عن إدارة المستشفيات الجامعية - سامح مرقص - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 9:41 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عن إدارة المستشفيات الجامعية

نشر فى : الأحد 20 يناير 2019 - 8:45 م | آخر تحديث : الإثنين 21 يناير 2019 - 3:01 م

أتابع باهتمام المناقشات حول قانون 19 لعام 2018 الذى أقره مجلس النواب بشأن تنظيم العمل فى المستشفيات الجامعية ورفضه بشدة من أغلب أعضاء هيئات التدريس بكليات الطب.
هذا المقال يقدم رؤيه شخصية على هذا القانون من خلال خبرة الكاتب المكتسبة من العمل فى مستشفيات وزاره الصحة البريطانية لما يقرب من أربعين عاما، ثلاثون عاما منهم فى مستشفى جامعى كبير كإخصائى، رئيس قسم وأستاذ جامعى لعدة سنوات.
قراءة مواد القانون الجديد يبين أن هناك فروقا جذرية بين النظام البريطانى لإدارة المستشفيات والنظام المصرى. جميع المستشفيات العامة فى بريطانيا تحت إشراف وزاره الصحة وهذا يشمل المستشفيات الجامعية ولا دور للجامعات فى إدارة المستشفيات حيث اهتمامهم الأساسى هو التركيز على التعليم والبحث العلمى، وهذه مسئولية كبيرة ومهمة تتطلب تفرغا كاملا من الجامعات لتحقيق نجاح أكاديمى على أعلى مستوى.
النظام البريطانى الموحد لإدارة المستشفيات العامة يحقق تماثلا فى الخدمات الطبية المقدمة. يوجد بالمستشفيات الجامعية تمثيل للجامعة فى مجلس إدارة المستشفى للتأكد من وجود تسهيلات كافية للتعليم وللبحث العلمى. توفر الحكومة البريطانية ميزانية إضافية للمستشفيات الجامعية لتغطيه تكاليف تعليم طلبه الطب وحجم هذه الميزانية يعتمد على عدد الطلاب فى المرحلى الكلينيكى (آخر ٣ سنوات دراسية).
فى المستشفيات الجامعية البريطانية يوجد نوعان من الإخصائيين، إخصائيو وزارة الصحة ولهم درجة أكاديمية شرفية تمنح من الجامعة التى تتبعها المستشفى لدورهم فى تعليم طلبة الطب، النوع الثانى من الإخصائيين فى هذه المستشفيات يتم تعيينهم عن طريق الجامعة على درجة أستاذ وأستاذ مساعد أو مدرس ولهم درجة إخصائى شرفية فى المستشفى لعملهم الكلينيكى. الرواتب مماثلة بين إخصائيين وزارة الصحة (الماهية من وزارة الصحة) والإخصائيين الأكاديميين (الماهية من الجامعة). كل الإخصائيين ويشمل الأكاديميين يعملون حسب عقد عمل يحدد جميع المسئوليات، وتحدد الماهية حسب ساعات العمل المتفق عليها وهذا العقد لا يمنع مزاولة الطب الخاص فى أوقات الفراغ من العمل الحكومى مع وجود حد أدنى لساعات العمل المخصصة للعمل الحكومى والجامعى ولا أحد فوق القانون والمحاسبة من أكبر أستاذ إلى أصغر إخصائى.
كل إخصائى وأكاديمى فى بريطانيا يخضع سنويا لمراجعة عمله الكلينيكى والأكاديمى. رخصة مزاولة العمل تجدد كل خمس سنوات حسب إثبات ممارسة التعليم الطبى المستمر وتقارير المراجعة السنوية.
المستشفيات البريطانية تدار بمجلس إدارة على رأسه المدير التنفيذى ويساعده مديرون للميزانية، شئون الأفراد، إدارة المبانى، الحوكمة الكلينيكية، التمريض ومدير طبى. عميد كلية الطب يمثل الجامعة فى مجلس إدارة المستشفى الجامعى. كل قسم فى المستشفى له مدير مسئول عن إداره القسم ويساعده مديرون إداريون. المدير التنفيذى يجتمع شهريا مع مجلس إدارة المستشفى ورؤساء الأقسام لمناقشة إدارة المستشفى وحل أى مشاكل إدارية.
المستشفيات المصرية العامة تدار تحت إشراف وزارات وهيئات متعددة تشمل وزارة الصحة، وزاره التعليم العالى، وهيئة منفصلة لإدارة مستشفيات التأمين الصحى. تفتت الإدارة لمستشفيات الدولة أعتقد أنه سبب مهم فى تفاوت الخدمات الطبية وعدم التوزيع العادل للموارد وكذلك الأطباء. اعتبار المستشفيات الجامعية حالة خاصه تدار فقط بالأكاديميين لا يخدم المصلحة العامة.
نجاح إدارة المستشفيات الجامعية مرتبط بنجاح المنظومة الصحية ككل. الحلول الجزئية فى تقديرى لن تعطى النجاح الذى نتمناه ويجب الاتفاق على مشروع متكامل طويل المدى لتحسين الخدمات الطبية فى مصر بداية من إصلاح التعليم الطبى والتدريب التخصصى وإدارة حديثة للمستشفيات والتوسع فى توفير طبيب الأسرة المدرب على أحسن مستوى وتوفير خدمات طب الأسرة فى كل أنحاء الجمهورية مع تطبيق الزامى لقوانين الحوكمة الكلينيكية.
أتفهم ومتعاطف مع الصعوبات الكثيرة التى يواجهها المسئولون والأطباء. يجب أن نتقبل أن نجاح أى مؤسسة يعتمد على قوانين تنظيمية عادله تطبق على الجميع بدون تفرقة ولا أحد فوق المحاسبة. التفرقة والتفكك الإدارى عامل مهم فى فشل أى منظومة.
الإصلاح لازم وسوف يحتاج وقتا ولكن لن يتحقق بدون تعاون صادق من الجميع مع تشخيص مشاكل الخدمات الصحية والتعليم الطبى بموضوعية وبدقة وبدون تحيزات مسبقه للوصول إلى العلاج النافع.

أستاذ شرفى فى الأشعة التشخيصية ــ جامعه شفيلد ــ المملكة المتحدة

التعليقات