معجزة الكون الجميل - صحافة عربية - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 2:25 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

معجزة الكون الجميل

نشر فى : الجمعة 16 نوفمبر 2018 - 11:00 م | آخر تحديث : الجمعة 16 نوفمبر 2018 - 11:00 م

نشرت جريدة الاتحاد الإماراتية مقالا للكاتب «محمد عارف» يتناول فيه معجزة خلق الكون ونظرية الانفجار العظيم.
«كل متر مكعب من الكون معجزة». قال ذلك الشاعر الأمريكى «والت وايتمان». ولو عرف «وايتمان» ما يعرفه طلاب المدارس اليوم لقال: «كل ذرة فى الكون معجزة». فالكون كما نعرفه الآن نشأ عن «الانفجار العظيم» الذى حدث قبل نحو 14 مليار عام. وأقرب صورة نعرفها اليوم للكون تعود إلى عام 480 مليونا عقب الانفجار. التقط الصورة التلسكوب الفضائى «هابل» وكتبتُ عنه قبيل إطلاقه فى إبريل 1990: «إنه كما لو كنا جالسين على مرتفع يحيط بنا الضباب من كل جانب، ونكاد لا نرى على بعد خطوتين من مواقع أقدامنا، ثم ينقشع الضباب، وفجأة نبدأ نرى الناس والكائنات والبيئة التى تحيط بنا على امتداد البصر».
و«إدوين هابل» (1889 ــ 1953) الذى أُطلق اسمه على التلسكوب، برهن على أن الكون أكبر كثيرا مما كان يُعتقدُ حتى مطلع القرن الماضى، وأنه يحتوى على مليارات المجرات الشبيهة بمجرتنا «درب التبانة» التى تضم مائة مليار نجم، وكل ما فى الكون، بما فيه مجرتنا، يتباعد بعضه عن بعض بسرعة متعاظمة منذ «الانفجار العظيم». ذكر ذلك العالم اللبنانى حسن شريف، مؤلف كتاب «فى رحاب الكون». ولم تتغير صورة الكون الذى وصفه «شريف» فى كتابه المنشور عام 1980، ولا تزال التساؤلات قائمة حول «الذرة الأم» أو «البيضة الكونية» التى تفجرت وولدت مادة كل شىء فى الكون، بما فيه نحن البشر. وقد يتوقف تمدد الكون ويتقلص مرة أخرى فى بؤرة واحدة. الأمر الوحيد المؤكد حتى الآن هو أن «الانفجار العظيم» نظرية «ناجحة تماما»، حسب أليكس فيليبنكو، عالم فيزياء الفلك فى جامعة بيركلى فى كاليفورنيا.
«ثم استوى إلى السماء وهى دخان»، هذه الآية الكريمة استشهد بها «شريف» عند حديثه عن نشوء الكون، حسب نظرية «الانفجار العظيم». وأحدث تأويل اليوم لهذه النظرية يماثل القول الدينى «الواحد الأحد». وتنطلق النظرية من فكرة أن الكون بدأ بنقطة «التفرُد» (singularity) أو «الواحد الأحد»، حيث لا حد للكثافة والحرارة، والتى تعجز عقولنا عن إدراك طبيعتها، وهى تماثل فى هذا نظرية أينشتاين فى «النسبية العامة». وتتيح لنا أحداث فضائية ساحرة هذه الأيام فرصة بديعة لأن نرفع رءوسنا نحو السماء، ونرى زخة الشلال النيزكى «ليونيدز» الذى يبلغ ذروة زخِّه يوم غد الجمعة. واسم «ليونيدز» مستمد من نقطة انطلاق النيزك من برج نجوم «ليو». وأفضل موقع لرؤية النيزك بعيدا عن أضواء المدينة، حيث تُفضَّلُ رؤيته بالعين المجردة، دون استخدام منظار أو تلسكوب، قد يُضيقان فسحة السماء التى نتابعها. والنيازك بنات المذنبات، وشاهدتُ فى يوليو عام 1994 حادث ارتطام مذنب جبار بكوكب «المشترى»، أكبر وأجمل كواكب المنظومة الشمسية. وتابعتُ من «مركز جودارد» الفضائى فى ميريلاند بالولايات المتحدة ارتطام المذنب، الذى أحدث فجوات فى «المشترى» بحجم الكرة الأرضية، وبلغت قوة انفجاره مليار طن. وهناك قالت لى مكتشفة المُذنب، عالمة الفضاء الأمريكية «كارولين شوميكر»، إنها تشعر بالعرفان لكوكب «المشترى» الذى قد يكون أنقذ الأرض عندما سحق بقوة جاذبيته المغناطيسية الجبارة المذنبَ واجتذبه إليه بعيدا عن الأرض.
وأروع ما فى الكون هو الكون، وهذه حصيلة تجربتى منذ انصرفتُ للكتابة العلمية عام 1989. آنذاك كانت مركبتا «فوياجر1» و«فوياجر2» اللتان أطلقتا عام 1977 قد وصلتا كوكب «نبتون»، وحققتا أعظم رحلة فضائية استكشافية فى القرن العشرين. وتواصل المركبتان، اللتان تبعدان الآن أكثر من 21 مليار كيلومتر، تبادل الرسائل مع الأرض. ومع أنهما تبثان المعلومات بسرعة الضوء، إلا أنها تستغرق أكثر من أربع ساعات حتى تصل الأرض. وعقل الإنسان الذى يواصل إبداع هذه المركبات والعمليات هو أكثر ما يدهش فى الكون.

الاتحاد ــ الإمارات

التعليقات