الصورة النمطية للشاب الخليجى.. تتغير - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 10:32 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الصورة النمطية للشاب الخليجى.. تتغير

نشر فى : الجمعة 15 فبراير 2019 - 10:55 م | آخر تحديث : الجمعة 15 فبراير 2019 - 10:55 م

هل الصورة النمطية للمواطن الخليجى المحفورة فى أذهان كثيرين منا، ما تزال صحيحة؟!
هل جميع الخليجيين هم تلك النوعية التى نراها فى الأفلام، أى المواطن الذى يلبس الغترة والعقال، ويضع قدمه على زجاج السيارة الفارهة، ولا يشغل باله إلا البذخ والسفه والانفاق على السهرات الصاخبة فى الملاهى والكازينوهات؟!
الذى جعلنى أطرح هذه الأسئلة، هى الصورة المختلفة التى رأيتها فى أبوظبى ودبى خلال الايام الماضية.
ظهر الإثنين الماضى كانت هناك كلمة للسيدة إيبسى كامبل بار، أول نائبة لرئيس جمهورية كوستاريكا، وهى واحدة من المدعوات الأساسيات للقمة العالمية للحكومات التى انعقدت فى دبى الأسبوع الماضى.
دخلت القاعة، لأستمع إلى ما تقوله هذه السيدة القادمة من دولة لا يعرفها كثيرون فى منطقة الكاريبى أو أمريكا الوسطى.
الكلمة كانت ممتعة، لأنها ركزت على حماية البيئة والتنمية المستدامة. كنت أعتقد أن الحضور سيكون قليلا، لكن المفاجأة أن القاعة الرئيسية كانت ممتلأة عن آخرها بمئات الحاضرين، غالبيتهم من مواطنى الإمارات.
بعضنا ما يزال يعتقد أن معظم الإخوة الخليجيين لا ينشغلون بالأمور الجادة. ولا يمكن لوم هؤلاء لأن بعض الممارسات ما تزال مستمرة، خصوصا لدى بعض أعضاء الأسر الحاكمة فى المنطقة، ونقرأ ونسمع عن عجائب لا يمكن تصديقها، ونرى انفاقا سفيها يمكن ان يساهم فى تنمية كل المنطقة ويعود بالربح على اصحابه!
لكن هناك صورة اخرى مختلفة، وهى أن هناك جيلا جديدا من الشباب الخليجيين سافر للخارج، وتلقى تعليما متميزا، وعاد لبلاده، ليكسر هذه الصورة النمطية.
مساء يوم الجمعة دخلت «متحف المستقبل فى مدينة جميرا» وهو يعرض أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا فى العالم، وما يمكن أن تصل إليه حتى ٢١٠٠. من كان يقوم بالشرح فتيات إماراتيات، متمكنات جدا. هذا الامر لم يلفت نظرى فقط، بل العديد من الاعلاميين.
سألنا أكثر من واحدة عن دراستها، فعرفن أن بعضهن درسن فى الخارج، وحصلن على شهادات دكتوراه أو ماجستير، فى حين أن أخريات درس فى جامعات الإمارات، خصوصا جامعة زايد. هن يجدن الإنجليزية بطلاقة، وكذلك اللغة العربية. كن مبتسمات دائما بصورة لائقة ومحترمة وودودة.
الحاضرون لجلسة نائبة رئيس كوستاريكا كان معظمهم من كبار موظفى الحكومة والقطاع الخاص، غالبيتهم كان يستمع إلى المحاضرة، ويركز فيما تقوله المتحدثة، وقبلها كان الأمر نفسه فى كلمة مدير عام المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الوايبو» فرانسيس جارى.
للأسف الشديد فإن بعض الندوات التى أحضرها فى القاهرة، يكون الحضور ضعيفا، أو أن نسبة غير المهتمين كبيرة، وتزيد محاولات «التزويغ»، وحتى لو زاد حجم الحضور فإن التركيز لا يكون كبيرا.
ظاهرة الاهتمام والتركيز ليست فقط، قاصرة على دبى، بل شاهدتها قبلها بأيام فى أبوظبى خلال مؤتمر الإخوة الإنسانية، بحضور بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر.
وللموضوعية فإن الشباب المتعلم ليس ظاهرة إماراتية فقط، بل موجودة فى مدن خليجية مختلفة ومنها السعودية وقطر. وأتذكر أن السفير السعودى السابق فى مصر أحمد القطان، وزير الشئون الإفريقية حاليا، قال خلال لقاء مع إعلاميين مصريين، إن عدد المبعوثين السعوديين للخارج زاد عن مليون شخص. وقد قابلت نماذج من هؤلاء فى الصيف الماضى فى كندا تدعو للفخر والإعجاب.
لا أتحدث عن السياسات الخليجية الحالية، أو الانقسامات بين هذه الدولة أو تلك، ولكن أتحدث عن رهان عام على المستقبل خصوصا فيما يتعلق بالتعليم والتكنولوجيا.
فى تقدير الكثيرين، فإن الشباب الخليجى الذى درس فى جامعات أجنبية مرموقة، أو فى جامعات بلاده، سيتمكن من تغيير الواقع الذى رسخ لسنوات طويلة فى هذه المنطقة، وتسبب فى تشويه صورة العرب عموما.
مرة أخرى، ليس معنى كل ما سبق أن الحياة وردية فى الخليج.
المشكلات الاقتصادية كثيرة، وبدأت تظهر بوضوح فى العديد من الدول، لأسباب متعددة أهمها الحروب الأهلية والمذهبية بالمنطقة، والتى لا يستفيد منها إلا الاعداء. وهناك مشاكل متعلقة بالحريات وحقوق الإنسان، وبدأنا نسمع عن قصص غريبة من خلال السوشيال ميديا. لكن الشباب الجديد فى الخليج، يقدم صورة تختلف تماما عن تلك المحفورة فى أذهان الكثيرين.
إن آجلا أو عاجلا سيدرك الجميع أن الثروة الحقيقية هى البشر وتعليمهم وحريتهم وتنمية عقولهم وابتكارهم وليس أى شى آخر.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي