توقفوا عن إرسال المزيد من الشباب إلى الجامعة! - قضايا تعليمية - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 4:41 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

توقفوا عن إرسال المزيد من الشباب إلى الجامعة!

نشر فى : الأربعاء 20 يوليه 2016 - 10:00 ص | آخر تحديث : الخميس 27 أكتوبر 2016 - 7:41 م
يشكل وباء البطالة فى الشرق الأوسط قلب ثلاث مشكلات أمنية مستمرة: تعرقل الربيع العربى، والجاذبية الصاعدة للتطرف على طراز داعش، وأزمة الهجرة الأوروبية. لذا فقد حدد صناع السياسات، أن التعليم جزء هام من الحل. ومع ذلك، فإن النموذج التعليمى الراهن يساهم فى جعل المشكلات أكثر سوءا.

وعوضا عن ذلك، ينبغى على واضعى السياسات التعليمية، تخصيص المزيد من الموارد للتعليم المهنى، مع تركيز حاد على مواءمة التعليم مع احتياجات السوق المحددة فى اقتصاد العولمة لعام 2016 وما بعده. ويتيح هذه الفرصة الوحيدة لإحداث أى تغيير فى مشكلة البطالة.

***

من بين دوافع صناع السياسات التعليمية فى الشرق الأوسط، الرهان على ما يسمى بالاقتصاد الرقمى. ويوضح استعراض أورسولا ليندسى لأحد المؤتمرات التعليمية التى حضرتها أخيرا فى الجزائر العقبات التى تواجه هذه الفكرة:

إن كل الحديث عن خلق الخريجين لفرص العمل الخاصة بهم وأن يصبحوا رؤساء عملهم الخاص، يبدو وكأنه ضرب من التخلى عن المسئولية من جانب المربين والسياسيين، الذين لا يعرفون كيفية التعامل مع انعدام الأمن الاقتصادى الناجم عن العولمة والأزمة المالية الأخيرة. لا يستطيع الجميع اختراع تطبيق، ولا تستطيع التطبيقات خلق عدد كبير من الوظائف. فهل يعقل استدعاء مثال «الطالب الذى سيخلق تطبيق أوبر القادم» فى الجزائر، وهو البلد الذى لا يزال الدفع عبر الإنترنت غير موجود فيه؟

إن عدد فرص العمل التى سيوفرها الاقتصاد الرقمى فى واقع الأمر ضئيلة. وعوضا عن ذلك، يجب أن ينصب التركيز فى خلق فرص عمل على شركات التقنية الواطئة الصغيرة والمتوسطة بما فى ذلك العمل اليدوى، مثل جمع القمامة والصيانة والبناء.

تفيد الحكمة التقليدية الدارجة بأن «المواقف» تجاه العمل بحاجة لأن تتغير. مع ذلك لا تستطيع الحكومات فعل الكثير. فمن خبرتى، وجدت بأن العقبات كثيرة جدا فى ذهن الباحثين عن العمل وبقدر مساوٍ للعقبات فى أذهان المسئولين الحكوميين.

على سبيل المثال، فمن أجل بناء خط توظيف لشركة أنشأت برنامجا تدريبيا بالتعاون مع جامعتين لبنانيتين وقمت بتقديم العديد من ورشات العمل فى بيروت. وفى كلتا الجامعتين، كان المديرون متقبلين بقوة لمقترحى، مدركين للكيفية التى يمكن من خلالها لهذه الفكرة أن تساعد فى إيجاد فرص عمل لطلابهم. لكننى وجدت بأن الطلاب الذين قمت بتدريسهم أو الإشراف عليهم كمتدربين مؤمنين بقوة بفكرة تقليدية للغاية، بأن من شأن شهاداتهم أن تكون المعبر الرئيسى عن أهميتهم، وليست مهاراتهم.

وبصفتى رب عمل فى القطاع الخاص، فإن كل ما يهمنى هو العثور على موظفين رائعين. وقد كان بعض المتدربين لدينا مستعدين فى سن الـ 22 من عمرهم لإضافة قيمة جادة فى وظائف القطاع الخاص ذات التنافسية العالية. لكن هوسهم بالحصول على شهادات عليا يضر بفرص حصولهم على العمل كما يقال، فى المدى القصير على الأقل، وذلك بإخراجهم من سوق العمل بهدف الحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه. ولا تحدث هذه الشهادات أى تغيير بالنسبة لنا، من حيث القيمة التى كان بإمكانهم إضافتها.

***

تقترح الأيديولوجية الاقتصادية السائدة فى عصرنا وجوب أن تكف الحكومات يديها، وتسمح للسوق بأن يقرر. ولكن عندما يتعلق الأمر بخلق فرص العمل فى الشرق الأوسط فإن هذا التفكير خاطئ.

إن التعليم المهنى لا يمثل علاجا فوريا. حيث وجد بأن العديد من الطلاب الذين التحقوا بمثل هذه البرامج فى المغرب لا يزالون غير قادرين على العثور على وظائف. ويشير هذا للحاجة إلى نهج أكثر شمولية من قبل الحكومات تجمع بين زيادة الإنفاق على التعليم المهنى مع محاولات تستهدف بناء صناعات جديدة.

وقد يكون ذلك أسهل فى دول الخليج وخاصة فى المملكة العربية السعودية. فبسبب امتلاكهم للنفط، يمتلك السعوديون ميزة منح أى صناعة جديدة للنفط مجانا أو بأسعار مدعمة بشكل كبير، ويمكن أن يساعد هذا فى تعويض عائق افتقارها لقوى عاملة مهنية كبيرة. فمن الناحية النظرية على الأقل، يضع هذا المملكة العربية السعودية فى وضع يمكنها من تطوير صناعات تحويلية تتطلب عمالة كثيفة. على سبيل المثال، افتتحت السعودية قبل عامين أول معمل لتصنيع السيارات فى المملكة. ويهدف المعمل إلى صناعة 300 ألف سيارة سنويا.

ربما يكون المغرب القصة الأكثر نجاحا فى تطوير الصناعة فى العالم العربى. فبسبب القيادة القوية والمركزية للدولة، تم تطوير صناعة قطع غيار للسيارات والطائرات. ومن الممكن أن تكون الفلبين نموذج القدوة الأمثل فى مجال خلق عدد كبير من وظائف الطبقة الوسطى الدنيا. فقد انتقل هذا البلد من عدم امتلاكه لعامل واحد فى مراكز الاتصال عام 1997 لامتلاكه مليون عامل فى عام 2015.

ليس هنالك من سبب يجعل بلدانا مثل مصر أو الأردن غير قادرة على إيجاد بعض فرص العمالة الكثيفة الجديدة المماثلة، حيث سيكون فى إمكانهم إضافة قيمة للسوق العالمية. فى الحقيقة، ليس لديهم خيار إذا ما تحركوا للقيام بشىء ما لحل مشاكل البطالة فى بلدانهم.

يقول الكثيرون إن هيمنة الجيوش العربية على الاقتصاد من السلبيات التلقائية. ومن ناحية أخرى، يمكن أن توفر تلك المركزية فرصا جيدة لمشاريع الصفقة الجديدة كثيفة العمالة من ثلاثينيات القرن الماضى، على غرار فيالق الخدمة المدنية.

ستكون الفرص المتاحة لمعظم الوظائف الجديدة فى الشرق الأوسط على مدى السنوات الـ 30 القادمة فى قطاعات العمالة المهنية. فهذا هو المكان الذى يتوجه إليه الاقتصاد العالمى. وسيكون المربون حكماء إذا ما ركزوا على إنتاج تقنيين وفنيين مهرة بدلا من تخريج المزيد من المحاسبين أو المحامين.
ينشر بالاتفاق مع مجلة الفنار للاعلام
النص الأصلي: هـــنـــا
التعليقات