حتى يغيروا ما بأنفسهم: 7- لا تكذب على نفسك - جمال قطب - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 12:19 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حتى يغيروا ما بأنفسهم: 7- لا تكذب على نفسك

نشر فى : الخميس 15 فبراير 2018 - 10:20 م | آخر تحديث : الخميس 15 فبراير 2018 - 10:20 م

هل مرض ابنك يوما فذهبت به إلى النجار ليعالجه؟ بالتأكيد لم يفعل العاقل هذا أبدا، بل إن جميع الناس إذا أحسوا بالمرض أو حدثت طوارئ الصحة يذهبوا جميعا إلى الطبيب وإلى المستشفيات وتبدأ فورا إجراءات الاستقبال (من أشعة / تحليلات / نقل دم / تنفس.. إلخ).

والعقلاء جميعا فى مثل تلك الظروف لا يستمعون لغير خبرة الطبيب والمتخصص.. وتلك فطرة إنسانية أن نعهد بالأمور إلى من درسوها وتخصصوا فيها.. ومادام الحال كما ذكرنا، فلماذا تغرك النفس فتضع نفسك فى مجال لا تعلمه، وعمل لم تتخصص فيه.. كيف تكذب على نفسك فتقوم بممارسة عمل لا تحسنه؟ أليس ذلك كذبا على النفس؟ أليس الكذب نفاقا؟! وهل ترضى لنفسك إذا تعرضت لأزمة طبية أن يتقدم الهواة والراغبون ليجربوا علاجك؟! من المؤكد أنك لا ترضى ولا تتمنى أن يحدث ذلك. فلماذا تتجرأ أنت وتسعى لعمل لم تدرسه ولم تتدرب عليه؟! إياك أن تكذب على نفسك.

ــ1ــ

كثيرة كثيرة صور الكذب على النفس، فترى من يعانى قلة دخل لا يبحث كيف يرتقى علميا فى تخصصه، ولا كيف يزداد خبرة فيما هيأه الله له، بل يترك مجاله الذى يتقنه ويرمى بنفسه فى مجال آخر يراه أكثر مالا أو أكثر وجاهة، وهنا يقع المحظور حيث ترك مجال تميزه فأعجز المجتمع وحرم الناس من خبرته فى تخصصه، ثم واقعة أخرى حيث يتطفل على مجال لم يستعد له ولم يتعلم فيه ولم ينل فيه أى إجازة وتصريحا. فيا أيها الإنسان: لا تكذب على نفسك وتوردها موارد الهلكة..

ــ2ــ

وصورة أخرى من صور الكذب على النفس: أن تعهد بطلباتك إلى غير المتخصصين أملا منك فى تقليل التكلفة، أو سعيا منك للاستعانة بأصدقائك ولو فى غير تخصصهم، أو حتى تمردا على الأصول السائدة، وكل تلك المحاولات مقضى عليها بالفشل حيث بدأت بداية خاطئة. فإياك أيها العاقل من تجاهل التخصص العلمى والخبرات العملية وأهميتها فى ضمان نجاح مشروعاتك.

ــ3ــ

ومن صور الكذب على النفس أن تحاول نصيحة الناس بغير علم ولا خبرة، فإياك أيها المسلم أن تتطوع ببذل النصائح فى أمور لست خبيرا بها ولا تصرفات لا إحاطة لك بها، فكيف يجرؤ الإنسان على ادعاء ما لا يحسن وتحمل مسئولية ما لا يتقن.. فإذا حدث ذلك تكاثرت الأخطاء وتزايدت الخسائر، وهنا تقترب ساعة النهاية والفناء لشخصك ولكل الأعمال والمهام التى تتصدى لها حيث أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما سأله الرجل: متى الساعة؟ فقال صلوات الله عليه: «إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة».

ــ4ــ

وما معنى وسد الأمر إلى غير أهله؟ يعنى ذلك أن يمارس المهن والحرف غير المتخصصين فيها، ومعنى ذلك أن يتجرأ غير المؤهل علما وخبرة فينفرد بالأعمال حسب هواه أو قل حسب منفعته هو بغض النظر عن أصول العلم وضوابط الحق وخطوات الصواب، معنى ذلك أن يقوم غير الطبيب بعلاج المرضى وإجراء العمليات!! معنى ذلك أن يقود السيارة والسفينة والطائرة أفراد لم يتأهلوا لذلك فكيف يكون حجم الكارثة؟!!

ــ5ــ

لذلك جاء القرآن الكريم بقواعد وضوابط الأمن والأمان، فانظر قوله تعالى: ((ولا تقف ما ليس لك به علم)) أى لا تتصدى لأى مسئولية لم تبلغ فيها مبلغ نجاح المتخصصين، ويقول سبحانه وتعالى: ((إن الظن لا يغنى من الحق شيئا))، فلابد من اليقين العلمى والخبرة المؤكدة، كما أن الله جل جلاله قد فرض الشورى على الجميع حتى يتيح ذلك استكمال علمك واستيفاء خبرتك.. ولكن ما هى الشورى؟

يتبع..

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات