دخول المرأة سوق العمل... من يتحمل مسئوليته؟ - صحافة عربية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 10:43 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دخول المرأة سوق العمل... من يتحمل مسئوليته؟

نشر فى : الأربعاء 14 فبراير 2018 - 11:00 م | آخر تحديث : الأربعاء 14 فبراير 2018 - 11:00 م

نشرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مقالا للكاتبة «مينا العريبى» مقالا جاء فيه: على الرغم من التقدم الذى أحرزته سيدات عربيات رائدات فى مجالات العلم والأعمال والعمل الحكومى وغيرها من مجالات، فما زالت مشاركة المرأة فى الحياة العملية فى العالم العربى دون طموحاتها، ودون المستوى المطلوب لتحفيز اقتصاديات الدول العربية. وبموجب البنك الدولى، فإن نسبة 3.5 فى المائة فقط من الشركات فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تملكها سيدة، مقارنة بـ14 فى المائة من المعدل العالمى للشركات، بينما 5 فى المائة فقط من الشركات تقودها امرأة، مقارنة بـ19 فى المائة عالميا. وتشكل المرأة 16 فى المائة فقط من العاملين فى المنطقة، مقارنة بـ33 فى المائة عالميا. وعلى الرغم من الحاجة لتحسين وضع المرأة بشكل عام حول العالم فى مجالات العمل، فإن حالتها ربما تحتاج للمزيد فى العالم العربى. فمن جهة، تعرقل العقبات الاجتماعية فى بعض المجتمعات العربية دخول المرأة سوق العمل بشكل متسارع، بينما الأوضاع الاقتصادية المتقلبة لدى الكثير من الدول العربية، وخاصة تلك غير المصدرة للنفط، تزيد من صعوبة خرق العقبات الاقتصادية. وهذا كله من دون التطرق إلى تأثير الحروب والنزاعات على المجتمعات وتبعات ذلك على المرأة.

خلال مشاركته فى «القمة العالمية للحكومات» المنعقدة فى دبى هذا الأسبوع، سلط رئيس البنك الدولى جيم كيم الضوء على ضرورة تمكين المرأة «وبشكل سريع» مع تسارع التغييرات الاقتصادية والتقنية حول العالم. فهذا عامل أساسى لتقوية الاقتصادات والمجتمعات فى عالم متقلب. كما أنه حذر من أن «النمط التقليدى» فى الاستثمار التنموى لم يعد يصلح بعد. وهذا النمط التقليدى المبنى على نظيره التطور الاقتصادى من النموذج الزراعى إلى الصناعات الخفيفة ومن ثم الصناعات الثقيلة، كما حدث خلال القرنين الماضيين، بات غير لائق للعالم. وتغيير النمط التقليدى يعتمد على عوامل عدة، على رأسها تغيير الاستثمار التنموى ليركز على الإنسان كبنية تحتية أساسية لإنجاح أى دولة.

وربما المثال الأفضل على بناء قدرات النساء يأتى من خلال «مبادرة تمويل رائدات الأعمال» التى أطلقها البنك الدولى فى أبريل الماضى وساهمت فيها 14 دولة، منها السعودية والإمارات، بمبلغ وصل حتى الآن إلى 340 مليون دولار. وبحسب وزيرة الدولة للتعاون الاجتماعى الإماراتية ريم الهاشمى فإن العمل على تمويل رائدات الأعمال العربيات ليس فقط أمرا «لطيفا» يجب الإشادة به، بل بات ضرورة ملحة لتحفيز الاقتصادات. وقد أفاد تقرير من شركة «ماكنزي» للاستشارات العالمية بأنه من الممكن زيادة 12 تريليون دولار لإجمالى الناتج الداخلى العالمى بحلول 2025 من خلال دعم دور المرأة فى الاقتصاد. وهذه دراسة واحدة من بين عشرات الدراسات التى تدل كلها على أهمية دور المرأة فى سوق المال. وبما أن إحصاءات البنك الدولى تظهر أن نمو اقتصاد المنطقة تراجع من 5 فى المائة لعام 2016 إلى 1.8 فى المائة لعام 2017، لا بد من السعى وراء أى سياسات يمكن أن تحفز الاقتصاد، على رأسها ترسيخ دور المرأة.

ولكن من يتحمل مسئولية فتح المجالات الكافية للمرأة فى سوق الأعمال؟ الحكومات لها دور أساسي؛ إذ عليها أن توفر التمويل الذى قد لا توفره المصارف لمن لا تتمتع بالخبرة الكافية أو الأصول الوافية التى يمكن أن تضمن أى قرض تحصل عليه المبتدئة فى مجال العمل. كما أن للمدارس والمناهج التعليمية دورا أساسيا فى خلق الثقة بين البنات والشابات كى يتطلعن للمستقبل بثقة وقدرة على القيام بدور فعال فى سوق العمل. كما أن على المؤسسات المالية، وعلى رأسها تلك الدولية، أن تتحمل مسئوليتها فى توفير التمويل الميسر بشروط عادلة لمن تريد أن تنشئ شركة أو مشروعا خاصا بها. ولكن هناك عنصرا أساسيا لا يمكن الاستغناء عنه، وهو دور الأسرة. لكل فتاة، شابة أو سيدة عربية حاجة للحصول على الدعم الأسرى، قبل حتى الاجتماعى، لتوسع آفاقها. وتدور النقاشات حول دور المرأة فى سوق الأعمال وكيفية تقوية مكانتها فى القطاع الخاص، ولكن لا يمكن أن يحدث ذلك من دون إسهام الرجل فى هذه الجهود. فدور الأب أو الأخ أو الزوج يؤثر مباشرة فى الفتاة وهى تتخذ قراراتها حول سير حياتها الشخصية التى تؤثر فى حياتها المهنية.

وهناك عامل مهم يربط تمكين المرأة بالاحتياجات التنموية الأخرى للأسرة، على رأسها التعليم والصحة. فلا يمكن للمرأة أن تساهم بقوة فى مجالات العمل، حتى وإن لاقت الدعم الأسرى والاجتماعى الكافى، إذا لم تتمتع بصحة جيدة ويتمتع أبناؤها أو بناتها بصحة جيدة، وهذا يشمل الحصول على التغذية السلمية، فى وقت يوجد فيه 815 مليون شخص يعانى من الجوع يوميا فى عالمنا. وهناك روابط وثيقة بين الفقر والصحة والتغذية والتعليم وجهود تمكين المرأة. والعمل على رفع مستوى المعيشة للشعوب سيحسن بكل تأكيد وضع الاقتصاد بشكل عام، ولكن هذا العمل لن يفلح من دون اتخاذ قرار استراتيجى بأن المرأة، وهى نصف المجتمع، يجب أن تكون شريكة حقا فى ذلك.

الشرق الأوسط ــ لندن

التعليقات