تصوير الأفلام الاجنبية فى مصر.. هل نفعلها هذه المرة؟ - خالد محمود - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 3:09 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تصوير الأفلام الاجنبية فى مصر.. هل نفعلها هذه المرة؟

نشر فى : الأربعاء 17 يناير 2024 - 7:30 م | آخر تحديث : الأربعاء 17 يناير 2024 - 7:30 م

أخيرا انتبهت مدينة الإنتاج الإعلامى لأهمية تصوير الأفلام الأجنبية فى مصر وفتحت أفقا جديدة بإجراءات من شأنها تسهيل مهمة السينمائيين العالميين لتنفيذ أعمالهم ووعد بتذليل جميع العقبات التى كانت تشكل عائقا كبيرا وتجعلهم يهربون إلى دول أخرى، حتى لو كانت محور أحداث الأعمال فى قلب مصر، فبعضها صور بالأردن والمغرب كان سيجرى تصويره بمصر لكنها واجهت عقبات من بينها التدخل الرقابى والضرائب على المعدات.
فى الواقع هذه الخطوة تأخرت كثيرا، بعد إهداء فرص كثيرة؛ لأنه لم يكن هناك من يعى قيمة هذا الأمر الذى كان يمكنه أن يحقق دخلا يقدر بملايين الدولارات، وإذا كانت «لجنة مصر للأفلام» التى تم تشكيلها لإنجاز هذه المهمة قد أكدت أن هناك مجموعة من الأعمال الأجنبية تم تنفيذها مؤخرا فلماذا لم يعلن عما تم تحقيقه من قبل فنحن لم نسمع عن مخرج كبير يصور فيلما ببلادنا.
وعلى استحياء تم الكشف بموقع مدينة الإنتاج عن عدد من الأفلام التى تم تنفيذها هنا بحسب تصريحات الدكتور هانى أبو الحسن سلام، مستشار رئيس مدينة الإنتاج الإعلامى لشئون التعاون الدولى مثل الفيلم القيرغيزستانى «الجنة تحت أقدام الأمهات» من إخراج روسلان أكون وإن جزءا كبيرا منه صور بمناطق التصوير المفتوحة بالمدينة بأحياء زفتى، والريفى، ومنطقة الحزام الأخضر إلى جانب شوارع المدينة، وفيلم آخر هو Inheritance، للمخرج نيل بيرجر والذى عرض بمهرجان تورنتو السينمائى، والفيلم البريطانى «الأشرار ٢»، والألمانى «البحر الأبيض المتوسط «والهندى» خودا حافظ «والسويسرى» العودة إلى الإسكندرية».
وتوقف أيضا عند مشروع الشباك الواحد، بالمدينة والذى يستقبل طلبات شركات التصوير الأجنبية ويسهل عملها داخل مصر سواء فى مدينة الإنتاج الإعلامى أو خارجها، وهو ما يعد أمرا احترافيا مهما ينبغى أن يتم الإعلان عنه فى كبرى وسائل الإعلام والمجلات السينمائية المتخصصة حتى تشاهده شركات الإنتاج الكبرى.
إذا كانت ثمة خطوات جادة بالفعل للاهتمام بهذا الملف فيجب الترويج لها وإعلانها فى كبرى المنصات العالمية حتى يدرك صناع الأفلام الدوليون أن هناك متغيرات جديدة للتصوير فى مصر.
أعلم أن المشروع أطلق منذ نهاية عام 2018 بموافقة رئيس الوزراء، وفى نهاية عام 2019 كانت بدأت شركات الإنتاج العالمية تتعرف على المشروع وبدأت مدينة الإنتاج الإعلامى فى إصدار التصاريح، بالتعاون مع لجنة مصر للأفلام المختصة بتخليص وتسهيل الإجراءات، لكن الأمر يحتاج إلى مجهود أكبر وفريق فعال ومستنير يحضر كل المهرجان والفعاليات السينمائية الكبرى وأسواقها الموازية، لتسويق جغرافية مصر كـ«استديو كبير»، وأنها على استعداد لتوفير كل المساعدات لشركات الإنتاج منها التصوير بالطائرات وتحت الماء أو الإمداد بخبرات.
وأن تقدم المدينة المعدات المطلوبة فى حالة أن شركات الإنتاج جاءت بدون معداتها، مع منح الإعفاءات الجمركية اللازمة فى حالة أن شركات الإنتاج أحضرت طاقمها ومعداتها لأنه لا يوجد إلزام من المدينة على شركات الإنتاج لاستخدام معدات مصرية؛ حيث إن الشركات لها مطلق الحرية فى استخدام المعدات التى توفرها المدينة أو تجلب معها معداتها.
الأمر الآخر وهو ما يثلج صدرى إذا ما تم تحقيقه دون عوائق من روتين وبيروقراطية وإجراءات معقدة مثلما كان يحدث فى الماضى، هو ما علمته من أن مدينة الإنتاج الإعلامى ستوفر مراجعات مع الأزهر والكنيسة وأساتذة التاريخ وتقدم للشركات الأجنبية مراجعات تاريخية وتوثيقية فى حالة طلبهم ذلك، لتكون الخدمة متكاملة.
وهنا أطالب بدور للسفارات المصرية بالخارج لتساعد فى الأمر بالترويج والدعم وأن تؤكد على أن مصر قضت على الإرهاب.
وهو ما يساهم بشكل كبير فى نجاح المهمة، خاصة أن شركات الإنتاج تسأل وتستفسر قبل الحضور لمصر، وبذلك تنقل الصورة الحقيقية لنظرائهم.
هناك دول شقيقة لديها أماكن مفتوحة للتصوير لم ترقَ أبدا للأماكن الموجودة فى مصر التى لها تاريخ ولا يوجد مكان آخر يشببها لموقعها الجغرافى الفريد فى قلب العالم، ونجحت هذه الدول فى جذب المخرجين الكبار للتصوير على أراضيها والاستفادة بتعزيز مدخلاتها الدولارية ومكانتها من خلال تذليل العوائق أمام الصناعة وخاصة الأجنبية منها.
كفى ما حدث فى السنوات السابقة من العديد من الأفلام الشهيرة كان من الممكن أن تصور فى مصر إلا أن تعقيد الإجراءات حال دون ذلك، مثل فيلم The English Patient الذى حصل على عدد من جوائز الأوسكار عام 1996.
إحدى الفرص التى ضاعت على مصر هى فيلم Gods of Egypt وهو فيلم فانتازى أمريكى نشر فى 2016 وتدور قصته حول الآلهة فى مصر القديمة، لكن لم يتم تصويره فى مصر.
طلب القائمون على الفيلم التصوير فى الأقصر وأسوان وسيوة عام 2014، إلا أن الجهات المعنية طلبت 15 مليون دولار للحصول على التراخيص بجانب ارتفاع قيمة الجمارك على المعدات وهو ما قوبل بالرفض من جهة الإنتاج.
ذهب فريق عمل الفيلم للتصوير فى المغرب رغم أن الأحداث تدور فى مصر، حيث وفّرت لهم أماكن التصوير مجانًا مقبل مضاعفة تكلفة الإقامة فى الفنادق طوال فترة التصوير.
أتذكر عندما زرت قبل عدة سنوات مدينة ورزازات المغربية لحضور تصوير مشاهد للفيلم العالمى «المصارع»، وعلمت أن المخرج والمنتج العالمى ريدلى سكوت كان يرغب فى تصوير مشاهد كثيرة فى مصر بالأماكن التاريخية الأصلية لإضفاء نوع من الواقعية، لكنه واجه عقبات.
وأعترف أننى حزنت لذلك، وهو الآن اختار تصوير مشاهد الجزء الثانى من الفيلم الشهير فى مدينة ورزازات أيضا والتى أصبحت تلقب بـ«هوليوود إفريقيا» بمشاركة مجموعة من أبطال الفيلم منهم دينزل واشنطن وبيدرو باسكال، هذا العمل السينمائى الضخم، مكّن من خلق ما لا يقل عن 4000 منصب شغل، حيث التحق الكثير من أبناء المنطقة بطاقم «غلادياتور 2» كممثلين كومبارس فيما عاد بعضهم لامتهان حرف مرتبطة بصناعة الأفلام، إلى جانب إتاحة الفرصة لطلبة المعهد المتواجد بالمدينة والمختصص فى مهن السينما للتدرب على يد فريق عمل عالمى. وقد وصلت إيرادات تصوير الأفلام الأجنبية بالمغرب خلال سنة 2023 مليار درهم 100 مليون و650 ألف دولار، وفق ما صرح بذلك وزير الثقافة والشباب والتواصل محمد مهدى.
وذكر أن الميزانية بلغت من المنتجين الأجانب بالمغرب بدون احتساب الرسوم، فى عام 2019 قبل تفشى كورونا نحو 83.3 مليون دولار و76.5 مليون دولار عام 2018.
الآن علينا التحرك أكثر بخطة ورؤية واقترح عقد مؤتمر كبير يتم خلاله دعوة مسئولين عن شركات الإنتاج العالمية الكبرى وإطلاعهم بالإجراءات الجديدة للتصوير فى مصر، وهى إجراءات مهمة وأخذهم فى رحلة لأهم المناطق من الصحراء المفتوحة إلى الشوارع التاريخية بالقاهرة والأماكن السياحية بالأقصر وأسوان بجمالها وسحر طبيعتها.
فمصر تمتلك العديد من مواقع التصوير التى تمكّنها من احتلال مكانة كبيرة فى مجال تصوير الأفلام الأجنبية، بحسب عالية، إلا أننا لا نستطيع تسويقها بالشكل الأمثل.

خالد محمود كاتب صحفي وناقد سينمائي
التعليقات