ناصر فى الميدان - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 12:36 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ناصر فى الميدان

نشر فى : الإثنين 15 يناير 2018 - 9:00 م | آخر تحديث : الإثنين 15 يناير 2018 - 9:00 م
مائة عام بالكمال والتمام مرت، على مولد جمال عبدالناصر فى 12 شارع قنواتى بحى باكوس بالإسكندرية يوم 15 يناير 1918، عاش منها بالجسد نحو 52 عاما (توفى فى 28 سبتمبر 1970)، لكنه منذ وفاته وحتى الآن لايزال أبوخالد يثير المعارك ولا تكف الأقلام عن الكتابة عنه سواء بالسلب أو الإيجاب، بوتيرة ترتفع حينا وتخفت أحيانا، لكنها مستمرة على مدى ما يقرب من خمسين عاما، فى برهان ساطع على أن الرجل سيظل حاضرا فى حياة المصريين أطول مما يظن بعض الحاقدين.

اليوم الثلاثاء يطرح عدد من الباحثين والمفكرين المصريين والعرب حقبة الزعيم الراحل على مائدة الحوار فى ندوة كبرى بمقر المجلس الأعلى للثقافة بدار الأوبرا، بدعوة من اللجنة القومية للاحتفال بمئوية عبدالناصر التى يتولى مقعد منسقها العام الدكتور مجدى زعبل، وهو نقاش مؤكد أنه سيعكس حرارة القضايا التى أثارها، والمعارك التى خاضها ناصر فى الداخل والخارج، لكن برؤية مستقبلية المأمول أن تقدم تقييما موضوعيا لحقبة مهمة من تاريخ مصر وتشابكها اقليميا ودوليا.

لقد ترك عبدالناصر إرثا من المنجزات، وعددا من الإخفاقات، وجميعها يحتاج نقاشا هادئا ورصينا، ليس لانصاف الرجل أو الهجوم عليه، بقدر ما يكون جزءا من محاولة لاستشراف المستقبل لوطن يمر بمرحلة دقيقة من التغيير، يرافقها شد وجذب فى الداخل، وتحيطها ظروف إقليمية ودولية فى غاية الاضطراب، وربما يكون استدعاء خبرة التجارب السابقة مفيدا للخروج من هذا الوضع الذى نعيشه بأقل خسائر ممكنة. 

يستحق عبدالناصر أن يحتفل محبوه بذكرى مئويته، ليس تمجيدا لفرد كما يدعى خصومه، الذين لا يزال بعضهم يكتفى بالهجوم عليه ووصفه بالديكتاتور أو بـ«الطاغية» مع كيل من السباب الرخيص إلى الزعيم الراحل، وإن كان الأمر داخل الحجرات المغلقة، ومن دون أن يجرؤ هذا البعض على المجاهرة فى وسيلة علنية بموقفه، وهو فى تقديرى، موقف ينم عن ضعف أصحابه، وعجزهم عن التأثير فى تيار عام لا يزال ناصر يستحوذ عليه، ليس بالعواطف ولكن بما خلفه من ميراث مادى ومعنوى فى بيوت ملايين المصريين.

البعض الآخر من المرضى النفسيين، أو من هم على شاكلة «عواجيز الفرح» لا يملون من تشغيل الاسطوانة المشروخة إياها عن إفساد التعليم، وتفتيت الرقعة الزراعية، والهزيمة العسكرية، وغيرها من كلمات يرددونها كالببغاوات، ويتناسون أن عبدالناصر مات قبل أكثر من 47 عاما، فماذا فعلتم أنتم خلالها؟ 

للأسف من يرفعون عقيرتهم بالهجوم على عبدالناصر ربما لم ينجز واحد منهم مقدار جناح بعوضة على صعيد العمل الوطنى، وربما على الصعيد الشخصى، ويأتى هجومهم على ناصر تنفيسا عن إحباط، إن لم يكن فشل فى تحقيق شىء ملموس، فيتم الاستعاضة عنه بكيل الشتائم والسباب الذى قد يخرج من بعض الأفواه.

من حق خصوم عبدالناصر نقده، ووضع مسيرته السياسية فى ميزان التقييم، بما يكشف ما له وما عليه، لكن ليس من حق أحد أن يدبج قصائد الهجاء الموتورة، أو أن يهيل التراب على الرموز الوطنية التى قدمت لمصر ما استطاعت أن تقدمه فى ظروف محلية ودولية كانت فى غاية الصعوبة، وانظر حولك الآن لترى كيف يتصرف سيد البيت الأبيض عبر الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيونى، وهو ما لم تجرؤ عليه واشنطن أو تل أبيب حتى فى ظل الهزيمة العسكرية لمصر والعرب.

سيظل عبدالناصر فى الميدان مذكرا الجميع بدوره فى الدفاع عن حق الفقراء والبسطاء فى العيش بكرامة وانتزاع نصيبهم العادل من ثروة بلدهم، ومساندة حركات التحرر بالبلدان العربية والإفريقية وأمريكا اللاتينية لنيل استقلاها، وانهاء حقبة الاستعمار البغيض، وهى لعمرى معارك أكبر من أن يدرك قيمتها المتضررون بسلب حفنة فدادين من اجدادهم اشباه الإقطاعيين لصالح الفلاحين المعدمين.
التعليقات