الأخوة الإنسانية - سامح فوزي - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 11:26 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأخوة الإنسانية

نشر فى : الأحد 17 فبراير 2019 - 2:10 م | آخر تحديث : الأحد 17 فبراير 2019 - 2:10 م

تحدث كثيرون فى مؤتمر الأخوة الإنسانية فى «أبوظبى» الذى نظمه مجلس الحكماء المسلمين، وحضره مرجعيات دينية من كل الأديان والمعتقدات، وتكلل بقمة بحضور بابا الفاتيكان فرنسيس وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب. ضمن ما لفت انتباهى حديث شيق صدر من مرجعية هندوسية من الهند. تحدث بإنجليزية بسيطة وسليمة، اتسم بالجاذبية فى العرض، وسلاسة فى عرض الأفكار. بصرف النظر عن الحديث عن الأديان ذات الجذور الإبراهيمية ــ أو ما نسميها السماوية ــ وبين المعتقدات الوضعية، فإن حديث الرجل جاء ممتعا، لأنه مس جوهر «الأخوة الإنسانية» ــ الانسان أولا، قبل أن يؤمن ويعتقد، ويتفاعل مع العالم المحيط بوصفه إنسانا. من كلامه المؤثر جملة من التساؤلات: ما دين الشمس؟ ما دين القمر؟ ما لون الهواء؟....إلخ، المعنى المراد من هذا الحديث أن البشرية تشترك فى العالم، وينبغى أن تحسن إدارته، لا يحتكرها أصحاب ثقافة بعينها ولا تتحزب لصالح دين أو تجعل اختلاف معتقداتها سببا فى الصدام أو العنف.
نفتقد هذا الحديث كثيرا فى الخطابات الإعلامية والثقافية والتربوية بل والدينية. هناك كثافة فى الحديث عن الاختلاف الدينى، والانخراط فى السجالات العقيدية، والنظر بكثير من السلبية إلى أصحاب المعتقدات الأخرى. خطاب الانسانية غائب أو مغيب، وهو ما يؤدى فى أحيان كثيرة إلى انخفاض منسوب الأخلاق العامة. احترام البيئة، النظافة العامة، آداب الطريق، الاعتراف بحق الأجيال القادمة فى موارد المجتمع، وبيئة نظيفة، وحياة آمنة.
أعرف أن هناك خطابا فى المجتمع يقول إن الدين به كل شىء، فيه العقيدة، والقيم، والاخلاق، مصدر وحيد نستقى منه الحكمة والمعرفة، لا أحد يعارض ذلك، لكن هذا لا يمنع من أن ندرك أن خطاب الانسانية يشكل وشائج تجمعنا بالعالم الخارجى، وعندما تقف أمام المشكلات المشتركة نشعر أن البشر فى كل مكان يواجهون نفس التحديات، ويتطلعون إلى نفس الآمال.
واللافت أن الشباب فى هذا الوقت، ربما أكثر من أى وقت مضى، يدركون أهمية خطاب الإنسانية الذى يمتزج بالعولمة سواء فى ملابسهم، طرائق الاكل، مباريات الكرة التى يشجعونها، شغفهم بالتعلم فى الخارج، تواصلهم مع الفضاء الالكترونى.
الإشكالية التى تبدو أمامنا دائما كيف يكون الخطاب الدينى عصريا، بمعنى أنه يواكب تحديات العصر، ويتحدث عن الانسانية بمعناها الواسع، وفى الوقت ذاته يمنع تمييع الفواصل بين أصحاب المعتقدات فى إطار من التسامح والتنوع والاختلاف.
مؤتمر الأخوة الانسانية، وما تمخض عنه من وثيقة، شكل خطوة مهمة على طريق بناء التوافق الانسانى، ورسالة من قلب منطقة يمزقها العنف بأن التعايش ضرورة، بل هو الاساس لبناء عالم جديد لا يعرف العنف أو التعصب أو التحيز لأصحاب دين أو ثقافة أو معتقد، وجاءت الرسالة من قلب مجتمع يسع لكل الأديان والثقافات فى الامارات.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات