حدود قدرة ترامب - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 3:44 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حدود قدرة ترامب

نشر فى : الإثنين 23 يناير 2017 - 10:25 م | آخر تحديث : الإثنين 23 يناير 2017 - 10:25 م
المصدر الرئيسى لثروة الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب هى العقارات التى جعلته ملياديرا. وبما أن الإعلام يصفه دائما بـ«قطب العقارات» فإن هذه الثروة اعتمدت فى الأساس على المضاربة والسمسرة والبيع والشراء و«المفاصلة» وصولا إلى إنجاز الصفقات وربما يكون كل ذلك هو منطقه فى الحكم.

الذى تابع الوعود الانتخابية الكبرى التى أطلقها ترامب خلال حملته، سيكتشف أنه تراجع عن بعضها، والتقدير أنه سيتخلى عن المزيد منها مع دخوله البيت الأبيض الذى تم بالفعل يوم الجمعة الماضى.

شخصية ترامب التى تفضل منطق الصفقات، والمصالح المباشرة، ستحدث تغيرات ملموسة على ارض الواقع، إذا طبق فعلا ما نادى به من شعارات خلال الحملة. ومن حق العالم أن يخاف مما قاله ترامب على مدى شهور، خصوصا نحن العرب والمسلمين، وكذلك مما قاله بعض مساعديه ومنهم من اعتبر أن المشكلة فى الإسلام، وليست فقط فى بعض المتطرفين الذين يتحدثون باسمه.

الخوف الحقيقى ليس فقط من ترامب ولكن من البيئة التى أنتجته وانتخبته. من سوء الحظ أن معظمنا ينظر إلى هذا الرئيس الجديد رقم ٤٥ لأقوى دولة فى العالم، وكأنه نبت شيطانى، أو عفريت ظهر فجأة من العدم، وإذا اختفى فإن كل مشاكل العالم سيتم حلها. ترامب ليس شخصا فقط لكنه نحو نصف المجتمع الأمريكى تقريبا.

حينما يفاجئ ترامب العالم، ويفوز بهذه السهولة على هيلارى كلينتون، وعندما يصدم ويكذب ويكشف زيف غالبية مراكز استطلاعات الرأى فى الولايات المتحدة، فهو لم يأت من فراغ. فوز ترامب يجىء فى سياق أوسع، ويجب أن يتم النظر إليه فى هذا السياق الدولى، الذى يشهد صعود نجم اليمين المحافظ والشعبوى والمتطرف والعنصرى، فى مناطق كثيرة بالعالم، وهناك توقعات ــ للاسف ــ أن يسجل هذا اليمين المتطرف العديد من الانتصارات فى أوروبا خلال الفترة القليلة المقبلة.

ورغم ذلك فإن البعض يقول إن عقلية ترامب ــ الغارق فى منطق المساومة والمفاصلة والمقايضة، وصولا إلى الصفقات قد يجد نفسه يلحس بعض كلامه، أو على الأقل يتخذ بعض الإجراءات الشكلية للإيحاء بأنه نفذ وعوده اذا اكتشف ان تنفيذ وعوده، سيكلفه ثمنا كبيرا، لكن الخطر الاكبر اننا كعرب فى اضعف حالاتنا، وبالتالى فمن المحتمل اننا سندفع الثمن الاكبر.

أثناء الحملة الانتخابية مثلا تعهد ترامب بإلغاء الاتفاق النووى مع إيران، لكن كل المؤشرات تقول إنه لن يلغيه، ولكن قد يتشدد مع طهران ويجدد بعض العقوبات الاقتصادية ضدها، وحتى هذا الأمر قد يجد معارضة كبيرة من شركاء أوروبيين، بدأوا علاقات تجارية واسعة النطاق مع إيران فى العامين الماضيين.

بنفس المنطق لن يكون ترامب قادرا على السير فى طريق خصومة اقتصادية واسعة النطاق مع الصين، وبالتالى فالمتوقع أن يستمر غزله الكلامى مع تايوان، ولكن من دون تغيير معادلة «الصين الواحدة».

هو تعهد بإلغاء الاتفاق التجارى مع كندا والمكسيك، وكذلك اقامة سور مع المكسيك لمنع تدفق المهاجرين، ثم فوجئنا به، يطلب اللقاء مع الرئيس المكسيكى نهاية هذا الشهر وكذلك مع رئيس الوزراء الكندى لبحث الامر!.

قد يستمر أيضا فى الإشادة بالرئيس الروسى فلاديمير بوتين، لكن من دون قدرة على إحداث اختراق كبير فى جوهر الخلاف مع روسيا الخاص بالنفوذ والهيمنة. فالقضية كما يقول معلقون بارزون ليست خاصة بالأشخاص، بل بالصراع بين البلدين على ملفات كثيرة، وإذا فكر ترامب فى كسر هذه الصيغة قد يجد نفسه فى صراع مع «الدولة العميقة» فى الولايات المتحدة و«المجمع الصناعى العسكرى» الذى يقول كثيرون إنه هو من قتل جون كيندى، فى 22 نوفمبر 1963، حينما فكر بنفس التفكير تجاه روسيا.

نتذكر أن ترامب قال إنه سيلغى برنامج «أوباما كير» الخاص بالتأمين الصحى، وبعد اجتماعه عقب فوزه مع أوباما، خرج ليقول إن البرنامج به نقاط جيدة. صحيح انه وقع مرسوما ببدء التخلص من معظم بنوده قبل يومين، لكن هناك رهان بانه لن يستطيع السير من دون كوابح، فى ظل ان امريكا تظل دولة مؤسسات حقيقية وليست أفرادا، اضافة إلى المظاهرات المليونية التى خرجت ضده بمجرد تنصيبه رسميا.

 

عماد الدين حسين  كاتب صحفي