عصبية الوزير التركى من رؤية أبوالغيط - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 7:01 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عصبية الوزير التركى من رؤية أبوالغيط

نشر فى : الثلاثاء 20 فبراير 2018 - 9:25 م | آخر تحديث : الثلاثاء 20 فبراير 2018 - 9:25 م

(1)

كما هو الحال فى كل مؤتمر دولى كبير، أدمن الساسة الأتراك امتطاء جواد البطولات الوهمية التى تجد من يهلل لها من أنصارهم داخل العالم العربى، سواء أكانت وسائل إعلام ــ هى قطرية بالأساس بغض النظر عن المكان الذى تصدر منه ــ أو من أولئك الذين يرون فى تركيا «دولة الخلافة الراشدة» وفى أردوغان أمير المؤمنين، الذى أتى فى آخر الزمان ليملأ الأرض عدلا بعد أن امتلأت جورا!

ما يؤكد هذا الإدمان الذى أصاب الساسة الأتراك، ما جرى بين الأمين العام للجامعة العربية، السيد أحمد أبوالغيط، ووزير الخارجية التركى، مولود جاووش أوغلو فى جلسة مخصصة لمناقشة الوضع بالشرق الأوسط فى مؤتمر ميونيخ للأمن الأحد الماضى؛ ذلك أن الأخير رد بعصبية غير مبررة على مطالبة مشروعة وحتمية لا يمكن لمسئول عربى رفيع إلا أن يطالب بها الأتراك وهى وقف عملية عفرين وانسحاب الجيش التركى من المناطق التى دخلها فى شمال سوريا.

(2)

بعيدا عن مزايدات الوزير التركى وأنصار بلاده فى العالم العربى على مواقع التواصل الاجتماعى، دعونا نستعرض ما قاله أمين عام الجامعة العربية، وما قاله أوغلو؛ لنحاول أن نفهم سر عصبية الأخير. سألت مديرة الجلسة أبوالغيط: كيف ترى الأمور فى الشرق الأوسط؟ فرد قائلا: «أرى وضعا بشعا؛ الإسرائيليون مستمرون فى الاستحواذ على الاراضى الفلسطينية، والأمريكيون يدعمونهم، بجانب أزمة القدس. لا أرى احتمالات لتسوية فى القريب، وعلى العكس من ذلك يتحدث نتنياهو عن العلاقات الجيدة مع الدول العربية، والتى لن تصبح كما وصفها إلا اذا حلت القضية الفلسطينية.

أرى مواجهة بشعة فى سوريا، وأرى قوى عظمى تتنافس فيما بينها، وأرى قوى إقليمية تتدخل فى الشئون السورية، وهذا سيحول دون حدوث تسوية.. لن يكون هناك حل.. لماذا؟ لأن الروس موجودون فى الساحل السورى.. والأمريكيون فى قلب سوريا، والايرانيون منتشرون فى كل مكان. حاولت أن أتفهم، السلوك التركى فى سوريا، إلا أننى أقول لزميلى وأخى التركى انتبهوا فأنتم تتدخلون فى دولة عربية جنوب بلادك.

إذن أرى أن وضعا سيئا يأتى فى السياق الذى تحدث فيه الجميع باعتبار أنه نتاج للربيع العربى، هو ليس ربيعا عربيا، هو عبارة عن كارثة مستمرة. كان لدينا نظام عربى حتى 2011، ما حدث بعد ذلك أن هذا النظام تداعى وتفكك، وما نحن بحاجة له اليوم هو منظومة إقليمية تقوم بإعادة ترتيب العلاقة بين الجميع فى المنطقة (تركيا، إيران، الجامعة العربية) وحتى القوى العظمى المهتمة.

(3)

فى نهاية الجلسة طلب الوزير التركى تعقيبا على ما قاله الأمين العام، قال فيه: «نحن فى سوريا لدحر منظمة إرهابية (يقصد حزب الاتحاد الديمقراطى الكردى)، ونستخدم حقنا المشروع فى الدفاع عن النفس، وهذا الحق يأتى من القانون الدولى وقرارات مجلس الأمن، وكذلك المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة. أتمنى أن يكون نظامك قويا بما فيه الكفاية ليمنع قائدا لإحدى الدول الأعضاء فى منظمتك من قتل نصف مليون من شعبه ويمنعه من استخدام الأسلحة الكيميائية. أتمنى أن يتجرأ نظامك على تذكير بقية الدول فى سوريا ألا تبقى هناك».

وأضاف «أتمنى أيضا أن يكون نظامك قويا بما فيه الكفاية ليمنع بعضا من أعضاء منظمتك المبهورين بالولايات المتحدة من الضغط على الفلسطينيين والأردن التى هى وصية على وضع القدس، لكى لا يرفعوا صوتهم بشأن الدفاع عن الفلسطينيين والقدس.. هذا هو نظامك للأسف».

(4)

بقراءة سريعة لنصوص ما تحدث به الرجلان، نجد أن أبوالغيط أقر بتفكك النظام العربى، وأدان كل الدول التى تتدخل فى الشأن السورى ورأى أنها السبب فى عدم حدوث تسوية فى الأزمة السورية. وفلسطينيا شدد على أن التسوية بعيدة المنال لأن إسرائيل تستحوذ على الأراضى، فى وقت يصف فيه نتنياهو علاقته مع الدول العربية بـ«الجيدة»، وهو ما قال الأمين العام إنه لن يحدث، إذ إنه ربط «العلاقات الجيدة» بحل القضية الفلسطينية، أى إنه يرفض التطبيع المجانى مع إسرائيل.

فى تصورى أن السبب الأهم الذى يتسبب ليس فقط فى عصبية الأتراك، بل والإيرانيين والإسرائيليين وكل طامع فى بسط نفوذه على العالم العربى، هو حديث أبوالغيط عن ترتيبات جديدة فى الإقليم، تكون نواتها عربية، أى يتحدث فيها العرب أو أغلبيتهم بلسان المصلحة الواحدة فى مقابل أطماع القوى الأخرى التى تدرك أنه لا يمكنها إيجاد ثغرات للتمدد فى الجسد العربى إلا إذا كان مفتتا.

kaboubakr@shorouknews.com

التعليقات