ما الذى يحدث فى الأهرام؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 5:19 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما الذى يحدث فى الأهرام؟

نشر فى : الثلاثاء 16 فبراير 2010 - 9:03 م | آخر تحديث : الثلاثاء 16 فبراير 2010 - 9:03 م

 «شىء ما جيد يحدث فى مؤسسة الأهرام العريقة».. ومنذ شهر أو أكثر بدأت الصفحة الأولى هذه الصحيفة ــ التى صدر عددها الأول فى 5 أغسطس 1876 ــ تشهد بعض الحرارة فى اختيار الموضوعات والمعالجات والعناوين. ذات صباح قرأت خبرا عن تجمهر مواطنين فى سيناء يشكون الإهمال بعد كارثة السيول مصحوبا بصورة موضوعية، اختلط على الأمر.. ظننت اننى أقرأ صحيفة مستقلة أو معارضة، ثم تنبهت أنها الأهرام. لم أكن وحدى الذى اختلط عليه الأمر فى هذا الصباح، معظم الزملاء والأصدقاء كانوا يعلقون على الأمر مرحبين أو مستغربين. فى الأيام التالية بدأ الأمر يتكرر ورأينا أخبارا من عينة.. إضراب سائقى السكة الحديد يواجه الوزير الجديد.. وتوقف الحكومة عن سداد أقساط ديون البنك الدولى، وتوسع فى نشر أخبار الاحتجاجات الاجتماعية.. والأهم الحرص فى بعض الأحيان على نشر وجهة النظر فى موضوعات مختلفة.

قبل هذا الذى يشبه الانقلاب فى صفحة الأهرام الأولى، كانت «الأهرام المسائى» قد شهدت انقلابا فعليا شكلا ومضمونا منذ تولى رئاسة تحريرها الزميل الأستاذ طارق حسن. لحسن الحظ فإن الانقلاب كان أبيض ونحو الأفضل، وفى أيام كثيرة لا تستطيع التفريق بين صفحتها الأولى وأى صحيفة معارضة أخرى. إضافة بالطبع إلى أعمدة الرأى الأكثر تحررا نسبيا بحكم أنها تخص أصحابها فقط.

هل تغيرنا.. أم تغيرت القصيدة كما يقول الراحل محمود درويش؟.. السؤال بعبارة أخرى ما الذى حدث؟.. التفسيرات متعددة وكثيرة ولكن معظمها يحسب للدكتور عبدالمنعم السعيد رئيس مجلس الإدارة الرجل على الأقل اكتشف أن الدنيا تغيرت ولا تثبت على حال، غيره على سبيل المثال فى الصحف الموصوفة بالحكومية. يركن إلى أن الرئىس أو الوزير أو النجل عينه فى منصبه، وبالتالى فلن تيغير سواء ارتفع التوزيع إلى مليون نسخة أو انخفض عن الألف نسخة.

اتخيل ــ ولا أملك معلومات ــ أن الإحساس بأن عرش الصحافة الحكومية قد بدأ يهتز أمام الصحف الخاصة، واتساع مساحة الحرية فى الفضائيات ــ هو الذى يقف وراء هذا التغيير فى الصحف القومية، رأينا صحفا خاصة تتجاوز فى توزيعها بعض الصحف الحكومية، والأهم أن تأثير هذه الصحف بدأ يصبح ملموسا وقويا وبالتالى فإن السؤال الذى فرض نفسه على مالكى هذه الصحف ومسئوليها هو: إلى أين نحن ذاهبون إذا استمرت هذه المعادلة؟ لأن سوء المستوى يعنى انخفاض التوزيع وعدم التأثير وبالتالى انتفاء الغرض من وجود هذه الصحف.

الصحافة الحكومية لا تنقصها اللقاءات المهنية، فهى عامرة بالكثير، لكن ينقصها حسن الإدارة أولا وغياب الطموح ثانيا والأهم إيمانها العميق بنظرية «المشى جنب الحيط وأحيانا داخل الحيط». هل يعتقد أحدكم أن الرئىس مبارك يتصل برئيس تحرير صحيفة حكومية ليطلب منه عدم مهاجمة وزير المالية أو البيئة أو التعليم؟! ما أعلمه أن هذا الأمر لا يحدث، لكن «الملكيين أكثر من الملك» هم الذين يؤثرون السلامة، «يبططون» صحيفتهم حتى تتحول إلى منشور ميت بلا طعم أو لون.

على الزملاء فى الصحف الحكومية أن يشكروا الصحف الخاصة، فلولا وجود الأخيرة وزيادة تأثيرها ما اضطرت بعض الصحف القومية إلى التغيير ومراعاة المعايير المهنية فى تغطية بعض الأحداث، وكل هذا يصب فى مصلحة القارئ والمجتمع وتضييق الخناق على «الفاسدين والمستبدين الصغار».

مرة أخرى.. ما يحدث هو طاقة نور ينبغى الترحيب بها.. صحيح أنها مقتصرة فقط على بؤر صغيرة وضد بعض الشخصيات والوزراء، وليس ضد السياسات السيئة، لكن من قال إن التغيير يتم فى يوم وليلة!

عماد الدين حسين  كاتب صحفي