٧ ملاحظات على معركة اليونسكو - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 5:20 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

٧ ملاحظات على معركة اليونسكو

نشر فى : السبت 14 أكتوبر 2017 - 11:05 م | آخر تحديث : السبت 14 أكتوبر 2017 - 11:05 م
انتهت معركة اليونسكو، وفازت المرشحة الفرنسية أودريه أوزلاى بمنصب مدير المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم. هى يهودية الديانة، ولدت فى مدينة الصويرة المغربية، وعمل والدها مستشارا للملك محمد السادس.
هناك العديد من الملاحظات المبدئية على هذه المعركة. الملاحظة الاولى هى ان الخاسر الأكبر هم العرب مجتمعين وكانت المعركة، عنوانا صارخا على الحال التى وصلنا إليها.
كان مفترضا أن يكون المنصب من حق المجموعة العربية، منذ عام ٢٠٠٩، حينما تآمرت إسرائيل على مرشح مصر فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق بتهمة أنه معادٍ للسامية!. ثم تسابق أربعة مرشحين عرب من مصر والعراق وقطر ولبنان فى هذه الدورة.
المنطقى كان تنسيق العرب معا على مرشح واحد، ولو حدث ذلك لفاز باكتساح، لكن الواقع المرير، جعلنا نخسر جميعا.
الملاحظة الثانية أن حملة المرشحة المصرية السفيرة مشيرة خطاب بذلت جهدا كبيرا بقيادة الوزير الأسبق محمد العرابى والسفير نهاد عبداللطيف، وبدعم مباشر من وزير الخارجية سامح شكرى وبقية فريق الحملة. لكن صار واضحا أن مثل هذه المعارك لا تتوقف فقط على اسم المرشح ومؤهلاته، بل تتداخل فيها الرشاوى السياسية المباشرة وغير المباشرة، مع حجم نفوذ وتأثير دولة المرشح، والصورة الذهنية عن هذه الدولة من حيث عناصر كثيرة، خصوصا قوتها الناعمة، إضافة للدعاية والحملات الانتخابية.
الملاحظة الثالثة: يقول البعض إن أحد أسباب خسارة خطاب هو بيان المنظمات الحقوقية المصرية الخمس ضدها، وأن ملف حقوق الإنسان المصرى سيئ جدا، وإذا كانت سمعتنا فى حقوق الإنسان سيئة، وهى كذلك بالفعل.. فهل سمعة قطر جيدة؟!. هناك تقارير دورية من منظمات دولية عن انتهاكات بحق معارضين قطريين وبحق العمالة الآسيوية، لكن ذلك لم يؤثر على فرص مرشحها حمد الكوارى.
الملاحظة الرابعة هى أن معظم الإعلام المصرى يخاطب نفسه ولا يخاطب العالم، وقد توسع بأكثر مما ينبغى فى حكاية الرشاوى القطرية. مرة أخرى الرشاوى السياسية صارت للأسف قاعدة فى المناصب الدولية، وتتم تحت مسميات كثيرة. وإذا كنا دخلنا هذه المنافسة ولا ندرى أن هذا هو ما يتم، فتلك مصيبة. وإذا كنا نعرف أن قطر استخدمت نفس الأسلوب فى ملف تنظيم نهائيات كأس العالم عام ٢٠٢٢، فلماذا نستغرب ونتفاجأ بأن تفعل ذلك فى اليونسكو؟!
كان يفترض بالحملة المصرية، أن تضع كل هذه العوامل فى حسبانها، وهى تبدأ المنافسة، ولا يصح أن نصرخ فى وسط أو نهاية المعركة قائلين: «الحقونا.. أو امسك حرامى»، وكأننا اكتشفنا مفاجأة كبرى!!
الملاحظة الخامسة هى ضرورة التوقف عن اتهام دول خصوصا فى إفريقيا، بأنها تلقت رشاوى من قطر أو غيرها. إذا لم يكن لدينا دليل دامغ، فإن هذا لا يسىء إلى قطر، بل يسىء إلى عمق علاقتنا مع الدول الإفريقية التى سنحتاجها إن آجلا أو عاجلا، وقد استمعت إلى دبلوماسيين مصريين مخضرمين يقولون إن تأثير ذلك سيكون سيئا جدا على علاقتنا مع العديد من البلدان.
الملاحظة السادسة وهى ضرورة أن نلاحظ أن الدبلوماسية القطرية ما تزال تحقق نجاحات خارجية، وأدارت المعركة فى اليونسكو بمهارة، بغض النظر عن الوسائل. 
أقول هذا الأمر الذى قد يغضب كثيرين ويصدمهم، ولكن حتى لا نستمر فى العمل بطريقة «التبشير فى المؤمنين»، وهذا القول موجه أيضا لدول الرباعى العربى التى تتهم قطر بدعم الإرهاب.
حينما تنجح الحكومة القطرية فى تصدر السباق إلى اليونسكو حتى الجولة الأخيرة، فمعنى ذلك أنها استخدمت أوراقها جيدا، وأنها ليست فى عزلة كاملة، وبالتالى وجب على مصر والسعودية والإمارات والبحرين أن تعيد قراءة المشهد لإعادة تقييم الأوضاع فيما يتعلق بالتعامل مع قطر. لا أقصد أن تعيد العلاقات، بل أن تعرف كيف ولماذا تفوقت الدوحة، ونجحت فى تجنيد كل هذه الأصوات، ولماذا جاءت مصر فى المركز الثالث؟
الملاحظة السابعة والأخيرة هى أن الخارجية المصرية، فعلت خيرا حينما تنصلت من الشخص الذى هتف: «تحيا فرنسا وتسقط قطر»، لأنه أساء إلينا جميعا. وحبذا لو تم التحقيق فى كيفية دخول هذا الشخص، ولأى جهة يتبع، وإلى متى ندفع أثمانا مجانية لأخطاء تافهة، ينفخ فيها الآخرون بمهارة شديدة؟!

 

عماد الدين حسين  كاتب صحفي