من الظلمات إلى النور - جمال قطب - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 4:51 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من الظلمات إلى النور

نشر فى : الخميس 18 أكتوبر 2018 - 10:00 م | آخر تحديث : الخميس 18 أكتوبر 2018 - 10:00 م

1ــ ظلمة الجهل
أبرز الغايات من إرسال الرسل وإنزال الكتب أن يخرج الناس ــ كل الناس ــ من الظلمات إلى النور.. نعم فما أكثر الظلمات التى تحيط بالناس فى الدنيا، ظلمات كثيرة ومتعددة، وبعض هذه الظلمات شديدة التأثير عن غيرها، لذلك فإخراج الناس من الظلمات إلى النور بغرض إزالة هذه الظلمات الأكبر فالأكبر، حتى يشعر الإنسان بفائدة النور ويسعى دائما للبقاء فى ضوء النور وبعيدا عن الظلمات.
ــ1ــ
وأكبر الظلمات التى تحيط بالإنسان «ظلمة الجهل»، والجهل مراتبه كثيرة متعددة وقمتها «الأمية» وهى جهل القراءة والكتابة، ومنها جهل الفطرة؛ حيث نجد إنسانا ولد فى بيئة سيئة يسيطر عليها صانعو الشر والاحتكار والفساد.. ذلك الوليد محترف سلوكيات البيئة التى وجد فيها، ولا ننسى أن «الأمية» ليست مستوى واحدا بل مستويات كثيرة متعددة، منها الأمية الهجائية، والأمية الثقافية التى تبدو فى عدم دراية الشخص بحقيقة ما يدور حوله من أحدث محلية أو عالمية، وهناك الأمية المنهجية التى تعنى عدم دراية الشخص بقواعد التمييز بين الحق والباطل وبين الصواب والخطأ، وبين الحقيقى والمزيف، فضلا عن عدم معرفته كيف يستقى معلوماته.
ــ2ــ
ومن علامات ظلمة الجهل أن ترى الشخص يقضى سنوات تعليمة قرابة 20 % من عمره فى تعلم ما لا يحب، ولا يفهم، والأسوأ من ذلك أن يدرس ما لا فائدة منه ولا مطلوب لعمل فى وطنه، ولا يصلح للعمل خارج وطنه، فتلك كارثة مركبة تشمل ضياع العمر، وفقدان القدرة على الإنتاج، وإهدار موارد الدولة، وزيادة البطالة المقنعة.
ــ3ــ
ومن علامات الجهل أن ترى الشخص غير سعيد بعمله ووظيفته، فلا يسعى لتنمية قدراته، بل يسعى للترقى دون كفاءة، وربما وصل إلى درجة من المسئولية لا يحسنها، وهنا تتفاقم الأزمات. أزمات كثيرة، أزمة الإدارة السيئة، وأزمة التخلف وعدم التقدم وأزمات نفسية كثيرة للمتعاملين معه، وينهى كل ذلك إلى تخريب بمقدرات البلاد وإهدار لمواردها وخروج من حلبة التنافس مما يجعل تسرب تلك الآثار السيئة إلى نواحٍ أخرى فى التجمع سهلا وميسورا وسريعا.
ــ4ــ
ومن علامات الجهل ألا يعرف الفتى أو الفتاة كيف يختار كل منها شريك حياته، فترى الأطراف المتعددة تخالف المنطق والعقل، ويتناسى الفطرة والواقع ويتقدم الفتى للزواج من فتاة إعجابا بجمالها دون النظر إلى ثقافتها العائلية، ودون التأكد من رغبتها فى بناء أسرة صالحة وترى الانشغال بالمظاهر والعادات والتقاليد. وكذلك ترى الفتاة تفضل بين المتقدمين لها شخصا ذى وظيفة معينة!!! متناسية أن حتى منصب الوزير أو الرئيس لا يدوم، فكيف بوظيفة فى أول السلم الوظيفى، وقد تفضل شخصا ذى مال!!! وتتناسى أن المال مهما كثر فلا أمان له ولا بقاء إلا لقدر من العلم والعقل والتجربة والمشورة. ويؤكد ما نقول ما تذيعه بعض التقارير عن ارتفاع نسبة الطلاق فى العام الأول والثانى من الزواج.
ــ5ــ
من علامات الجهل أن يعجز الوالدان عن اختيار المجال المناسب للأبناء فى التعليم، فلابد من اختيار مجال التعليم المتوافق مع قدرات الأبناء وضرورة الاتفاق كثيرا على معرفة وتحديد المجال الأصلح لقدرات الأبناء وكذلك الرياضة المناسبة والهوايات المنشطة لملكاته ومهاراته، بغض النظر عن إرادة الآباء، ورغبات الصغار، فاختيار التعليم والرياضة والهواية لابد أن يتم على أسس علمية تضمن سعادة الأبناء كما تضمن تنامى العلوم والمهن مع تقدم الأوطان واستقرارها.
يتبع

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات