الفقراء كثيرون يا سيادة اللواء! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 4:24 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الفقراء كثيرون يا سيادة اللواء!

نشر فى : السبت 19 مايو 2018 - 9:00 م | آخر تحديث : السبت 19 مايو 2018 - 9:00 م

هل صحيح أنه لا يوجد فقراء فى مصر كما قال اللواء ممدوح شعبان رئيس جمعية الأورمان يوم الأربعاء الماضى، فى المؤتمر الوطنى الخامس للشباب؟!!.

اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعى بسبب هذا التصريح، خصوصا أنه جاء بعد أقل من خمسة أيام من رفع أسعار تذاكر المترو.

السؤال من الذى يحدد حجم ومستوى وخط الفقراء؟!

لن نلجأ لتعريفات معارضين للحكومة، بل إن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء ــ الذى كان يرأسه اللواء أبوبكر الجندى قبل تعيينه وزيرا للحكم المحلى ــ أعلن أن المواطن الذى يحصل على دخل يقل عن ٤٨٢ جنيها شهريا أو ما يعادل ٥٧٨٨ جنيها سنويا يقع تحت خط الفقر. وطبقا لهذا المقياس فإن حوالى ٢٨٪ من سكان مصر، تحت خط الفقر، وليس فقط مجرد فقراء. وهذا الرقم مستمد من بحث الدخل والإنفاق الذى أجراه الجهاز لعام ٢٠١٥.

هل تحسَّن دخل المصريين فى الأعوام الثلاثة الماضية أم زاد سوءًا؟.

تعويم الجنيه ورفع أسعار الوقود وسائر أنواع الخدمات، قفز بالأسعار إلى مستويات قياسية، ولأن الرواتب والحوافز تراجعت إلى حد كبير، أو على الأقل لم تكن مساوية لمستوى ارتفاعات الأسعار، فإن القيمة الشرائية للنقود انخفضت. وبهذا المعنى فإن الـ٤٨٢ جنيها التى كان يتم القياس عليها عام ٢٠١٥، تقلصت إلى النصف، وبالتالى، وطبقا لبعض التقديرات فإن كل من يقل دخله عن ٨٠٠ جنيه وربما ألف جنيه شهريا صار تحت خط الفقر.

كنت موجودا فى فندق الماسة، حينما طلب الرئيس السيسى من اللواء ممدوح شعبان أن يتحدث عن جهود جمعية الأورمان. الرجل تحدث بصورة صادقة وأمينة، وسرد جهود جمعيته، وقال إن حجم التبرعات زاد من ٣٠٠ مليون جنيه إلى أكثر من مليار جنيه خلال ٣ سنوات، وصارت الجمعية تقيم مشروعات لحوالى ٨٣ ألف أسرة، وليس فقط ١٢ ألفا.

ظل اللواء شعبان يتحدث بصورة مبشرة حتى ختم كلامه بعبارة «مفيش فى مصر حد فقير». حينما قال هذه الجملة قلت لزميل صحفى يجلس بجوارى فى القاعة: «ستكون هذه الجملة حفلة السوشيال ميديا لهذه الليلة، وربما ليالٍ أخرى»!!.

حينما خرجنا من القاعة بعد نهاية جلسة «أسأل الرئيس»، قابلت اللواء ممدوح شعبان وقلت له: «لقد كنت موفقا فى كل ما قلته، لكن خانك التعبير فى الجملة الأخيرة؛ لأنها غير صحيحة بكل المقاييس». الرجل شرح بأنه لم يقصد المعنى الذى وصل لنا، وان تعريف مفهوم الفقر يختلف من شخص لآخر، وبالنسبة له مثلا فإن أى مواطن ينام فى مكان له سقف، أو لديه قوت يومه فهو ليس فقيرا. قلت له أتفق معك فى تعريف «قوت اليوم»، لكن أختلف فى مسألة السقف، الأخيرة مفهوم إنسانى اجتماعى جيد، لكن ماذا عن أسرة من خمسة او سبعة أفراد مثلا تقيم داخل غرفة مسقوفة ولها باب، ودورة مياه، لكن بلا دخل أو دخل ضئيل جدا؟!.

ظنى الشخصى أن الرجل، لم يكن يقصد المعنى المباشر للفقر، وربما يكون التعبير قد خانه، فأطلق الكلمة نتيجة حماسه.
وربما أيضا هو متفائل نتيجة ما يراه من كثرة التبرعات التى تصل لجمعيته. لكن المشكلة الكبرى أنه مع كل التقدير للجهود الكبيرة التى تبذلها جمعية الأورمان وسائر الجمعيات الأخرى مثل «رسالة» و«مصر الخير» وغيرها، إلا أنها جزء صغير من المشكلة.

الفقر فى مصر مشكلة حقيقية، وسببها ليس الحكومة الحالية، لكنها نتيجة تراكم سياسات خاطئة منذ عام ١٩٧٤ حسب رأيى. وفى رأى آخرين أنها منذ عام ١٩٦٧ أو حتى عام ١٩٥٢!.

كل ما تجمعه الجميعات الخيرية، هو نقطة فى بحر الأزمة. على سبيل المثال، «الأورمان» جمعت مليار جنيه فى ٣ سنوات، فى حين أن الرئىس يقول فى كل اجتماع، أن أى مرفق من مرافق الدولة يحتاج لعشرات المليارات. فى جلسة يوم الاربعاء الماضى قال الرئيس إن تطوير الخط الأول من المترو يحتاج ٣٠ مليار جنيه، وقبلها قال إن السكة الحديد تحتاج إلى أكثر من خمسين مليار جنيه.

أين تكمن المشكلة؟ إننا نعانى من ندرة المسئولين السياسيين. لدينا مسئولون كثيرون يتمتعون بالطيبة والأخلاق والعمل الجاد، لكن معظمهم لا يملك مهارات السياسى. ولهذا السبب رأينا عشرات الأخطاء المجانية.. وهذا حديث قريب إن شاء الله.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي