الدنيا لو جارحة! - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الخميس 2 مايو 2024 9:33 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الدنيا لو جارحة!

نشر فى : الأحد 22 نوفمبر 2015 - 11:15 م | آخر تحديث : الإثنين 23 نوفمبر 2015 - 10:18 ص

(1)


لا تخلو مجالسنا أو أحاديثنا مع الأصدقاء من الشعور بالكآبة وضيق الصدر واعتلال المزاج.. وغياب الأمل على المستويين العام والخاص، صار معظمنا يعانى حالة من الشرود.. تشعر وأنت ترى الناس فى الشوارع كأنهم هائمون على غير هدى.
أتفق معك فى أن الأجواء العامة تقود إلى الإحباط، وأن ما عشناه طيلة السنوات الخمس الماضية جعلنا متوترين أكثر من اللازم.. عصبيين بزيادة.. غير قادرين على اتخاذ القرارات السليمة فى حياتنا كما ينبغى.. لكن يجب ألا تترك نفسك فريسة لهذه المشاعر السلبية وإن كان لها ما يبررها.


(2)


إن الحياة بلا أمل كفيلة بأن تفقد كل الأشياء من حولك معانيها.. فيصبح أى شىء يساوى أى شىء.. الحب مثل اللاحب.. النجاح مثل الفشل.. الوفاء مثل الخيانة.. إياك أن تسمح لنفسك بأن تستنزف قواك فى هذا المستنقع الخطر.
فتش فى حياتك عن اتجاه ناجح.. ليس صحيحا أنك فاشل فى كل الاتجاهات والمسارات.. وأن كل ما اقترفت يداك يقودك إلى الجحيم.. إذا كنت تعانى من تعثر فى حياتك العملية ستجد ما يعوضه فى حياتك الخاصة.. فليس بالعمل وحده يحيا الإنسان يا صديقى.. وقد يحدث العكس.. تكون من أنجح الناس، لكن بداخلك مناطق للوجع تعانى على مر السنين من إخضاعها للسيطرة».


(3)


إننى من المؤمنين بأن الإنسان فى إدارته لحياته هو قائد عسكرى فى معركة، سيواجه طوال الوقت ظروفا طارئة لم تكن فى حسبانه، وهنا تظهر كفاءة القائد فى سرعة وحسن التصرف، وإذا قرأت فى سيرة أعظم الجنرالات ستجدهم جميعا اتفقوا على قاعدة تكتيكية عظيمة تقول «عزز الاتجاه الناجح»، فلو أنك تهجم من اتجاهين، وقواتك تحقق نجاحا فى أحدهما وتواجه مشكلات على الآخر، فادفع بتعزيزاتك لدعم الاتجاه الناجح، وثبت اتجاه الهجوم الفاشل عند نقطة معينة.. والخلاصة من ذلك هى ألا تستنزف قواك فى اتجاهات فاشلة لا طائل منها.
أصدقك بأن الحياة ليست بهذا التجريد.. وأن الإنسان حساس تجاه مناطق فشله، أو إن شئت قل «مناطق ضعفه»، لكن الاستغراق فى هذه المناطق سيقودك حتما إلى «المقامرة»، التى ميز الجنرال الألمانى العظيم «إروين روميل» بينها وبين «المجازفة» بقوله «إن كليهما يتعلقان بالقيام بعمل ينطوى على فرصة للربح، وهى فرصة تتعزز بالتصرف بجرأة، أما الفرق فيكمن فى أنه إذا خسرت المجازفة فيمكنك التعافى، فلن تستنزف قواك، ويمكنك العودة إلى وضعك الأصلى بخسائر محدودة، أما فى المقامرة فإن الهزيمة يمكن أن تؤدى بك إلى سلسلة من المشكلات التى تخرج عن السيطرة، وهنا تكون الخسائر أفدح مما كنت تتوقع، ولن تتعافى منها بسهولة، فالمجازفة مطلوبة، لكن المقامرة ضربا من الحماقة».


(4)


إن تركيز مجهودك الرئيسى على الاتجاه الفاشل فى حياتك سيجعلك تفكر أكثر بعواطفك، التى ستقودك إلى حماقة المقامرة، التى يمكن أن تنتهى بورطة لن يتجرع سمها غيرك، وإذا اكتشفت أنك ارتكبت هذا الخطأ فعليك بالتوقف عن السير بأسرع وقت ممكن، والقبول بالخسائر المحدودة التى تكبدتها، والإدراك بأنها أفضل من موت بطىء ومؤلم، لا تدع كبرياءك يجرك باتجاه المأزق، خصوصا أنه سيتعرض لضربات أكبر بكثير بسبب عنادك؛ فالحكمة أن تعرف كيف تتوقف، بتعبير المفكر الاستراتيجى الأمريكى «روبرت جرين».
لا تستغرق فى الحزن والكآبة.. وعزز الاتجاهات الناجحة فى حياتك.. ولا تدع عواطفك تقودك إلى حماقة السير فى الاتجاهات الفاشلة.. ودندن معى برائعة «الكينج» محمد منير «على إيه تنزل دمعاتك لو يوم عداك أو فاتك.. احلم بالجاى تعيش مرتاح.. الدنيا لو جارحة.. لونها لون فرحة».. أدام الله أفراحكم.


kaboubakr@shorouknews.com

التعليقات