رهانات ترامب الثلاثة لاستكمال مدته - علاء الحديدي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 2:19 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رهانات ترامب الثلاثة لاستكمال مدته

نشر فى : الإثنين 22 يناير 2018 - 9:45 م | آخر تحديث : الإثنين 22 يناير 2018 - 9:45 م

تم تنصيب ترامب رئيسا للولايات المتحدة فى العشرين من يناير من العام الماضى، أى منذ عام كامل. وقد كان هذا العام حافلا بالكثير من الأحداث المثيرة للجدل، وجاء صدور كتاب «النار والغضب» للكاتب الصحفى مايكل ولف ليتم تتويج نهاية العام الأول من حكم ترامب على عكس كل توقعاته. فبدلا من الاحتفال واستعراض الإنجازات التى تمت من وجهة نظره، جاء الكتاب إدانة صارخة لسوء إدارته للبلاد وللفوضى الضاربة فى أروقة البيت الأبيض، وأصبح هذا الكتاب هو الأكثر مبيعا وانتشارا فى العالم أجمع. كما تشير آخر استطلاعات الرأى العام لمعهد جالوب عن انخفاض شعبية ترامب إلى أدنى مستوى فى تاريخ الرؤساء الأمريكيين السابقين فى عامهم الأول، حيث بلغت ٣٠٪ وتفوق بذلك على الرئيس الأسبق بيل كلينتون الذى كانت شعبيته قد وصلت إلى ٤٠٪ فى عامه الأول.

فإذا أضفنا إلى ما سبق الشكوك التى تحوم حول استمرار بقاء ترامب فى مقعده على خلفية التحقيقات الجارية بشأن اتهامات بتواطئه هو شخصيا أو أفراد فى حملته مع روسيا للتأثير على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأخيرة، فإن بعض التقديرات تذهب إلى احتمالات تقديمه للمحاكمة وعزله إذا ما ثبت ذلك. يزداد هذا الاحتمال يقينا إذا فاز الحزب الديمقراطى بانتخابات التجديد النصفى للكونجرس الأمريكى فى شهر نوفمبر القادم، وخسر حزب ترامب الجمهورى الأغلبية التى يتمتع بها حاليا. وهو الأمر الذى يتحسب له ترامب جيدا، ويعمل على تحقيق عدد من الإصلاحات الداخلية الكبيرة التى تضمن احتفاظ حزبه الجمهورى بالأغلبية المطلوبة فى هذه الانتخابات. وبناء عليه، يراهن ترامب على نجاح ثلاث سياسات يدعو إليها من أجل ضمان إنقاذ إدارته من العواصف التى تواجهها حاليا وتحصين موقعه من أى اتهامات أو انتقادات توجه إليه.

أولى هذه السياسات كانت محاولة حمل الكونجرس على إنهاء قانون الرعاية الصحية المعروف باسم «أوباما كير» من ناحية، ومن ناحية أخرى تمرير قانون تخفيض الضرائب. وعلى الرغم من فشل ترامب فى إنهاء العمل بقانون الرعاية الصحية، فإنه نجح فى تمرير قانون تخفيض الضرائب فى شهر نوفمبر الماضى فيما يعد أكبر نجاح له على صعيد سياساته الداخلية. وإذا عرفنا أن الضرائب على الشركات قد تم تخفيضها من ٣٥٪ إلى ٢٠٪، فإننا نستطيع أن نفهم على ماذا يراهن ترامب تحديدا. وإذا أضفنا إلى ما سبق تعهده بضخ استثمارات بقيمة تريليون دولار، وهى قيمة غير مسبوقة، لإعادة بناء البنية التحتية فى الولايات المتحدة، فنستطيع أن نفهم سبب ارتفاع مؤشر داو جونز لبورصة نيويورك لتتخطى الـ٢٦ ألف نقطة بعد أن كانت ١٩ ألف نقطة فقط فى بداية عهده. هذا ويراهن ترامب على استمرار البورصة فى الصعود مع ما يتوقعه من نمو الاقتصاد بوتيرة أسرع بعد تخفيض الضرائب وتأثير ذلك على الشركات ورجال الأعمال.

ثانية هذه السياسات وترتبط بما سبق، هى العمل على بقاء المصانع والشركات الأمريكية داخل الولايات المتحدة الأمريكية وعدم انتقالها إلى الدول ذات العمالة الرخيصة سواء كان ذلك فى الصين أو المكسيك أو غيرها من دول العالم الأخرى. ومن المعروف أن عمال هذه المصانع التى أغلقت هم الذين يشكلون القاعدة الإنتخابية الصلبة لرئاسة وإدارة دونالد ترامب. ومن هنا كانت دعوة ترامب لإعادة التفاوض على إتفاقية النافتا مع المكسيك وكندا وتهديده بالإنسحاب منها، فضلا عن انسحابه بالفعل من مفاوضات إتفاق التجارة الحرة مع دول الباسفيكى الآسيوية. هذا ناهيك عن الهجوم المستمر على الصين ودول أخرى متهما إياهم بالقيام بممارسات تجارية غير قانونية والعمل على تقويض الإقتصاد الأمريكى. وعلى الرغم من أنه لا ينتظر أن تحقق سياسات ترامب هذه نتائج عملية على أرض الواقع فى المستقبل القريب، فإنها قد نجحت فى إقناع قاعدة مؤيديه من هؤلاء العمال الذين فقدوا وظائفهم بأنه يدافع عن مصالحهم، على عكس إدارة سلفه من الديمقراطيين الذين أدت سياساتهم إلى إنتقال المصانع والشركات الأمريكية إلى الخارج.

ثالثة هذه السياسات والأكثر إثارة للجدل مرتبطة بملف الهجرة والمهاجرين، سواء كانوا من المهاجرين الشرعيين أوغير الشرعيين. وإذا كان ترامب قد نجح فى استثمار غضب الطبقة العاملة الأمريكية من إغلاق عدد كبير من المصانع كما ذكرنا من قبل، فإن الوجه الآخر لهذه العملة كان لوم المهاجرين وخاصة من الدول النامية فى مزاحمة العمال الأمريكيين فى ما تبقى من وظائف، على الرغم مما يشوب هذا القول من مغالطات، حيث تقلصت فعلا بعض الصناعات مثل المنسوجات والحديد، إلا أن قطاعات أخرى قد شهدت نموا كبيرا مثل الخدمات وتكنولوجيا المعلومات ولكنها تتطلب مهارات جديدة لا تتوافر فى عمال الصناعات القديمة ولكنها تتوافر أحيانا وسط المهاجرين الجدد، وهو الأمر الذى يتغافل عنه ترامب، ليستمر فى اللعب على وتر المخاوف والهواجس التى تنتاب الناخب الأمريكى الأبيض الذى فقد وظيفته أخيرا، ودعوته لبناء جدار عازل يفصل ما بين بلاده والمكسيك لوقف هجرة ونزوح أعداد كبيرة تأتى من أمريكا اللاتينية، فضلا عن المسلمين القادمين من دول إسلامية تؤوى إرهابيين على حسب قوله.

يراهن ترامب على نجاح هذه السياسات الثلاثة فى التخلص من صورة الاضطراب والفوضى التى دمغت بها إدارته فى عامها الأول. فإذا نجح ترامب فى رهانه هذا، وبدأت المصانع والشركات الأمريكية فى العودة إلى الولايات المتحدة، وانعكس تخفيض الضرائب على المواطن الأمريكى بالإيجاب، فإن ذلك سيدعم من فرص الحزب الجمهورى فى إنتخابات نوفمبر القادمة، ويحافظ على أغلبيته الحالية. وفى هذا السيناريو، ستقوم الأغلبية الجمهورية بهزيمة أى محاولة من جانب الديمقراطيين لإثارة الإتهامات الخاصة بعلاقة الحملة الإنتخابية لترامب بروسيا. السيناريو الأخر، يقوم على إستمرار الإقتصاد الأمريكى فى النمو بالمعدل الحالى ودون تحقيق القفزات التى يتحدث عنها ترامب، ليكتشف الفقراء والطبقة العاملة زيف وعود ترامب الانتخابية وإستمرار تدنى مستوى معيشتهم. هذا فضلا عن استمرار الأزمات مع مختلف الأعراق والأجناس، وآخرها ما ذكره بشأن الدول الإفريقية، وبما يعكس الوجه العنصرى للرئيس الأمريكى وقاعدته الإنتخابية وعدائها لكل ما هو غير أبيض، الأمر الذى يفقد ترامب الأغلبية الجمهورية التى يتمتع بها حاليا، وتشرع الأغلبية الديمقراطية الجديدة فى إجراءات عزله بتوجيه الإتهامات له. فأى السيناريوهين السابقين سيتحقق؟ هذا يتوقف على ما سيفعله ويقوله ترامب خلال الأشهر القليلة القادمة.

السفير دكتور علاء الحديدى

التعليقات