوا من أصحاب المستويات المتقدمة أو من أصحاب المستويات الأقل، فضلا عن أن الدورات التعليمية الإلكترونية من الممكن أن تفتح المجال لإدخال العديد من المناهج الدراسية وخاصة فى المدارس التى تفتقر إلى المتخصصين مثل المدارس الموجودة فى المناطق الريفية على سبيل المثال.

الدورات التعليمية الإلكترونية لها جاذبية خاصة بالنسبة للمدارس ولحكام المقاطعات الذين يبحثون عن طرق لخفض التكاليف الدراسية فى كل مستوى من مستويات التعليم، ومن ثم فإن أى وسيلة تكنولوجية تسمح للمعلمين بالتدريس لأكبر عدد من الأفراد من الممكن أن توفر جزءا كبيرا من الأموال المستخدمة فى هذا الشق وتسخيرها لخدمة أغراض أخرى. كما أن مدخرات التكاليف تعتمد وتتوقف بشكل حقيقى على تكاليف الإنتاج والتى من الممكن أن تكون تكاليف مرتفعة جدا وخاصة فى الجامعات التى يتم تداول تلك الدورات التعليمية خارج المحتوى الرقمى الخاص بتلك الجامعات.

•••

هل الدورات التعليمية الإلكترونية تفى بالغرض منها وتحقق أهدافها؟

فى يونيو 2017 أوضح كل من «إيريك بيتينجر» و«سوزانا لوب» من جامعة ستانفورد أنه فى الكليات العريقة ذات التكلفة العالية، تمثل الدورات التعليمية الإلكترونية الخيار الأسوأ بالنسبة للطلاب الأقل استعدادا وتدريبا. الطلاب فى الدراسة الإلكترونية يؤدون بشكل أسوأ بكثير مقارنة بالطلاب الذين يتعلمون بشكل مباشر ــ أى وجها لوجه ــ فهم يحصلون على درجات أقل، كما أن فرصهم فى النجاح فى الدورات التعليمية القادمة أقل، وبشكل أكبر هم أكثر عرضة للرسوب والتسرب من التعليم.

هذه أخبار سيئة، وخاصة بالنسبة لهؤلاء الطلاب الذين قاموا بالتسجيل فى الفصول الإلكترونية لأنهم فى البداية سوف يضطرون إلى مواجهة صعوبات وتحديات أكثر من التى يواجهها زملاؤهم. حيث إنهم بالتأكيد أكبر سنا، ومن الأرجح أنهم يعملون بدوام كامل، بالإضافة إلى أنه من الممكن أن يكون هؤلاء الدارسون آباء أو أمهات، ومن ثم فإن الدورات التعليمية الإلكترونية هى مناسبة ومريحة بشكل أكبر للطلاب غير التقليديين وتشير الأدلة الموجودة إلى أنها تناسب الطلاب الأقل تأهيلا مقارنة بزملائهم الأكاديميين.

توضح الكاتبة بأن دراسة حالة واحدة لا يمكن أن تخبرنا بالقصة الكاملة، فهل من الممكن تكرار ذلك فى المراحل الأخرى بعد الثانوية ؟؟ وما هى تأثيراتها بين الطلاب الأصغر سنا مثل طلاب المدارس الإعدادية والثانوية؟؟

وأخيرا قامت «مايا اسكويتا» وزملاؤها بعمل عرض شامل لكل الدراسات التى تقيس تأثير الدورات التعليمية الإلكترونية على العملية التعليمية بشكل عام وعلى إمكانية الوصول لتلك الدورات التعليمية بشكل خاص؟

وهذا العرض الشامل ركز على الأوراق البحثية التى تستخدم التجارب الموجودة على أرض الواقع، وتبقى هناك أسئلة تحتاج إلى إجابات ودراسات يتعين علينا القيام بها، هذا العرض الشامل أظهر التقدم فى فهمنا لكيفية استفادة الطلاب من الدورات التعليمية الإلكترونية؟

•••

ينقسم التعليم الإلكترونى إلى فئتين:

دورات إلكترونية بحتة: وهنا لا يمكن أن يكون الطالب فى نفس الفصل الدراسى مع المعلم.

دورات مختلطة: وفيها يقضى الطلاب وقتا أطول فى الفصول الدراسية مع المعلم، بالإضافة أيضا إلى وقت يتم قضاؤه على الإنترنت لمشاهدة الفيديوهات التعليمية والمحتويات الرقمية.

وبشكل عام فإن مجموعة الدراسات ترى أن التعليم الإلكترونى يعانى من عدم وجود معلم يقوم بالتدريس بشكل مباشر، ولذلك نجد أن الطلاب فى الدورات التعليمية المختلطة يؤدون بنفس الطريقة التى يؤدى بها الأفراد فى الدورات التعليمية التى يكون التدريس فيها بشكل مباشر وليس عبر الواقع الافتراضى. والدورات التعليمية المختلطة تحررنا بعض الشىء من قيود المعلمين والوقت، ومن ثم يمكن استغلال هذا الوقت فى دورات إضافية أخرى، أو منح اهتمام أكثر للطلاب الذين يعانون بشكل أو بآخر.

والدراسات التى نوقشت فيما سبق تمت فى جامعات، وأجريت مجموعة من الدراسات الحديثة لمعرفة أثر التعليم الإلكترونى على طلاب المدارس الإعدادية والثانوية، ونمط التأثيرات فى هذه الأوراق البحثية يعكس النتائج اللاحقة للمرحلة الثانوية، كل هذه الأوراق تدرس أثر الفصول الدراسية الإلكترونية لمادة الجبر، ولكن بالنسبة لأفراد مختلفة تماما.

نجد أن الورقة الأولى قامت بتصميم برنامج لزيادة فرص الوصول إلى الدورات التعليمية لمادة الجبر بين طلاب المدارس الإعدادية والثانوية فى ولايتى ماين وفيرمونت، حيث إنه فى بعض المدارس الريفية الصغيرة يوجد عدد قليل نسبيا من هذه الدورات المتخصصة للطلاب. فميزانية المدارس الصغيرة ببساطة لا يمكن أن تدعم مجموعة من المعلمين المتخصصين مقارنة بالمدارس الحضرية الكبيرة والمتوسطة التى يمكنها القيام بذلك. ومن ثم فإن الدورات الإلكترونية سوف تفتح المجال أمام اختيارات مختلفة للمناهج التعليمية والتى بدون تلك الدورات الإلكترونية سوف يحرم الطلاب منها.

توضح الكاتبة أن طلاب الصف الثامن الذين جعلهم أداؤهم الأكاديمى مؤهلين للحصول على دورة الجبر، والطلاب الذين كانوا يرتادون المدارس التى لم تقدم دورة الجبر فى الصف الدراسى الثامن، تم اختيارهم بطريقة عشوائية وتم إعطاؤهم دورات تعليمية إلكترونية، بالإضافة إلى طلاب المجموعة الضابطة الذين درسوا دورات تعليمية للرياضيات بشكل عام فى الصف الثامن. أظهرت الدراسة أن الطلاب الذين درسوا فى دورات تعليمية إلكترونية أدوا بشكل أفضل فى تقييمات معرفة الجبر فى نهاية الصف الثامن، وسجلوا 0.4% انحرافا معياريا أعلى من الطلاب فى المجموعة الضابطة. لاحظ أن هذه الدراسة اختبرت معاملات مختلطة وهى التعرض لدورات الجبر فى الصف الثامن، والتسجيل فى الدورات التعليمية الإلكترونية، والطلاب الذين درسوا الرياضيات العامة فى الصف الثامن بشكل مباشر.

لا يمكننا معرفة أى جانب من تلك الجوانب هو الذى أنتج الآثار التى لاحظناها من قبل الطلاب المعالجين أى الذين تم إعادة تدريبهم.. من الممكن أن يكونوا قد تعلموا أكثر مما لو درسوا فى دورة تعليمية للجبر يتم فيها الدراسة بشكل مباشر بدلا من التعليم الإلكترونى.

من منظور علمى فإن النتائج غير مرضية بعض الشىء، ومن منظور السياسات على الرغم من أن النتائج مرضية بشكل كبير، فالدورات التعليمية الإلكترونية للرياضيات من الممكن أن توفر خبرة تعليمية منتجة ومهمة للمراهقين المتفوقين أكاديميا فى الصف الثامن والتى بخلاف ذلك لا يمكن الوصول لهذا المحتوى من قبل هؤلاء الطلاب فى ذلك الصف.

•••

الدراسة الثانية قامت هى الأخرى باختبار تأثير الدورات التعليمية الإلكترونية لمادة الجبر، ولكن على أفراد مختلفين تماما وطلاب المدرسة الثانوية فى شيكاغو الذين رسبوا بالفعل فى الرياضيات فى الفصول الدراسية التى يتم التدريس فيها بشكل مباشر.

وجد أن المنصات الإلكترونية يتم استخدامها بشكل متزايد فيما يشبه «استرداد الائتمان» بالنسبة للطلاب الذين يرغبون فى إعادة الدورات التعليمية التى رسبوا فيها من قبل، وفى 17 مدرسة ثانوية فى شيكاغو نجد أن الطلاب الذين رسبوا فى الدورة التعليمية لمادة الجبر يتم إلحاقهم فى دورة صيفية لمعالجة مستواهم، وبمجرد أن يتعرضوا لعدد قليل من الفصول الدراسية يتم إلحاقهم بشكل عشوائى بدورات تعليمية إلكترونية أو حتى دورات تعليمية يتم التدريس فيها بشكل مباشر.

وفى هذه الحالة نجد أن الطلاب فى الدورات التعليمية الإلكترونية يؤدون بشكل أسوأ بكثير فى الامتحانات النهائية للدورة التعليمية، حيث يسجلون 0.2% انحرافات معيارية أقل من الطلاب الذين يدرسون بشكل مباشر.

ختاما، نجد أن التجربتين الواقعيتين للدورات التعليمية الإلكترونية بين المراهقين ليستا كافيتين لصنع سياسة عامة يمكن القياس عليها، ولكن بالاقتران مع الدراسات السابقة لمرحلة ما بعد الثانوية ظهر نمط واضح وهو: أن الطلاب الذين يعانون من تحديات أكاديمية يؤدون بشكل أسوأ فى التعليم الإلكترونى مقارنة بالدورات التى يتم التدريس فيها بشكل مباشر.

كما أن الأدلة الموجودة تشير إلى أن التعليم الإلكترونى يجب أن يركز على توسيع نطاق اختيارات الطلاب المؤهلين أكاديميا بدلا من تغيير أداء أولئك غير المؤهلين أو أصحاب المستويات المنخفضة.

إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى

النص الأصلي

التعليقات