الزواج والطلاق فى مصر الفرعونية! - حسين عبدالبصير - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 12:00 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الزواج والطلاق فى مصر الفرعونية!

نشر فى : الثلاثاء 25 سبتمبر 2018 - 9:40 م | آخر تحديث : الثلاثاء 25 سبتمبر 2018 - 9:40 م

كانت مصر الفرعونية رائدة فى الكثير من مظاهر الحضارة خصوصا الأمور الاجتماعية. وكان الزواج والطلاق فى مصر الفرعونية من الأمور الشخصية البحتة التى تخص أفراد المجتمع، ولم يكن للدين دور فى مصر الفرعونية فى هذا الأمر. وكان أمر الزواج والطلاق أمرا مدنيا بحتا يخص المتعاملين به.
وفى البداية، كان الزواج يتم بموافقة الطرفين دون وجود لشهود أو لعقد، وبعد ذلك أصبح الزواج موثقا. وكانت تتم كتابة عقود الزواج فى وجود شهود على عقد الزواج. وكان على الزوج تجهيز المنزل الخاص به وشراء المتاع والأثاث والهدايا من أجل زوجته. وبعد الزواج كان على الزوج أن يعطى زوجته جزءا من ممتلكاته. وإذا حدثت أى مشكلات بين الزوجين؛ فللزوجة حق الاحتفاظ بكل ما قد جلبته من تجهيزات من بيت والدها.
وكانت عقود الزواج فى مصر الفرعونية فى مصلحة المرأة وتضمن لها حقوقها. وكانت المرأة تبدأ بخطبة الرجل وعرض الزواج عليه. وهناك برديات تدل على أن الزواج من واحدة كان معروفا منذ فترة مبكرة. ويقول الحكيم بتاح حتب: «أحب شريكة حياتك، اعتن بها.. ترعَ بيتك، أطعمها كما ينبغى، اكس ظهرها وعانقها، افتح لها ذراعيك، وادْعُها لإظهار حبك لها.. واشرح صدرها وأدخل السعادة إلى قلبها بطول حياتها؛ فهى حقل طيب لسيدها وإياك أن تقسو عليها؛ فإن القسوة خراب للبيت الذى أسسته.. فهو بيت حياتك.. لقد اخترتها أمام الإله». ويقول الحكيم آنى: «لا تكن رئيسا متحكما لزوجتك فى منزلها، إذا كنت تعرف أنها ممتازة تؤدى واجبها فى منزل الزوجية، فهى سعيدة وأنت تشد أزرها، ويدك مع يدها (...) أنت تعرف قيمة زوجتك وسعادتكما حين تكون يدك بجوارها».
وكان للمرأة بموجب قانون الملكية فى مصر القديمة بعض من ممتلكات زوجها بعد الزواج. وكان لديها الحق فى التصرف فى الممتلكات التى آلت إليها بعد الزواج مثل المهر. أما فى حالة وقوع الطلاق، فكانت ممتلكاتها تعود إليها، بالإضافة إلى التسوية التى كانت تتم بعد الطلاق. أما فى حالة الوفاة، فكان لديها الحق فى ميراث زوجها بنسبة الثلثين، فيما كان يُقسم الثلث بين الأطفال وإخوة وإخوات الشخص المتوفى. وفى بعض الحالات، كان الزوج ينص فى وصيته على إمكانية تمكين زوجته من الجزء الأكبر من نصيبه أو السماح لها بالتصرف فى جميع الأموال..وكان الزنا ممنوعا، وكانت المرأة تعاقب عليه بالموت، وبالمثل، فإن الخيانة من الزوجين كانت أيضا ممنوعة.
***
وكان الطلاق مسموحا به فى مصر الفرعونية لعدة أسباب من بينها الكراهية أو إذا ارتكب أحد الزوجين خطيئة الزنا. وإذا لم يكن الزوج قادرا على الإنجاب، فمن حق الزوجة طلب الطلاق مع طلب تعويض لها. ووضعت الحضارة المصرية القديمة التشريعات التى تنظم حقوق وواجبات المرأة فى حالة الطلاق، وما يترتب عليه من حقوق اقتصادية للمرأة، أو تعويض مادى مناسب. وللحد من الطلاق تم فرض شروط كثيرة للطلاق. ولم يكتفِ الزوج فى مصر الفرعونية بتطليق زوجته شفاهة بقوله لقد هجرتك بصفتك زوجتى، بل كان يسلمها وثيقة طلاق مكتوبة تؤكد حريتها وانتهاء العلاقة الزوجية بينهما، وتمكنها من الزواج بآخر إذا أرادت. وكان الشهود يوقعون على وثيقة الطلاق، كما كان يتم التوقيع على وثيقة الزواج، غير أنهم كانوا فى وثيقة الطلاق أربعة شهود، بينما فى عقد الزواج كانوا ستة عشر شاهدا‏، وكانت صيغة الطلاق كالآتى: «لقد هجرتك كزوجة لى، وإننى أفارقك، وليس لى مطلب على الإطلاق، كما أبلغك أنه يحل لكِ أن تتخذى لنفسك زوجا آخر متى شئتِ».
ولضمان حقوق المرأة فى حالة الطلاق كانت عقود الزواج تنص على تعويض مادى مناسب للمرأة؛ وفى إحدى البرديات المحفوظة عقد زواج من القرن الثانى قبل الميلاد، بين كاهن وزوجته يتعهد فيه الزوج بدفع تعويض كبير فى غضون ثلاثين يوما فى حالة الطلاق. وكانت الزوجة تأخذ تعويضا مناسبا من المال عند طلاقها فضلا عن المهر. وبدأ التعويض فى العصر الفرعونى بضعف قيمة المهر، وفى العصر البطلمى خمسة أضعاف، ويصل إلى عشرة أضعاف فى الحد الأقصى، وكان هذا التعويض كبيرا لجعل الطلاق صعبا.‏ وهناك بردية ديموطيقية تذكر أن المرأة تحصل على تعويض فى حال فشل زواجها بمقدار ثلاثين قطعة فضة وستة وثلاثين جوالا من الحبوب كل عام طوال حياتها لتوفير احتياجاتها المعيشية.
وكان الطلاق يحدث فى مصر الفرعونية لأسباب عديدة مثل عدم الإنجاب، ووقوع الخيانة الزوجية، وهجر الزوج لزوجته، أو استحالة العيش معا. وبالنسبة للقدماء المصريين، كان الأطفال هم الأكثر أهمية فى العائلة. ولا توجد مصادر موثقة إلى الآن بحضانة الأطفال. وكان الرجل والمرأة متساويين أمام القانون. وكانت المرأة المتزوجة تتمتع باستقلال قانونى ومالى كامل. وبالزواج، كانت المرأة تحتفظ باسمها مع إضافة كلمة زوجة فلان، والذى كان أمرا طبيعيا؛ لأن الزواج لا يسجل كفعل إدارى. وببساطة، كان يتم التصديق على واقع أن الرجل والمرأة أرادا التعايش، وهذا فى حالة عمل عقد الزواج، الذى لا يحتاج إلى أكثر من تحديد الآثار الاقتصادية كى يتم تمييز انتقال الإرث من شخص لآخر.
***
وكان الزواج والطلاق حدثين متعاقبين فقط داخل نطاق العائلة بإرادة الزوجين دون تدخل من الإدارة. وينطق الأزواج المستقبليون هذه الجمل: «جعلتك زوجتى: جعلتنى زوجتك». وكان الطلاق مقبولا. ويجب أن تكون هناك مبادرة من أحد الزوجين، إذا كان من الزوج فيجب أن يترك جزءا من المؤن لزوجته، ولو كانت الزوجة هى المبادرة فى هذا الأمر فيجب عليها نفس الالتزام ولكن بطريقة أقل. وهناك إمكانية الطعن أمام الإدارة لاستعادة مؤن المنزل على الرغم من أنه لم يتم التدخل فى الزواج. ويمكن معاودة التجربة والزواج مرة أخرى، كما هو موضح فى بعض البرديات.
كانت أمور الزواج والطلاق فى مصر الفرعونية من الأمور المتقدمة بالنسبة لهذا الزمن المبكر من عمر الإنسانية، وتؤكد على عظمة مصر دائما وأبدا.. تلك هى فصول من قصة حضارة مصر الفرعونية العريقة.

التعليقات