جرأة اللصوص - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 3:50 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جرأة اللصوص

نشر فى : الأحد 23 فبراير 2014 - 8:25 ص | آخر تحديث : الأحد 23 فبراير 2014 - 8:25 ص

منتصف الأسبوع الماضى تعرضت فيللا الكاتب الكبير الأستاذ فهمى هويدى بالإسكندرية للسرقة.

اللصوص وصلوا إلى مستوى من الجرأة يجعلنا نقلق مما هو آت. دخلوا الفيللا بالعجمى الكائنة فى نطاق قسم الدخيلة، قيدوا الحارس،أخذوا كل شىء من الأثاث إلى الأبواب بل خلعوا الأحواض والحنفيات والبانيو ولم يكن ينقصهم إلا أخذ الحوائط، ثم تركوا المكان قاعا صفصفا وكأنهم فى نزهة.

الطريف أن تلك هى المرة الثانية خلال شهرين التى يتعرض فيها المكان للسرقة أو للاغتصاب بهذه الطريقة السافرة دون أن يكون هناك حد أدنى من «العين الحمرا» يجعل اللصوص يفكرون فى العواقب.

والأطرف أن سيارة الكاتب نفسه سرقت قبل الثورة مباشرة فى حين تعرض مكتب ابنه للسطو والسرقة قبل حوالى عام.

ويبدو أن انشغال أجهزة الأمن بمواجهة الإرهاب ومظاهرات الإخوان بعث برسالة خطيرة إلى اللصوص الجنائيين أن الملعب أمامكم صار مفتوحا، فافعلوا ما تشاءون.

ليس خافيا على أحد أن حوادث السرقة والسطو والخطف تتزايد بصورة مخيفة.

سرقات السيارات مثلا أصبحت ظاهرة.. تختفى السيارة أو يتم السطو عليها علنا وفى وضح النهار، ثم تصل رسالة من أرقام تليفونات معلومة ومحددة تعرض «الوساطة وفعل الخير». يتم التفاوض والاتفاق على مبلغ «الفدية أو الفردة أو الإتاوة» ويتراوح ما بين 15 ألف جنيه إلى مائة ألف جنيه حسب نوع السيارة وموديلها والحالة الاجتماعية لصاحبها. ثم تعود السيارة ويتم كل ذلك فى اطار تواطؤ مريب بين الجميع.

ولأن كل شىء نسبى فإن الذى تسرق سيارته يشعر بأنه محظوظ لأن غيره يخطف ابنه الوحيد، ويتعرض للابتزاز، ويكون مطالبا بدفع مبالغ لا يملكها، وكم كان مؤثرا عندما قام مجموعة من المسلمين بالتشارك لجمع مبلغ الفدية لجارهم المسيحى الذى تم خطف ابنه ولم يكن يملك كامل المبلغ المطلوب.

مرة أخرى وحتى لا يتهمنا البعض بالمثالية أو المزايدة فإن أفراد الشرطة يبذلون جهدا خرافيا لمواجهة الإرهاب الدموى، ودفعوا ثمنا فادحا من أرواحهم، لكن السؤال هو هل: الانشغال بمواجهة الإرهاب يعنى ترك الباب مفتوحا للصوص ليحولوا حياة المجتمع بأكمله إلى جحيم، وهل المواطنون مكتوب عليهم إما أن يكتووا بنار الإرهاب وإما بنار اللصوص؟!.

ميزة مصر الدائمة كانت هى الأمن والأمان، وكان بمقدور أى سيدة أن تعود إلى منزلها فى أى وقت ليلا دون أن تشعر بالخوف.

الآن صار لدينا حيوانات بشرية كثيرة تغتصب أطفالا لم تتعد أعمارهن الخامسة، وصرنا أخطر بلد يمكن أن تعيش فيه النساء بفعل وباء التحرش الجنسى المتفاقم، والمروءة التى كان يتميز بها المجتمع تتراجع بصورة كبيرة، ومستوى الحوار فى الشارع صار منحطا بدرجة تجعل الكثير من الأسر تخشى من اصطحاب أطفالها الصغار حتى لا يستمعوا لهذا التلوث السمعى.

النداء الذى نوجهه لأجهزة الحكم هو: نرجوكم و«نبوس ايديكم» تحركوا لضبط الشارع قليلا لأن الرسالة التى وصلت إلى اللصوص الجنائيين هى أنكم سلمتم المجتمع إليهم.

نقدر دوركم وتضحياتكم فى مواجهة الإرهاب، لكن المجتمع أيضا يريد أن يشعر بالحد الأدنى من الأمان، واستمرار الحياة يبدو مستحيلا بهذه الطريقة المنفلتة.

ترك الشارع بهذا الشكل، قد ينقلب علكيم إن آجلا أو عاجلا، فتحركوا يرحمكم الله بسرعة قبل أن يقوم الوحش الذى تركتموه بالتهامكم فى النهاية. 

عماد الدين حسين  كاتب صحفي