نتنياهو والمقربين منه: القفز من السفينة قبل الغرق فى دوامة الاتهامات بالفساد - كتابات اسرائليه - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 6:34 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نتنياهو والمقربين منه: القفز من السفينة قبل الغرق فى دوامة الاتهامات بالفساد

نشر فى : الإثنين 14 أغسطس 2017 - 9:50 م | آخر تحديث : الإثنين 14 أغسطس 2017 - 9:50 م
نشرت مجلة Foreign Policy الأمريكية مقالا للكاتب «عاموس حاريل» ــ كبير المراسلين العسكريين بجريدة هاآرتس الإسرائيلية ــ حول الفضائح التى تلاحق رئيس الحكومة الإسرائيلية «بنيامين نتنياهو» وأفراد أسرته والمقريين منه.
استهل الكاتب مقاله بالمقارنة بين الفضائح والاتهامات التى تلاحق الرئيس الأمريكى «ترامب»، وبين نظيره الإسرائيلى، ولكن الأحداث تسير بنمط درامى سريع فى الحالة الإسرائيلية مقارنة بما يحدث فى الولايات المتحدة.
بدأت الأزمة حينما تقدم «أرى هارو» ــ المدير السابق لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى ــ إلى النيابة كشاهد ملك ضد فساد نتنياهو مقابل ضمان عدم تعرضه للسجن، وتمثل تلك الخطوة تطورا مهما فى وتيرة الأحداث المتصاعدة فى الداخل الإسرائيلى ليس فقط لانقلاب أكثر المقربين من نتنياهو ضده؛ بل أيضا بسبب حجم وقائع الفساد التى تم كشفها والتى لا تطال نتنياهو فقط إنما تمتد لتشمل زوجته وابنه الأكبر ومحاميه الشخصى وأحد وزرائه.
كما شن نتنياهو حملة شرسة ضد منتقديه ووصف تلك الاتهامات بالباطلة، وأن منافسيه من اليسار هم من يروجون الشائعات ضده، وحشد ثلاثة آلاف من أنصاره بالإضافة للوزراء المنتمين لحزبه كى يدعموه.
ويتم التحقيق مع نتنياهو فى قضيتين منفصلتين، الأولى هى القضية رقم 1000 والتى تتعلق بتلقى نتنياهو هدايا قيمة من رجال أعمال أثرياء مثل سجائر وخمور ومجوهرات تصل قيمتها إلى 150000 دولار، أما القضية الثانية رقمها 2000، والتى تتعلق بالمفاوضات بين نتنياهو وبين الرأس المدبرة لأفكاره الشيطانية «عموس موزيس» رئيس تحرير جريدة يديعوت أحرونوت حيث تقوم الجريدة عشية انتخابات الكنيست فى 2015 بدعم نتنياهو مقابل أن يقوم نتنياهو بعرقلة عمل الجريدة المنافسة لها والحد من طباعتها ونشرها. 
ويتورط فى الأمر أيضا بعض المقربين من نتنياهو، ويجرى التحقيق معهم فى القضية رقم 3000 بشأن تلقى الرشاوى خلال صفقة شراء سفن وغواصات ألمانية للبحرية الإسرائيلية، حيث لعب «ديفيد شمرون» ــ المحامى الشخصى لنتنياهو ــ دور الوسيط من أجل استكمال الصفقة وتلقى نسبة من ورائها.
بالإضافة للتحقيق مع «سارة نتنياهو» ــ زوجته ــ لاتهامها بإساءة استخدام المال العام لأغراض خاصة، وأيضا أشار أحد التقارير التليفزيونية إلى تلقى ابن نتنياهو الأكبر «يائير» هدايا من رجل أعمال أسترالى.
***
«أرى هارو» كان يتمتع بمكانة مميزة بين الدائرة الضيقة المحيطة بـ«نتنياهو»، ومن ثم أعطت اعترافاته وشهاداته دفعة قوية للتحقيقات، وقد خضع هو الآخر للتحقيق بشأن وقائع الفساد المتعلقة به، والتى تفيد بتورطه فى إساءة استغلال منصبه لتحقيق مصالح شخصية، وتفحصت الشرطة هاتفه الشخصى ووجدت أنه يحتوى على تسجيلات سرية لمحادثات تمت بين نتنياهو و«موزيس». ولم تكن تلك هى المعلومة الوحيدة التى يملكها «هارو» عن فساد نتنياهو، إنما يمتلك أيضا أدلة تفيد بوجود اتصالات غير مشروعة بين نتنياهو والعديد من المانحين وأدلة أخرى تشير لتلقى نتنياهو هدايا بأسلوب مثير للشبهات.
وما دفع « أرى هارو» للاتفاق مع النيابة للشهادة ضد نتنياهو، هو وجود اتهامات قوية عديدة ضده ستنتهى به حتما إلى السجن، لكنه بموجب تقدمه للشهادة من تلقاء نفسه فقد أفلت من السجن مقابل دفعه غرامة قدرها مائة وخمسة وتسعون ألف دولار وأداء الخدمة المجتمعية. ووفقا للكاتب «جيدى ويتز» فى صحيفة «هاآرتس» ــ وهو أحد أشهر الصحفيين الاستقصائيين ــ أن تلك التطورات المهمة لا رجعة فيها إذا ثُبت اتهام نتنياهو بها، بالإضافة إلى أن العقوبات والضمانات المفروضة على «أرى هارو» ليست كافية لإعفائه من المسئولية.
يضيف الكاتب بأن نتنياهو يحاول الحفاظ على هدوئه، كما حمل الإعلام مسئولية تلك الاتهامات الموجهة له بوصفها حملة ضده تسعى للتشهير به، ونشر قائمة كبيرة تضم جميع انجازاته، ودعا حلفاءه لتجاهل تلك الحملة الموجهة ضده، كما أنه تأسى بالرئيس الأمريكى ترامب وتبنى نفس أسلوبه فى الرد على ما يوجه إليه من اتهامات من خلال توجيه اتهام شخصى لمن يوجهها له، يُذكر أن «سارة نتنياهو» قامت بالدفاع عن نفسها وعن زوجها أمام الرئيس الأمريكى وقرينته خلال زيارتهما لإسرائيل فى مايو الماضى، حيث طالبتهما بعدم الالتفات للشائعات التى يروجها الإعلام المنحاز ضدها وضد زوجها. 
أصبح نتنياهو وأسرته محملين بروح عدائية قتالية ضد كل خصومهم ومنتقديهم، وبعد فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية أضحى نتنياهو شبيها به، حيث حذا حذوه وأصبح يطلق حملات تشويهية فى كل وسائل الإعلام ضد شخص الصحفيين والمعارضين له، وهو لم يكن يتحلى بتلك الصفة من قبل.
***
شن اليساريون حملات معارضة ضد فساد «نتنياهو»، ونظموا وقفات احتجاجية كل يوم سبت ضده أمام منزل النائب العام، مطالبين بتحقيق العدالة الناجزة، ورغم ذلك لا يجب الالتفات إلى كل الاتهامات التى يتم توجيهها إلى أسرة نتنياهو لأنها فى بعض الأحيان تكون تافهة.
ذكر الكاتب أن القانون الإسرائيلى لا يجبر رئيس الحكومة على التقدم باستقالته متى تورط فى أى اتهامات، وبالتالى وضع المحللون السياسيون الإسرائيليون رؤى للمستقبل فى ظل تلك الأحداث المتواترة: البعض يتوقع أنه لن يترك منصبه بتلك السهولة لأنه سيقاتل من أجل البقاء لآخر لحظة، فى حين يرى البعض أن نتنياهو سوف يدعو إلى انتخابات مبكرة متى ثبتت عليه التهمة، أو أن يساوم على منصبه مقابل عدم الخضوع للتحقيق.
ويبقى اللغز الأكبر بشأن حلفائه فى النظام وحول مدى استمرارهم فى دعمه لو ثبتت التهمة عليه، حيث استمر عدد قليل من الوزراء فى الدفاع عنه واضطر نتنياهو للاعتماد على ذوى المقاعد الخلفية من حزب الليكود كى يتولوا زمام الحملة الإعلامية فى البرامج التليفزيونية للدفاع عن نتنياهو، حيث قام «شارل ديفيد» الحليف السياسى له بمواعدة أعضاء حزب الليكود بتحسين أوضاعهم مقابل مساندة نتنياهو.
ورغم تلك الاتهامات إلا أن نتنياهو ما يزال يتمتع بالتأييد الشعبى، حيث يصل الأمر ببعض مؤيديه إلى حد تقديسه وتأليهه، وبعض مؤيدى اليمين يعتقدون أن نتنياهو هو الأنسب للتعامل مع الملف الأمنى بسبب أنه قائد وسياسى محنك لا ينساق بسهولة لأية أزمات ولا يجر إسرائيل للحروب ولا يقدم التنازلات للعرب بسهولة.
وعلى حد وصف أستاذ «موشيه هالبيرتال» فى جامعة نيويورك أن كل المؤامرات التى تحاك ضد نتنياهو تدل على أنه قائد ناجح وأنه لا يمكن أن يُلام على فشل حكومته.
من الجدير بالذكر أن فرصة بروز بديل يخلف نتنياهو فى رئاسة الحكومة متى تم الاطاحة به تكاد تكون معدومة؛ حيث إن نتنياهو قد قام عمدا بإضعاف الوزراء فى حزب الليكود، لضمان عدم بروز من يحل محله، فى حين سعى اليمين من خارج الحزب مثل «ليبرمان» للسيطرة على حزب الليكود ليحلوا محله، وعلى الجانب الآخر نجد أن اليسار السياسى بمثابة قوة جوفاء خالية من الرموز القوية التى يمكنها تولى زمام السلطة، حيث اسفرت انتخابات حزب «العمال» عن قدوم «آفى غاباى» كقائد جديد للحزب لكنه يفتقر للحنكة والخبرة التى تمكنه من ترؤس حكومة إسرائيل.
***
ختاما يرى الكاتب أنه حتى لو استمر نتنياهو فى منصبه، فإن السياق العام المملوء بالفضائح والاتهامات بالفساد لها أثر سلبى على الأمن القومى لإسرائيل، فبعض المحللين يخشون أن يؤثر الضغط الذى يتعرض له نتنياهو بسبب الاتهامات التى يواجهها على قدرته على اتخاذ قرارات استراتيجية سليمة، مثل قراره غير المدروس بتركيب البوابات الالكترونية فى المسجد الأقصى وما أدت إليه من أزمات منها توتر الأوضاع مع الأردن والدول العربية الأخرى، بالإضافة إلى تصاعد حدة التوتر والتهديدات التى تواجهها إسرائيل فى قطاع غزة بسبب التصعيد العسكرى فيها.
يُذكر أن «أرى هارو» مفجر الأزمة ــ ذو أصول صهيونية ومهاجر أمريكى إلى إسرائيل ــ لا يتصور نفسه فى موضع الاتهام بعد تلك المكانة التى تمتع بها، ولهذا فقد حاول تحسين صورته وكسب تعاطف الإسرائيليين معه من خلال نشر صورة له وهو فى الجيش الإسرائيلى منذ خمس وعشرين سنة بوصفه مشاركا فى بناء الدولة الإسرائيلية، وينتهى الكاتب بأنه لا يحمل أية ضغائن شخصية ضد «أرى» أو نتنياهو لكن ما إذا ثبت بالفعل اتهام نتنياهو بالفساد، فلا يمكن لمدير مكتبه التنصل من التهمة هو الآخر.

النص الأصلى

 

التعليقات