قبل أن نركب الزحليقة! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 2:02 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قبل أن نركب الزحليقة!

نشر فى : الثلاثاء 20 يونيو 2017 - 10:35 م | آخر تحديث : الثلاثاء 20 يونيو 2017 - 10:35 م
هناك تعبير دارج بين الأطباء المتخصصين فى غرف ووحدات العناية المركزة أو الفائقة هو «المريض ركب الزحليقة».

هذا التعبير يقال عندما يصل الأطباء إلى قناعة بأن الوظائف الحيوية والأساسية للمريض قد تدهورت بشدة، ويصعب أن تعود للعمل كما كانت. صحيح أن الأعمار بيد الله لكن هذا التعبير فى معظم الأحيان يدل على أن علامات الموت والتدهور والانحدار تكون واضحة ولا سبيل لإنكارها.

تعبير «المريض ركب الزحليقة» سمعته يوم الجمعة الماضى «٩ يونيو» من الدكتورة منى منيا وكيل نقابة الأطباء خلال زيارتنا لقرية «عزبة أو نزلة حنا» فى مركز الفشن بمحافظة بنى سويف، وهى القرية التى سقط منها غالبية الشهداء فى المجزرة التى ارتكبها الإرهابيون ضد راكبى الأتوبيس الذى كان متوجها من القرية إلى دير الأنبا «صمويل المعترف» بمحافظة المنيا يوم ٢٦ مايو الماضى.

السياق الذى قالت فيه د. منى هذا التعبير أننا كنا نجلس مع مجموعة من أسر الشهداء وأهالى القرية من الإخوة الأقباط. حيث استمعنا إلى العديد من الهموم والشكاوى التى تتحدث عن إحساس الكثير من الأقباط بعدم المساواة وغياب المواطنة فى احيان كثيرة.
تقديرى الشخصى أننا «لم نركب الزحليقة» حتى الآن والحمد لله لكن استمرار الحال على ما هو عليه، سيعنى أننا راكبوها لا محالة للأسف الشديد!.

حينما زرنا نزلة حنا بالفشن وقرية دير الجرنوس فى مغاغة ــ حيث قتل ٧ عمال أيضا فى نفس الحادث الإرهابى ــ استمعنا وتناقشنا مع عشرات المواطنين معظمهم من اهالى الضحايا.

هناك فارق كبير بين الانفعال الوقتى المتعلق بوجود جريمة آنية ودم ساخن مراق وبين
النظر إلى الأمور بهدوء وروية.

غالبية من قابلناهم لديهم شعور عميق بأن غالبية المجتمع يقوم بالتمييز ضدهم، رغم أنهم يكنون كل الود للمسلمين جيرانهم فى المسكن والحقل والعمل والوطن.

أحد الأقباط قال لى: «الكثير من المسلمين يتعرض للقمع والتنكيل فى حياته اليومية، فى العمل والطرق والمأكل والمشرب والدخل.. هو يتحمل كل ذلك بنفس راضية، لكن عندما لا اجد انا المسيحى كنيسة فى قريتى، واذهب لاى منزل لأصلى فيه، يتحول فجأة جارى المسلم إلى ثائر وعنيف ويقوم بمهاجمتى لمجرد أننى أريد أن أعبدالله كما يفعل هو»!!!.

بعض المصابين أو الناجين من الحادث يقولون إنه لا أحد استدعاهم لسماع شهاداتهم عما حدث أو عن مواصفات الإرهابيين الذين قاموا بارتكاب الجريمة.

القصص التى تتحدث عن هذا الشعور بالغبن كثيرة للأسف، ومن بينها أن إحدى الممرضات تحدثت بصورة غير لائقة فى مستشفى مغاغة مع أهالى المصابين، أو أن أحد العمال قام بإغلاق المياه أثناء تغسيل جثث الضحايا.

ابن أحد الضحايا فى السيارة الربع نقل يقول إن كمين الشرطة على أول الطريق الصحراوى الغربى تأخر كثيرا فى الوصول إلى موقع الحادث، رغم أنه قام بإخبارهم بأن هناك جريمة وجثثا كثيرة.

حاولت أن أخفف من الاحتقان بأن هناك حالات فردية لإهمال بعض الموظفين أو حتى تعصبهم، وأن ذلك لا يعنى التعميم على الجميع. قلت لهم إن هذا الشعور خطير لأنه يعنى ببساطة أن الإرهابيين نجحوا فى تحقيق هدفهم أو أنهم فى الطريق إلى ذلك.

مرة أخرى علينا أن نبحث بهدوء عن أفضل الطرق لاقتلاع الشعور بالغضب والمرارة فى نفوس الإخوة الأقباط خصوصا الشباب. وأغلب الظن أن الإرهابيين والمتطرفين يلعبون على هذا الوتر.. لأنهم إذا كانوا غير قادرين على إقناع الشعب بأفكارهم، وإذا كانت أجهزة الأمن تمكنت من ضرب هيكلهم الرئيسى، فلماذا لا يجربون فى المنطقة الرخوة وهى استهداف الأقباط.. علينا أن نتنبه حتى لا نركب الزحليقة لا قدر الله!!.

 

عماد الدين حسين  كاتب صحفي