البقرة الحمراء ونهاية العالم - إكرام لمعي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 10:34 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

البقرة الحمراء ونهاية العالم

نشر فى : الجمعة 19 أكتوبر 2018 - 9:45 م | آخر تحديث : الجمعة 19 أكتوبر 2018 - 9:45 م

فى تحقيق إذاعى لراديو «عالم اليوم» تحت عنوان خطة اليهود الأرثوذكس لإعادة بناء الهيكل المقدس أعلن الصهيونيون الأصوليون ولادة البقرة الحمراء، وبالتالى حان الوقت لبناء الهيكل الثالث. ولقد ولدت أول بقرة حمراء منذ ألفى عام وبالطبع نحن نعلم أن الهيكل الأول بناه الملك سليمان ثم هدم أيام الغزو البابلى، ثم قام ببناء الهيكل ثانية نحميا وهدم منذ ما يقرب من 2000 عام فى عام 70م على يد الرومان تحت حكم الإمبراطور فسباسيان الذى دمر مدينة أورشليم وهيكلها لثانى مرة، ومن يومها والربانيون اليهود يصلون إلى الله لإعادة بناء الهيكل، وفى القرن الـ18 حدد الربانيون بداية بناء الهيكل فى مارس 2010 حيث لم يبن ثالثة حتى اليوم. يقول الذين يتبنون هذا الفكر إن الكتاب المقدس يعلن أن هناك علامات لنهاية العالم من أهمها ولادة البقرة الحمراء وقد ولدت البقرة، وقد أعلن معهد الهيكل اليهودى بأورشليم ولادة البقرة الحمراء وقام بتصويرها ووضعها على اليوتيوب. معلنا الاستعداد لحرب هرمجدون والكلمة من مقطعين (هر) وتعنى جبل ومجدون اسم الجبل والموقع فى مكان قرب سوريا والأردن فى منطقة تدعى مرج بن عامر وفيها ــ بحسب الفكر الأصولى ــ تقوم حرب بين العالم كله من ناحية وإسرائيل من الناحية الأخرى تنهزم فيها إسرائيل فى البداية، لكن الله يتدخل لصالح إسرائيل بالقوى الطبيعية (الزلازل والأمطار والرعود... إلخ) فتنتصر إسرائيل. ثم تقوم ببناء الهيكل والخطوة الأولى المطلوبة الآن هو أنهم سوف يختبرون إن كان احمرار البقرة أصيلا أم لا، ذلك لأن عجلة البقرة الحمراء هى التى ستؤكد صحة وعد العهد القديم كعلامة لظهور المسيا اليهودى وبالتالى بناء الهيكل المقدس.
(عند اليهود والمسيحيين الأصوليين ولادة بقرة حمراء هى من أهم علامات نهاية الأيام بجانب حرب هرمجدون وملك المسيح الألفى).
وبمجرد تأكدهم من هذا الأمر سوف يقوم اليهود، الموجودون فى إسرائيل اليوم بالبدء فى بناء الهيكل، إما على جبل المريا الذى قدم فيه إبراهيم ابنه إسحق ذبيحة، لكن الرب استعاض بكبش عنه، أو يبنى على جبل الهيكل فى أورشليم. وفى هذه الحالة عليهم أن يهدموا المسجد الأقصى.
بحسب التقويم اليهودى فإنه فى اليوم السابع عشر من شهر سبتمبر عام 5778 من السنة اليهودية الذى يوافق 28 أغسطس عام 2018 ولدت البقرة الحمراء فى إسرائيل. وبالتالى ستقدم هذه البقرة الحمراء كذبيحة لله ويبدأ بناء الهيكل، لذلك فمنظمة معهد الهيكل وكل المنظمات اليهودية الأخرى سوف تضع بناء الهيكل أولوية أولى. وهنا المشكلة الكبرى لأن المكان المستهدف هو أكثر الأماكن قداسة عند اليهود والمسلمين. من هنا بدأت المعاهد والمراكز اليهودية تأخذ على عاتقها مهمة تحويل الصلوات إلى حقائق واقعية على الأرض وقد صرح الرباى يهودا جلك Yehuda glick قائلا: «أنا أؤمن أننا تأخرنا ألفى عام وأستطيع القول إننا فى هذه الحقبة الحديثة وبداية من عام 1967م عندما أصبحت أورشليم كلها مدينة لليهود كان علينا أن نشرع فى بناء الهيكل وأعتقد أن كل يوم يمضى يؤخر لحظة البداية.
صرحت Anne Barker إن معهد الهيكل قام بإنفاق 30 مليون دولار فى الإعداد لإعادة بناء الهيكل وهناك خطة واضحة لكل خطوة فقد تم الصرف على تصميم أوانى الهيكل وأرواب الكهنة، وقالت إن الرباى Glick أرانى وإذا كل شىء قد أعد. وصرح الرباى جلك بأنه الآن تم إعداد حجارة المذبح من الحجارة طبق الأصل للمذبح القديم المنهدم.
***
إلى هنا نتحدث عن الأصوليين من اليهود والمسيحيين، والجدير بالذكر هنا أن رونالد ريجان رئيس الولايات المتحدة فى التسعينيات صرح بأن هذا الجيل هو الذى سيرى معركة هرمجدون وكان ريجان يحمل معه كباقى رؤساء الولايات المتحدة الحقيبة النووية والتى منها يدوس على زر انطلاق الأسلحة النووية التى تدمر العالم وصرح بأنه يتمنى أن يفعل ذلك فى عهده. إن كان هذا هكذا فماذا عن المسلمين الأصوليين؟ يقول المسلمون الأصوليون إن هناك نبوءة تتحدث عن عودة الإسلام بقوة ويعتمدون فى ذلك على الآية التى تقول: «غلبت الروم فى أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون»، ويقول المفسرون إن هناك ثلاثة أنواع من الروم فى العصر الحديث: الأول دول حزب الناتو، والنوعية الثانية روم الفاتيكان الكاثوليك، وبالطبع هؤلاء لن يتحالف المسلمون معهم، لكن النوعية الثالثة من الروم هم موسكو وأوروبا الشرقية، ويقول منظرو داعش إن الأجانب الذين انضموا إليهم يمثلون تحقيقا لهذه النبوءة وهم الذين سيستولون على روما من خلال المهاجرين المسلمين إليها ويسقطون روما لتحقيق النبوءات وحينئذ سيذبحون البابا ويحولون ساحة الفاتيكان إلى ساحة لنحر رجال الفاتيكان. ويذكر المفسرون أنه عندما وصل قسطنطين إلى حكم روما صنع روما الثانية وأسماها القسطنطينية وهى التى اجتاحها محمد الفاتح سلطان العثمانيين عام 1456، هذا الفكر تبنته داعش وذكرت أن عليها تحقيق أو استكمال النبوة بالاستيلاء على روما الحالية من خلال جيشها الذى يتكون الآن من المهاجرين إليها، وهذا الأمر لن يتم بدون القضاء على جوج «ياجوج» وماجوج والسد الذى بناه ذو القرنين ليحبسهما كى لا يؤذيا البشر ففى نهاية الأيام يسقط السد ويخرج جوج وماجوج لإهلاك العالم. ولقد روى جاك شيراك الرئيس الأسبق لفرنسا إن الرئيس جورج بوش والذى يؤمن بالملك الألفى للمسيح وبجوج وماجوج وتدمير ثلثى العالم اتصل به عندما قرر غزو العراق منفعلا قائلا: «كيف لا تضع فرنسا جهدها فى خدمة الرب لتخليص البشرية من جوج وماجوج». وهكذا تجد ــ عزيزى القارئ ــ أن الأصوليين فى الأديان الإبراهيمية الثلاثة اتفقوا على ما يلى:
أولا: قيام حرب عالمية ثالثة لا تبقى ولا تذر تدمر الإنسان والحيوان والطير والزرع وكل مظهر للحياة وفى التقليد اليهودى المسيحى الأصولى يكون العالم كله بجميع دوله ضد إسرائيل إلا أنها ستنتصر فى النهاية بعد فناء ثلثى العالم.
ثانيا: يشارك فى هذه الحرب جوج وماجوج المذكورون فى سفر حزقيال فى العهد القديم وسفر الرؤيا فى العهد الجديد وأيضا فى القرآن وسوف يكون لهم دور أساسى فى محاولة تدمير كل مظاهر الحياة على الكرة الأرضية وسوف ينجحون فى ذلك لكنهم لن يستطيعوا القضاء كاملا على الحياة. وفى النهاية يهزمون ويقتلون.
ثالثا: يعود السيد المسيح إلى الأرض ــ بحسب الفكر اللاهوتى المسيحى العام – أما أصحاب التفسير الأصولى منهم فيذكرون أن المسيح سوف يملك على الأرض ملكا حرفيا لمدة ألف عام فيها ينتهى الشر من العالم حيث يعيش الأسد مع الحمل ويضع الطفل يده فى جحر الأفعى ولا تؤذيه أى ينزع الله من جميع المخلوقات نزعة الشر ويعيشون معا فى سلام لا يكون فيها ولادة أو موت وبعد نهاية الألف عام تأتى القيامة العامة لجميع البشر ويقوم الأموات منذ آدم وتتم دينونتهم ويساق المدانون منهم إلى الجحيم حيث يتعذبون إلى الأبد فى الجحيم والمؤمنون يذهبون للسماء مع المسيح يعيشون يسبحون ويفرحون إلى الأبد. أما اليهود فيقومون ببناء الهيكل ويرفعون ذبيحة على المذبح لكن لا تنزل نار من السماء وتأكلها فيؤمنون بالمسيح الذى اضطهدوه وصلبوه.
أما اللاهوت اليهودى فيتوقف عند بناء الهيكل وظهور المسيا اليهودى الذى سيقوم بحكم العالم.
أما الفقه الإسلامى فيتحدث عن يوم الحشر والحساب والدينونة ويساق المذنبون إلى الجحيم ويتمتع المؤمنون بالجنة والنعيم. ولعلك تلاحظ عزيزى القارئ أن الأصوليين فى جميع الأديان اتفقوا على تدمير الحضارة الإنسانية لأنها فاسدة وخاطئة.

إكرام لمعي  أستاذ مقارنة الأديان
التعليقات