القضاء «مسئولية ــ مبادئ ــ رجال ــ مهارات» 30 ــ عن القضاء - جمال قطب - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 10:29 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

القضاء «مسئولية ــ مبادئ ــ رجال ــ مهارات» 30 ــ عن القضاء

نشر فى : السبت 24 يونيو 2017 - 9:10 م | آخر تحديث : السبت 24 يونيو 2017 - 10:15 م
ــ1ــ
تعليم القضاء
اشتملت كتب الآداب فى جميع الأمم على تعليم القضاء وتدريب الأطفال والنشء عليه. وفى أدبنا أنواع شتى من الشعر والنثر، فمن الشعر مثلا ما قاله أحمد بك شوقى أمير الشعراء حيث يقول:
وَقَفَ الهُدهُدُ فى باب ِ سُلَيمانَ بِذِلَّه
قالَ يا مَولايَ كُن لى عيشَتى صارَت مُمِلَّه
متُّ مِن حَبَّةِ بُرٍّ أَحدَثَت فى الصَدرِ غُلَّه
فَأَشارَ السَيِّدُ العالى إِلى مَن كانَ حَولَه
ما أَرى الحَبَّةَ إِلّا سُرِقَت مِن بَيتِ نَملَه
ومما كتبوه نثرا نذكر من طرائف القضاة قصة الأرنب والثعلب حيث قالوا:
«زعموا أنَّ الأرنب التقطت ثمرة فاختلسها الثعلب فأكلها فانطلقا إلى الضب يختصمان. فقالت الأرنب: يا أبا الحسل! فقال: سميعا دعوت. قالت: أتيناك نختصم إليك فاخرج إلينا. قال: فى بيته يؤتى الحكم. قالت: إنى وجدت ثمرة. قال: حلوة فكليها. فقالت: فاختلسها منى الثعلب. قال: لنفسه سعى. قالت: فلطمته. قال: بحقك أخذت. قالت: فلطمنى. قال: حر انتصر. قالت: فاقض بيننا! قال: قد قضيت!»
ــ2ــ
طرافة القضاء
وتزدحم كتب تاريخ القضاة وغيرها من كتب الأدب بطرائف القضاة، ومن هؤلاء شريح القاضى الذى عاصر النبى ولم يقابله ثم أسلم زمن أبى بكر وقد ولاه عمر بن الخطاب قضاء الكوفة فبقى بها قاضيا قرابة ستين عاما، ولما بلغ من عمره مائة عام عزل نفسه لما بدا عليه من آثار الشيخوخة، وكان قاضيا عالما وظريفا وقد أتاه مدعٍ يشتكى، وكان المدعى ضعيف النظر، فلما دخل على شريح فى مجلس القضاء دار الحوار التالى:
المدعى: أين أنت أيها القاضى؟ القاضى: بينك وبين الحائط
المدعى: اسمع منى القاضى: للاستماع جلست
المدعى: إنى تزوجت امرأة القاضى: بالرفاء والبنين
المدعى: وشرط أهلها أنى لا أخرج من بلدهم القاضى: أوف لهم بالشرط
المدعى: فإنى أريد أن أسافر القاضى: فى حفظ الله
المدعى: فاقض بيننا القاضى: قد قضيت
المدعى: على من؟ القاضى: على ابن أمك (عليك)
المدعى: بشهادة من؟ القاضى: بشهادة ابن أخت خالتك (نفسك)
ــ3ــ
نزاهة وعفة القضاء
ومن النماذج المشرفة فى قضاء المسلمين ما يرويه التاريخ عن قاضى بغداد فى زمن الخليفة العباسى المهدى. حيث حضر ذات يوم ظهرا واستأذن لمقابلة الأمير فأذن له فطلب من الأمير أن يكلف أحدا باستسلام ما لديه من عهد وأوراق، وطلب إعفاءه من الاستمرار فى العمل. فظن الأمير أن أحد المسئولين قد أزعجه، فقال له: من أزعجك سأبالغ فى تأديبه. فقال القاضى: لم يحدث من ذلك أدنى شىء. فقال الأمير: فما سبب استقالتك؟ قال القاضى: أيها الأمير، قد تقدم إلىّ خصمان منذ شهر فى مشكلة، وكل واحد منهما له بينة وشهود. وحجة كل منهما مقبولة، فقررت إرجاء الحكم شهرا راجيا أن يصطلحا أو أن أهتدى أنا إلى الصواب. ثم عرف أحدهما أنى أحب «الرطب» (نوع من البلح)، فجمع طبقا كبيرا من أجود أنواع الرطب لا يتاح مثله فى وقتنا لأمير المؤمنين.. ورشا بوابى بدراهم على أن يدخل الطبق علىّ، فلما أدخله البواب أدركت ذلك وطردت البواب وأمرت برد الطبق لصاحبه. فلما كان صباح اليوم دخل علىّ الخصمان، فما تساويا فى عينى ولا فى قلبى (بسبب محاولة الرشوة)، وقد تغير قلبى على الرجل، رغم أنى لم أقبل الرشوة، فماذا يكون حالى لو قبلت؟ وأنا لا آمن أن تقع علىّ حيلة فى دينى وقد فسد الناس. فأرجوك يا أمير المؤمنين أن تقيلنى أقال الله عثرتك وأعفنى عفا الله عنك..
فهل بعد هذا كلام؟!
كل عام وكلنا ومصرنا بخير
جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات