حقيقة الإسلام - جمال قطب - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 5:28 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حقيقة الإسلام

نشر فى : الخميس 20 ديسمبر 2018 - 10:35 م | آخر تحديث : الخميس 20 ديسمبر 2018 - 10:35 م

الإسلام هو الدين الأساسى الذى رضيه الله لجميع خلقه منذ آدم إلى محمد مرورا بإبراهيم وموسى وعيسى عليهم جميعا الصلاة والسلام.
ومعنى قوله تعالى: ((إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ))، أن الله سبحانه لم يتخذ إلا دينا واحدا بعث به جميع أنبيائه ورسله، وأنزل به جميع كتبه المقدسة، وكل إنسان متدين مسئول مسئولية مباشرة بينه وبين ربه عن اختيار كيفية عبادته لربه، لأنه هو المتعرض للحساب والثواب أو العقاب الإلهى، فليس فى الوحى الإلهى «سلطة لأحد على أحد» كيف يعبد ربه.
ــ1ــ
وإذا خلا الدين و«تبرأ من إنشاء أى سلطة كهنوتية» على الأرض حرصا على حرية التدين، فإن الدين قد ألزم أتباعه أن يخصصوا مؤسسة «دعوة علمية» تتحمل مسئولية نشر الأقوال والأفعال الصحيحة، وبيان مخاطر مخالفة تعاليم الوحى، وسواء كانت هذه المؤسسة صغيرة أو متوسطة أو كبيرة الحجم طبقا لتعدد علوم العصر وفنونه وأدواته من ناحية وعدد الأتباع وثقافاتهم المتعددة من ناحية أخرى وحسب مقتضيات كل عصر من ناحية أخيرة.
وليس هذا بجديد على أتباع الكتب السماوية المتوالية مثل: الكنيس (المعبد) عند أتباع التوراة، والكنيسة عند أتباع الإنجيل، والمسجد الجامع (الأزهر) عند أتباع القرآن.
ــ2ــ
وهنا لا بد من الإيضاح والبيان منعا للدجل والجرأة غير المبررة على جميع الشرائع السماوية من هذا الفصيل الذى يتجاوز حدود الفطرة والعقل والأدب، فضلا عن تجاوزه لحدود «النظام العام». و«النظام العام» كما يفهم المتحضرون هو صمام الأمن والأمان فى استقرار المجتمعات وتأمين البلاد «وإقرار السلم الاجتماعى».
فهناك فرق واضح بين الحرية وبين العدوان على الحريات. وأبسط تعريف للحرية فيما نحن بصدده: أن الإنسان العاقل البالغ الراشد يعبد ما يشاء وكيف يشاء ومتى يشاء، فلا حرج عليه ولا كهنوت يحول بينه وبين ما يعبد، أما التوارى فى هذه الحرية والهجوم والعدوان على العقائد وعلى العقول فهو غير مسموح به عقلا وأدبا ثم شرعا من بعد.
ــ3ــ
وما دام الإنسان حرًا فيما يدين به وفى عبادته، فليس من حق أحد أن يفرض رأيه وعبادته على الآخرين، خصوصا أن المجتمعات تضم أطفالا وصغارا تقع مسئولية تربيتهم على الأهل، فكيف يستثمر مغامر ما حرية الإعلام وحرية التعبير ويبث سمومه فى المناخ العام زاعما حرية وتجديدا ومدعيا للبطولة والعلم وهو فى حقيقة الأمر لا يزيد عن مغامر ينتهز فرصة الظهور ويخلط بين حرية الإعلام ونشر الفساد وتعكير السلم العام وإحداث الفتنة تربصًا باستقرار المجتمعات.
ــ4ــ
ومن هنا عرفت الحضارات ــ كل الحضارات ــ ذات الدين السماوى معنى وقيمة الدين، وكيف تمارس حرية التدين، وكيف تمارس حرية التعبير فضلا عن الأوهام والتصورات الخاصة.
ولهذا وصلت الحضارات إلى نظام سياسى راق يعتمد اعتمادا رئيسا على المؤسسية ويعلى شأنها.
ــ5ــ
وتقوم «المؤسسة الدعوية» «الأزهر» على ثلاث ركائز:
التخصص العلمى 2ــ الاستقلال المالى والادارى 3ــ رعاية الدولة للمؤسسة وحمايتها
وقياسا على جميع العلوم والشئون وصلاحيتها، فلا تشتغل المؤسسة ولا المنتسبون إليها بأى عمل سياسى يتجاوز اختصاصها العلمى فما لهؤلاء المتجرئين يحاولون تهديد الأمن النفسى والسلم الاجتماعى بدعاوى كاذبة ((... فَمَالِ هَٰؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا)).
ــ6ــ
أما أعضاء المؤسسة الذين لهم حق الاجتهاد داخل المؤسسة وطبقا لنظامها، فمن الحق والأدب أن لا يطرحوا إبداعهم على المجتمع، فهناك فرق بعيد بين علوم الدين وفنون الشاشات والبحث عن مكانة فى دنيا «الميديا» والشهرة الكاذبة.

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات