المعروف - جمال قطب - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 3:49 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المعروف

نشر فى : الخميس 19 أبريل 2018 - 9:05 م | آخر تحديث : الخميس 19 أبريل 2018 - 9:05 م

ــ1ــ
«المعروف» مصطلح مشهور فى الفكر الإنسانى عامة، وفى الفكر العربى خاصة، ثم جاء الإسلام فرفع شأن المعروف وجعله فريضة دينية قررها القرآن الكريم وطبقها الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم.
و«المعروف» قيمة من قيم الفطرة تمثل «جسرا متينا» للتواصل بين المختفلين إذ لا يصح أن يتحول أى خلاف إلى عداوة ومبارزة وقتال.
ولا يحق لأحد أن يمنع المعروف عن آخر بسبب خلاف دينى أو فكرى أو عملى ونفعى.
فاختلاف الناس لا يبرر عداوتهم، ولا يسبب محاصرتهم أو محاربتهم وقتالهم.
وإذا كان الفكر الإسلامى قد أقر «المعروف» ودعا إليه، فإن الإسلام قد نقل مكانة المعروف ورفعها فجعل «المعروف» تكليف إلهى، وفريضة دينية متقدمة تسبق الشعائر!!

ــ2ــ
لا تعجب من قولى إن «المعروف» فعل الخير الخالص لجميع الناس فى كل ظروفه فريضة دينية مقدمة على الشعائر (الصلاة والزكاة... إلخ).
بل إن القرآن الكريم قد أوضح أن المعروف دعوة عامة وسلوك عام مع جميع الخلق أما الإيمان فهو دعوة خاصة موجهة إلى مستوى خاص من العقول، وفى مستوى خاص من الظروف، بل ربما تمهل الداعى إلى الإيمان حتى يبحث الآخرون عن الإيمان وترى ذلك واضحا فى ترتيب كلمات الله فى القرآن الكريم. ((كنْتمْ خيْر أمة أخْرجتْ للناس تأْمرون بالْمعْروف وتنْهوْن عن الْمنْكر وتؤْمنون بالله ولوْ آمن أهْل الْكتاب لكان خيْرا لهمْ ۚ منْهم الْمؤْمنون وأكْثرهم الْفاسقون) ).

ــ3ــ
هكذا ترتيب أفعال ميثاقه:
1. تأمرون بالمعروف.
2. تنهون عن المنكر.
3. تؤمنون بالله.
فهذا ترتيب إلهى يبين لك «درجة المعروف» فى التشريع الإسلامى فينبغى معرفتها وعدم الخلط بين درجة المعروف ودرجة الإيمان بالله.

ــ4ــ
نعم فإن البعض يجعلون الأمر بالصلاة والزكاة والدعوة إلى الإسلام والايمان من «المعروف»، وهذا ليس شديد، فرغم أن الإيمان بالله وإقامة الشعائر معروفة فى الدين ومشهورة، بل وذات أولية «لدى المسلم» فى ذاته وبين أبناء عقيدته، لكن هذا شىء والأمر بالمعروف الوارد فى الآيات القرآنية شىء آخر.

ــ5ــ
فالمعروف الذى يدعو القرآن له هو الخير والسلام والعمران والتنمية والسعى لكافة الناس ما تحتاجون إليه من ضرورات.
و هذا «المعروف» هو «الجسر المتين» المحقق لاستمرار التواصل بين المؤمن وغيره.
فالتواصل بالمعروف «رابطة إنسانية جامعة» ينبغى الحفاظ عليها تمهيدا لحدوث روابط أخرى حيث مثل «رابطة النسب»/ «رابطة الصداقة»/ ورابطة الجوار حيث يتعارف الناس بعضهم على بعض، ويطمئن الجميع إلى أن السلام هو قاعدة التعامل، والاحترام هو سلوك الجميع.
هكذا عبر القرآن الكريم وكلف أتباعه بالبحث عن الآخرين والتقارب معهم والتعارف عليهم كى يتعرفوا عليك حيث قال الله: ((وجعلْناكمْ شعوبا وقبائل لتعارفوا)).

ــ6ــ
فالتعارف لا يتم إلا فى مناخ يسوده السلام، ولا يحقق آثاره إلا من خلال تواصل ودعم وإيمان وحرص على حقوق الأخرين.

يتبع

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات