فى قلبى فتاة عبرية - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 11:37 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى قلبى فتاة عبرية

نشر فى : الخميس 25 أغسطس 2016 - 9:40 م | آخر تحديث : الخميس 25 أغسطس 2016 - 9:40 م
على مسرح الهوسابير قرب شارع الجلاء عرضت فرقة «فن محوج» يومى الأحد والإثنين الماضيين مسرحية «فى قلبى فتاة عبرية»، بطولة مجموعة من الممثلين الشباب.

المسرحية مأخوذة من رواية بنفس الاسم للتونسية الدكتورة خولة حمدى، يترجمه البعض أحيانا إلى «فى قلبى أنثى عبرية»، ولم تزد مدة عرضها على ساعة.

عنوان الرواية والمسرحية خادع مقارنة بمضمونها، وذكرنى للوهلة الأولى بالقصيدة الجميلة للشاعر العربى الكبير الراحل محمود درويش «بين ريتا وعيونى بندقية»، التى تتحدث عن علاقة حقيقية بين الشاعر وفتاة يهودية.

الرواية التى تقول مؤلفتها إن بها أحداثا حقيقية، تقع فى ٣٥٠ صفحة، وفريق العمل بقيادة المخرج محمود عبدالعزيز بذل جهدا خارقا لينقل روح الرواية إلى خشبة المسرح.

فى المشهد الأول من المسرحية شاب ملقى على الأرض، وفاقد للذاكرة، فى قرية مسيحية، أطلق أهلها عليه اسم «جون»، ذات يوم التقى شابا قال له إن اسمه الحقيقى «أحمد» وأرشده إلى بلدته وأهله وناسه وذكرياته القديمة، والخطابات التى كان يتبادلها مع حبيبته.

بعد مشهد أحمد الطويل نسبيا تنقلنا الأحداث إلى الفتاة التونسية المسلمة ريم التى فقدت والديها وتربّت وسط عائلة يهودية، كل يحترم دين الآخر، لكن هذا الاحترام المتبادل يتغير، حينما حاولت ريم بكل الطرق إقناع العائلة اليهودية بالإسلام، اعتقادا أن دورها فى الحياة، أن ترشدهم إلى الطريق الصحيح وهو الإسلام.

ومن تونس الموجود بها طائفة يهودية فى جربة شرق البلاد، إلى لبنان، تعود الأحداث «فلاش باك» مستعرضة قصة الحب الملتهبة بين ندى الفتاة اليهودية المتسامحة، وأحمد المسلم المتطوع للنضال فى صفوف المقاومة، انطلاقا من جنوب لبنان. لكن هذا الحب يتعرض لعقبات ومصاعب هائلة بسبب الصراع العربى الصهيونى، خصوصا حينما كان أحمد يقول لندى إنه ذاهب لتنفيذ عملية فدائية، وهى تدرك أن أهلها قد يموتون على يد حبيبها، أو يموت حبيبها على يد أهلها.

وخلافا للمتوقع تتحول ندى إلى الإسلام وتترك أسرتها، ومن ثم تبدأ فى إقناع الجميع بالدخول معها فى دينها الجديد، لكن المفاجأة أن ندى المتحولة تستشهد فى غارة من قومها الأصليين الصهاينة على جنوب لبنان، ويستعيد أحمد ذاكرته.

إذا الرواية تونسية وتدور ما بين تونس ولبنان وفى الأجواء دائما فلسطين، والسؤال الذى يلاحق من يقرأ أو يشاهد هو: هل يمكن أن يكون هناك تطبيع أو علاقات طبيعية عادية بين العرب واليهود؟! أحداث الرواية تقول إن ذلك صعب إن لم يكن مستحيلا، وأحداث الحياة والواقع تؤكد ذلك.

المفروض أننا كمسلمين وعرب لا توجد لنا مشكلة بالمرة مع اليهودية كدين أو اليهود كشعب، لكن مشكلتنا مع الصهاينة الذين احتلوا اراضينا وشردوا اهالينا فى فلسطين ولبنان وسوريا وقبل ذلك فى مصر والأردن ولايزالون يفعلون ذلك فى غزة والضفة ويعربدون فى سائر المنطقة.

توقيت عرض المسرحية التى تطرح سؤال التطبيع والتعايش لافت، لأن ذلك ما تروج له العديد من الحكومات العربية فى الوقت الراهن، لكن المشكلة أن الواقع مهما كان قاسيا والأحوال العربية مهما كانت متردية فإن الترويج للتطبيع سيفشل حتما، مادامت اسرائيل ترفض الالتزام بالحد الأدنى من الحقوق العربية.

ومثلما أن خولة حمدى فى الرواية قررت أن تتجه إلى أقصى اليمين، وتجعل اليهودية تعلن إسلامها فإن سياسات إسرائيل على أرض الواقع لا تسمح لـ«المعتدلين العرب» بأى هامش حركة.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي