جاريد كوشنر وفن الإذلال - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 1:53 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جاريد كوشنر وفن الإذلال

نشر فى : السبت 16 فبراير 2019 - 11:35 م | آخر تحديث : السبت 16 فبراير 2019 - 11:35 م

نشرت صحيفة Foreign Policy مقالا للكاتبين Michael Hirsh & Colum Lynch حول الدور الكبير الذى يلعبه صهر الرئيس الأمريكى «جاريد كوشنر» فى السياسة الخارجية الأمريكية خاصة تجاه القضية الفلسطينية.
استهل الكاتبان حديثهما بالإشارة إلى براعة جاريد كوشنر وقدرته على عقد الصفقات، وهو أحد صناع صفقة القرن والتى من المقرر الإعلان عنها فى القريب العاجل. والجدير بالذكر أنه لا يتعامل مع الفلسطينيين على أساس مبدأ المساومة وإنما يتعامل معهم وفقا لسياسة «خذ واترك».
يرجع الفضل لكوشنر فى إنقاذ اتفاق نافتا الجديد ــ الذى عقده ترامب مع كندا والمكسيك ــ من الانهيار. وفى هذا السياق وصفت سفيرة الولايات المتحدة السابقة فى الأمم المتحدة «نيكى هالى» كوشنر فى تصريح لها بأنه «العبقرى الخفى». وفى سياق آخر، كان كوشنر وراء قانون لإصلاح القضاء الجنائى الذى من شأنه أن يفتح المجال أمام تحقيق أهم تغيير فى النظام القضائى الأمريكى منذ عقود، والجدير بالذكر أن هذا القانون يمثل هاجسا لكوشنر منذ أن حكم على والده بالسجن لمدة عامين بتهمة التهرب من الضرائب والتبرعات غير القانونية.
***
لقد أعطى ترامب لكوشنر مهمة أخرى جديدة متعلقة بالشرق الأوسط ألا وهى إدارة خطة للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والذى كان من المتوقع أن يتم الكشف عن بعض تفاصيلها فى مؤتمر وارسو الذى انعقد الأسبوع الماضى.
قام كوشنر ــ قائد الفريق الثلاثى المسئول عن إعداد خطة السلام بين إسرائيل وفلسطين والتى تضم المبعوث الخاص للسلام فى الشرق الأوسط «جيسون جرينبلات» والسفير الأمريكى فى إسرائيل «ديفيد فريدمان» ــ بحملة للتقليل من مكانة القضية الفلسطينية من خلال تسوية أحادية الجانب لما كان يعرف باسم قضايا «الحل النهائى». مرة تلو الأخرى، لاحظنا أن إدارة ترامب أصرت على إذلال الفلسطينيين؛ فنرى أن كوشنر كان له دور فى غاية الأهمية بخصوص نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، والذى يعتبر بمثابة اعتراف ضمنى بأن القدس عاصمة إسرائيل، وبالتالى يمثل هذا القرار ضربة موجعة للقضية الفلسطينية والذى حرص الكثير من المفاوضين الأمريكيين على إرجاء «قضية القدس» إلى محادثات الحل النهائى. كما دفع كوشنر إلى إنهاء العلاقات الرسمية بين الولايات المتحدة الأمريكية ومنظمة التحرير الفلسطينية، فضلا عن قطع المعونات الأمريكية لمنظمة الأونروا ورفض حق عودة اللاجئين الفلسطينيين.
وعلاوة على ذلك، فإن كوشنر كان العقل المدبر وراء الاستراتيجية طويلة المدى لإقناع الدول العربية الأخرى ــ خاصة السعودية ــ بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، حتى قبل تسوية القضية الفلسطينية؛ ما أثار غضب القيادة الفلسطينية، والتى أعلنت أن هذا التحرك بمثابة انتهاك لمبادرة السلام العربية التى قادتها السعودية عام 2002، والتى كان فحواها السلام أولا ثم الاعتراف بإسرائيل بعد ذلك.
«يبدو أن هدف كوشنر الأساسى هو كسر آمال الفلسطينيين فيما يخص حقهم فى إنشاء دولة ذات سيادة كاملة والتركيز على تقديم مكاسب اقتصادية»، وذلك وفقا لخبراء فى الشرق الأوسط.
لكن حتى الآن، لم تؤد جهود كوشنر إلا إلى غضب الفلسطينيين وإحراجه، خاصة بعد أن كان حليفه العربى المؤيد لجهوده الرامية إلى كسب الاعتراف بإسرائيل متورطا فى عملية قتل صحفى. ونتيجة لسياسات إدارة ترامب تجاه القضية الفلسطينية أعلنت السلطة الفلسطينية رفض التعامل معها. وفى هذا السياق أدانت حنان عشراوى ــ عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ــ «مؤتمر وارسو» واعتباره محاولة لإعادة صياغة سياسات الشرق الأوسط بطريقة تحابى إسرائيل وتضر بالفلسطينيين. وأضافت أن: «كوشنر وفريقه قضوا على ثقة الفلسطينيين فى الولايات المتحدة بسبب القرارات الأخيرة التى اتخذتها الإدارة بشأن الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، ورفض حق عودة ملايين اللاجئين الفلسطينيين، وقطع جميع المساعدات الإنسانية للفلسطينيين».
واستطردت عشراوى: «نحن متشككون للغاية فى الموقف الأمريكى تجاه القضية، فمن الواضح أنه متحيز بشكل كبير لإسرائيل. ليس لدى الفلسطينيين أى ثقة على الإطلاق فى جاريد كوشنر وأمثاله، بما فى ذلك جرينبلات وفريدمان». ويعلق الكاتبان على حديثها بأن كوشنر وجرينبلات وفريدمان يهود الأرثوذكس ومن ثم لديهم التزام قوى وعميق تجاه إسرائيل.
وفى تصريحات سابقة لكبير المفاوضين الفلسطينيين «صائب عريقات» قبل انعقاد مؤتمر وارسو: «أن السلطة الفلسطينية لن ترسل ممثلين إلى مؤتمر لوزراء خارجية ورؤساء الدول ــ بمن فيهم رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ــ برعاية الولايات المتحدة فى بولندا.
وأضاف عريقات «إن مؤتمر وارسو هو محاولة لتجاوز مبادرة السلام العربية وتدمير المشروع الوطنى الفلسطينى». بعد أن تم نقل السفارة فى عام 2018، أعلن الفلسطينيون أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على أن تكون وسيطا ذا مصداقية فى محادثات السلام.
***
وأضاف الكاتبان أنه على النقيض من جهوده السابقة، والجهود الخفية المبذولة من أجل التوصل إلى توافق فى الآراء حول اتفاق نافتا الجديد وقانون إصلاح القضاء الجنائى، كانت السمة المميزة لدبلوماسية كوشنر فى الشرق الأوسط هى اتخاذ خطوات جريئة أحادية الجانب ــ مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وقطع المساعدات عن اللاجئين الفلسطينيين للضغط على الفلسطينيين وخضوعهم لإرادة واشنطن.
وقال غيث العمرى ــ زميل بارز فى معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ومستشار سابق للرئيس الفلسطينى محمود عباس ــ أن «الاستراتيجية المتبعة من جانب واشنطن غير فعالة». وأشار إلى أن قرار الولايات المتحدة بنقل سفارتها إلى القدس جعل من الصعب على الزعماء العرب تبنى خطة كوشنر للسلام.
وفيما يتعلق بالإعلان عن صفقة القرن، قال ديفيد ماكوفسكى ــ زميل بارز فى معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ــ لم تكن هناك فرصة لتقديم إدارة ترامب خطة سلام قبل الانتخابات الإسرائيلية العامة المقرر عقدها فى أبريل القادم. وأضاف: «أنه فى حالة فوز بنيامين نتنياهو بفترة أخرى، لا يمكن أن يعترض نتنياهو على ما يقوله ترامب»، واستطرد حديثه قائلا: «قد تكون خطة ترامب للسلام بمثابة تذكرته لخلق المزيد من الحيز السياسى لنفسه». وفى ضوء محاولة كوشنر وفريقه إقناع القوى العربية الرئيسة، بما فيها الأردن والسعودية، يقول ماكسوفسكى «إن هذه الخطة تستحق المزيد من النقاش، وهو أمر يجعل من الصعب رفضها».
وقال المسئول السابق فى وزارة الدفاع الامريكية إيلان جولدنبرج ــ الذى عمل بفريق وزير الخارجية الأمريكى الأسبق جون كيرى للسلام فى الشرق الأوسط: «إنه يعتقد أن خطة كوشنر الأصلية قد ماتت، وقام بوضع واحدة أخرى، مشيرا إلى أن واشنطن خسرت الفلسطينيين تماما، ولا يمكن استعادتهم مرة أخرى إلا إذا اتخذ ترامب خطوات كبيرة باتجاههم».
وأضاف جولدنبرج: «إن النظرية الحمقاء القائلة بأنك تستطيع أن تضغط على الفلسطينيين وأنهم سوف يستسلمون ليست الطريقة التى يعمل بها الفلسطينيون».

إعداد: زينب حسنى عزالدين
النص الأصلى:
https://bit.ly/2SORp6I

التعليقات