رونالدو على غلاف «الوول ستريت»!! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 5:33 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رونالدو على غلاف «الوول ستريت»!!

نشر فى : الأحد 17 يونيو 2018 - 9:25 م | آخر تحديث : الأحد 17 يونيو 2018 - 9:25 م

صحيفة «وول ستريت جورنال» هى واحدة من أهم الصحف الأمريكية والعالمية على الإطلاق. هى الجريدة المفضلة لصناع القرار فى الولايات المتحدة وأوروبا، ولا يستغنى عنها أى مستثمر أو رجل أعمال حقيقى، لأنها الأكثر تأثيرا، خصوصا فى عالم المال والاقتصاد والعملات والبورصة.
هذه الصحيفة ــ بجلالة قدرها ــ وضعت على صدر صفحتها الأولى فى عددها الصادر صباح السبت الماضى صورة على ستة أعمدة، من إجمالى الثمانية أعمدة، لنجم كرة القدم البرتغالى كرستيانو رونالدو، وهو يحتفل بهدفه الثالث لفريق بلاده أمام المنتخب الإسبانى فى أول مباراة للفريقين مساء الجمعة الماضى بمونديال روسيا.
المباراة كما هو معروف انتهت بالتعادل بثلاثة أهداف لكل فريق. ويمكن القول إنها كانت بين إسبانيا ورونالدو الذى سجل الأهداف الثلاثة «هاتريك» بمفرده.
ما فعله رونالدو فى هذه المباراة أمر خارق، وقبل ذلك كانت له محطات وأهداف حاسمة كثيرة مع بلاده ومع فريقه ريال مدريد أهمها هدفه الإعجازى من الوضع طائرا فى مرمى فريق اليوفنتوس الإيطالى.
هذه السطور ليست لتحليل المباراة أو استعراض مهارة اللاعب الافضل عالميا لسنوات، ولكنها للحديث عن الانقلاب فى عالم الصحافة الذى يجعل صحيفة فى حجم وأهمية ووقار «الوول ستريت»، تضع صورة لاعب كرة ليصبح غلافها الرئيسى.
انتهت تماما الفوارق بين ما هو رياضى وسياسى واقتصادى، ليس فقط لأن كرة القدم صارت تمثل شغفا للجميع، بل لأنها لم تعد مجرد لعبة يمارسها ٢٢ لاعبا على المستطيل الأخضر، بل هى خليط من اقتصاد وسياسة واجتماع وإعلام.
العديد من الصحف الكبرى صارت تهتم بـ«اقتصاديات كرة القدم»، ووفقا لمرصد الدراسات الرياضية السويسرى، فإن قائمة أغلى 10 لاعبين فى العالم تضم:
نيمار داسيلفا: 215.6 مليون يورو، وليونيل ميسى: 202.2 مليون يورو، وهارى كين: 194.7 مليون يورو، وكيليان مبابى: 192.5 مليون يورو، وكيفين دى بروين: 171.4 مليون يورو، وديلى آلى: 171.3 مليون يورو، وباولو ديبالا: 176.2 مليون يورو، وروميلو لوكاكو: 164.8 مليون يورو، وبول بوجبا: 152.4 مليون يورو، ومحمد صلاح: 150.2 مليون يورو.
لكن الوول ستريت لم تضع رونالدو بصورة احتلت أكثر من نصف الصفحة العلوى، بسبب راتبه الضخم، حيث يتقاضى 365 ألف جنيه استرلينى أسبوعيا، ويصل مجموع دخله من راتب ومكافآت إلى 240 مليون جنيه استرلينى، بل لانها تقول انه يكتب تاريخا جديدا فى تاريخ الرياضة.
الوول ستريت لم تكن استثناء، فكبرى الصحف العالمية صارت تتعامل بجدية بالغة مع نجوم الكرة. والملاحظ أنه خلال الشهرين الأخيرين فإن غالبية الصحف الدولية الكبرى أفردت مساحات كبيرة للحديث عن ظاهرة نجمنا المتألق محمد صلاح.
على سبيل المثال فإن الواشنطن بوست قالت الأحد فى مقال لكاتبها افشين مولافى ان «صلاح، لا ينظر اليه باعتباره مهاجما فذا، بل رمزا وطنيا يضع أمة على كتفه».
المقصد من وراء كل الأمثلة السابقة أن ظهور نجم كرة كبير على الصفحات الأولى، لم يعد قاصرا على الصحف والمجلات الرياضية المتخصصة، ولكن انتقل للصحف العامة، والأهم إلى الصحف التى ظن الجميع أنها شديدة الرصانة.
لم يعد عيبا أو مخالفا للأعراف وقواعد الإتيكيت الصحفى، أن تختار صحيفة بحجم الوول ستريت، رونالدو ليظهر على صفحتها الأولى. القواعد تتغير من وقت لآخر، وما كان يمكن اعتباره مقدسا فى الماضى، قد يصبح عاديا فى وقت آخر.
فى الصحافة الغربية، ما يزال الاعتبار الأساسى هو للقواعد المهنية، وأهمية الخبر للجماهير. للأسف فى غالبية صحافتنا العربية، ما يزال الجمود هو المسيطر.
فى هذه الصحف قد تجد أخبارا غير مهمة على الإطلاق تتصدر الصفحات الأولى، وصدارة نشرات الأخبار، فى حين تنزوى الأخبار المهمة فى الصفحات الداخلية، وقد لا يتم الالتفات لها من الأساس، وكأنها لم تحدث أصلا.
أن تهتم وسائل الاعلام بما يهم الناس، فهو أساس وجوهر عملها، حتى تظل قادرة على جذب اهتمام قرائها، وبالتالى التأثير فيهم، ليس فقط من خلال المحتوى الجاد، ولكن من خلال الصورة والرسوم التوضيحية وسائر فنون الإخراج الصحفى.
ما فعلته «الوول ستريت» درس مهم لغالبية صحفنا العربية، التى ما يزال بعضها يعتقد أن جولة السيد الوزير أو المحافظ أو اللواء رئيس الحى، أهم من هدف لرونالدو أو ميسى أو محمد صلاح.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي