نفق ممتد.. وليس عنق زجاجة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 10:57 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نفق ممتد.. وليس عنق زجاجة

نشر فى : الإثنين 19 سبتمبر 2016 - 9:55 م | آخر تحديث : الإثنين 19 سبتمبر 2016 - 9:55 م
قبل أيام قليلة سألت أحد رجال الاقتصاد البارزين: متى نخرج من عنق الزجاجة؟. الرجل أجاب بهدوء شديد قائلًا: «نحن لسنا فى مرحلة عنق الزجاجة، التعبير الأقرب إلى حالتنا هو أننا فى نفق طويل وممتد».

«عنق الزجاجة» تعبير نستخدمه كثيرا فى العديد من الحالات التى تشير إلى أزمات، وفى تقدير رجل الاقتصاد، فإن الحالة التى يمر بها الاقتصاد المصرى تجعل من الصعب وصفه بأنه عنق زجاجة، ما يعنى إمكانية الخروج منها قريبا.

تعبير نفق من وجهة نظره، يشير بالأساس إلى مسألة التوقيتات والمؤكد أن حل المشكلة الاقتصادية الاجتماعية، فى مصر سوف يستغرق وقتا، وبالتالى فعلى الذين يتوهمون أن الأزمة سوف تنتهى غدا أو بعد غد ان يفيقوا ويدركوا حجم المشكلة.

هل تعبير نفق مقلق؟!.

ليس بالضرورة.. صحيح ان كلمة نفق تعطى إحساسا بالظلمة والقلق والطول وعدم وجود هواء للتنفس خصوصا للحالات المرضية أو الحالات النفسية التى تعانى من رهاب المناطق المغلقة، لكن النفق يعنى أيضا احتمالا حقيقيا لوجود ضوء فى نهايته.

فى تقدير رجل الاقتصاد المصرى الذى تحدثت إليه، هناك ضوء حقيقى فى نهاية، النفق، وهو أمر جيد ومتفائل، لكنه ليس شيكا على بياض، بمعنى أن كلمة الضوء فى نهاية النفق، وإن كانت تشير إلى شىء جيد، لكنه قد يكون ضوءا خفيفا وضعيفا أو ضوءا مبهرا أو «نص نص».

مرة أخرى الذى يحدد كل شىء هو الطريقة التى سيتصرف بها المصريون سواء كانوا حكومة أو شعبا.

الشىء المؤكد أنه لا توجد إجابات يقينية جازمة بشأن الاقتصاد المصرى ومستقبله، لأن شكل الإجابة يتوقف على كيفية تصرف المصريين. إذا سارت الأمور بالطريقة التقليدية، وإذا استمر نفس النظام الاقتصادى المتردى، والنظام الادارى المترهل، فقد نتفاجأ ــ لا قدر الله ــ بأن النفق مسدود، وفى أفضل الأحوال سنرى ضوءا فى نهاية النفق، ولكنه ضوء شديد الضعف والشحوب، ويشبه ضوء «اللمبة الجاز السهارى» التى كانت موجودة فى بيتنا بالصعيد قبل دخول الكهرباء إلى قريتنا بأسيوط عام ١٩٧٥.

إذا تغير «السيستم» وقادت الحكومة عملية ثورية حقيقية لإصلاح الاختلالات الهيكلية فى الاقتصاد وغيرت «السيستم» فعلا، واستبدلته بنظام مختلف وجديد، يقوم بالأساس على الشفافية والمنافسة العادلة والمحاسبة والمراقبة والكفاءة، وإن تدار كل المؤسسات على أسس اقتصادية حقيقية وليست ملفقة، إذا حدث كل ذلك، فسوف نتفاجأ بأن النفق صار قصيرا، وإن هناك ضوءا قويا وساطعا وباهرا ولامعا فى نهايته.

الذى يخرج الاقتصاد المصرى من أزمته، هو أن يتم حل الأزمة الفعلية التى يعانى منها، لأنه ــ وحسبما يقول الخبير الاقتصادى ــ فإن بلدا به حوالى ما يقرب من مائة مليون نسمة، لم يعد الإصلاح بالمسكنات مجديا. فى تقديره أيضا، أن الحكومة ستكون واهمة اذا اعتقدت ان مجرد رفع الدعم ولو بصورة كاملة سيحل المشكلة.

هذا الإجراء ــ رغم صعوبته وثمنه الفادح ــ لن يكفى بمفرده، بل لابد من مصارحة الشعب بحقيقة المشكلة التى نمر بها، وان يسمع الناس الكلام الحقيقى الذى لا يحبون سماعه، وفى المقابل أن تصارح الحكومة نفسها أيضا وتدرك أنها جزء من المشكلة بتراكم المشاكل القديمة أولا، وسياساتها الخاطئة فى كثير من الملفات ثانيا، وعدم مواجهتها للفساد بصورة جذرية.

إذا كانت الحكومة ستجعل قطاعات كثيرة من الشعب تتحمل جزءا من ثمن الإصلاح، فهل تنفذ الحكومة حصتها وتصلح من نفسها أيضا؟!. سؤال متروك الإجابة عليه لحضراتكم.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي