حال الصعيد.. يحكيه ويبكيه الطريق - عنتر عبدالعال أبوقرين - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 1:40 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حال الصعيد.. يحكيه ويبكيه الطريق

نشر فى : الأحد 17 يونيو 2018 - 9:20 م | آخر تحديث : الأحد 17 يونيو 2018 - 9:20 م

ظاهرة غريبة يلاحظها كل من يستخدمون الطريق الصحراوى الغربى، فالطريق المتجه إلى القاهرة حالته سيئة جدا بينما الطريق المتجه إلى الصعيد حالته أقل سوءًا بكثير، رغم إنشائهم فى وقت واحد، وهو ما يثير التساؤل حول أسباب هذه الظاهرة. وبالبحث والتقصى اتضح أن سبب تدهور الطريق المتجه إلى القاهرة هو أنه تسلكه الشاحنات الثقيلة المحملة بالحبوب والخضراوات والفاكهة والمواشى وأحجار الرخام والجرانيت، بينما تعود هذه الشاحنات إما فارغة أو محملة بالشيبسى والبيبسى. هذه الظاهرة ليست على هذا الطريق فقط، بل فى جميع الطرق الإقليمية التى تربط الصعيد مع الشمال.
هذا الوضع يلخص حال الصعيد المستنزف من موارده الطبيعية الخام، وهو ما يحرمه من استغلال تلك الموارد فى تحقيق تنمية إقليمية حقيقية فى إقليم يحظى بأعلى معدلات الفقر فى مصر. لماذا لا يتم عمل مصانع للرخام والجرانيت فى الصعيد بدلا من نقل هذه الأحجار الثقيلة آلاف الكيلومترات إلى القاهرة؟ لماذا لا يتم تصنيع منتجاته الزراعية فى داخله لتوفير فرص عمل حقيقية لأبنائه، بدلا من سفرهم غير المرغوب فيه، إلى القاهرة؟
الصعيد ليس مستنزفا فقط من موارده الطبيعية، بل مستنزفا أيضا من موارده البشرية، والتى لا يراها وزير التنمية المحلية سوى عبء على العاصمة البهية. ومما لا شك فيه أن ضعف مستويات التنمية فى الإقليم لا يحرم الإقليم من موارده الطبيعية فقط، بل يحرمه أيضا من موارده البشرية المتميزة. فكل من يملك مهارة من أبنائه، عمالا أو أطباء أو مهندسين، يتجه شمالا سعيا وراء فرص عمل أفضل، وهو ما يفرغ الإقليم من موارده البشرية، ويضعف قدرته على تحقيق تنمية حقيقية.
هذا هو حال الصعيد، والذى نستنتجه من ظاهرة واحدة على طريق واحد. الصعيد يعانى من غياب عدالة التنمية، فكل مشاريع التنمية الكبرى فى مصر اليوم، وبعد ثورتين، هى فى الشمال. عدالة التنمية والتنمية المتوازنة حق من حقوق الإنسان، كما أنه حق يكفله الدستور فى مصر. حق مهدر، فنصيب الفرد فى القاهرة الكبرى من استثمارات الدولة فى البنية الأساسية والمرافق ومشاريع التنمية أضعاف نصيب الفرد منها فى الصعيد. مطلب واحد يجب على برلمانيى الصعيد أن يطالبوا به: أن تقدم جميع الوزارات بيانا رسميا بجميع استثماراتها ونفقاتها فى جميع المشاريع والخدمات فى كل محافظة خلال السنوات الخمس الأخيرة. أتحدى أن يتم تلبية هذا الطلب.
غياب عدالة التنمية جريمة تنموية فى حق الأقاليم المهمشة، ومخالفة دستورية، ينبغى على الدولة وعلى أبناء الصعيد من سياسيين وبرلمانيين محاسبة الحكومات عليها؛ تفاديا لأن يأتى يوم يقوم فيه الأفراد بهذه المحاسبة.

عنتر عبدالعال أبوقرين  استاذ مساعد التخطيط العمراني والا قليمي،كلية الهندسة،جامعة المنيا
التعليقات