السينما والحجاب.. بلا إكراه! - صحافة عربية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 2:02 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

السينما والحجاب.. بلا إكراه!

نشر فى : الأحد 22 أبريل 2018 - 10:05 م | آخر تحديث : الأحد 22 أبريل 2018 - 10:05 م

احتواء ردود الفعل المجتمعية بلا إقصاء أو استفزاز أو محاولة تأزيم، هو أصعب ما يواجه مشروع التحول فى المملكة، وعبّر عن ذلك صراحة ولى العهد أن من «أصعب التحديات التى تواجهنا أن يقتنع الشعب بما نقوم به»، وهو أمر طبيعى يحدث فى أى مجتمع ينشد التغيير، ولكن الأهم أن يبقى الجميع أمام حالة اختيار وليس إكراه، وهو ما يحصل بكثير من الحكمة والتعقل والهدوء الذى لا يصادم القناعات أو يستفزها، أو يسمح لأى حراك فكرى أن ينال منها، أو يوظفها لأجندات لم تعد مقبولة، أو مستساغة.

حادثان رغم الفارق الكبير بينهما، إلاّ أن الصراع الفكرى قديما وجديدا حولهما قد استأثرا جانبا واسعا من الحديث عنهما فى المجتمع خلال اليومين الماضيين، وتناقلتهما وسائل إعلام ومواقع إخبارية ونشطاء فى شبكات التواصل الاجتماعى، الأول افتتاح دور السينما فى المملكة، والثانى قرار وزير التعليم بالتحقيق فى حادثة مقطع فيديو يظهر طالبات مدرسة متوسطة يحملن لافتات «حجابى تاج راسى»، و«شعيرة لن تندثر».

السينما كمشروع حضارى وتنويرى وترفيهى واقتصادى أيضا أصبحت واقعا، وعاش المجتمع فرحته بوجود متنفس أسرى جديد كان الغالبية منه يقطع مسافات طويلة، ويصرف أموالا طائلة فى الوصول إليه، واليوم هو موجود داخل الوطن رغم التحديات الكبيرة التى سبقت اتخاذ القرار، ومع ذلك مضى المشروع من دون أن نكره أحدا عليه، وتركنا للناس حرية الاختيار، وقناعة الحكم عليه، ولكن هناك فئة من الحركيين داخل المجتمع لا تزال تناور فى هذا السياق، وتتخذ من شبكات التواصل الاجتماعى منصة ليس للرأى الذى نحترمه، وإنما للتأزيم الذى نرفضه، والإسقاط الفكرى الذى يمرره.

حادثة المدرسة التى اتخذت من الحجاب وسيلة لتعزيز الصراعات الفكرية كانت هى الأخرى متزامنة مع السينما فى التوقيت، والفكر الذى يغذيهما، فكان قرار وزير التعليم هو التحقيق فى الحادث، وهو إجراء إدارى بحت ليس له علاقة بالموقف الفقهى من الحجاب أصلا، ووسيلة ضبط للعملية التعليمية والبيئة المدرسية من أى استغلال أو اختراق، ومع ذلك تم إقحام الوزير فى هاشتاج طويل عريض للنيل منه، بل أكثر من ذلك تأزيم العلاقة داخل المجتمع، وهو أمر لا يجب السكوت عليه، أو التهاون فيه.

نحن فى دولة لا تكره أحدا على خياره؛ فمن يرغب أن يرتدى الحجاب بالطريقة التى يفهمها ويؤمن بها بشرط الستر فليس لأحد أن يؤثر فى قناعاته، ومن يرغب أن يذهب إلى السينما مع أسرته فله ذلك بخياره؛ المهم لا نؤزم المواقف، أو نسيء فهم بعضنا، أو نصادر حق الآخرين فى خياراتهم، أو نسمح للإعلام المضاد أن ينال من وحدتنا، ونبقى رغم الاختلاف فى وجهات النظر إخوة متحابين متعاونين لصالح مجتمعنا.

أحمد الجميعـة
الرياض – السعودية

التعليقات