الأخطر فى كارثة قطارى الإسكندرية - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 4:32 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأخطر فى كارثة قطارى الإسكندرية

نشر فى : الأحد 13 أغسطس 2017 - 9:15 م | آخر تحديث : الأحد 13 أغسطس 2017 - 9:15 م
فى برنامج نقطة حوار على إذاعة «بى بى سى» البريطانية فى الثالثة والنصف من عصر يوم السبت الماضى، استمعت إلى النائب محمد بدوى دسوقى عضو لجة النقل فى البرلمان يقول بغضب شديد: «إزاى قطار يقف بلا حركة ٢٥ دقيقة أو نصف ساعة على خط سكة حديدى رئيسى من دون أن يثير ذلك أى رد فعل.. لو أن أى قطار تعطل خمس ثوانٍ على خط رئيسى من دون إبلاغ فتلك كارثة».
أقدر تماما غضب النائب، وأراه قد وضع يده على حقيقة الأزمة، بل المأساة.
يقول كثيرون إن حادث تصادم قطارين بالإسكندرية، ظهر الجمعة الماضية، والذى أدى لمقتل ٤١ شخصا وإصابة ١٣٢ آخرين، هو نتيجة خطأ بشرى، وأن الحوادث تقع فى كل مكان، سواء كانت دولا متقدمة أو متخلفة أو «بين بين». بالطبع الحوادث تقع فى كل مكان، لكن فى كل مكان أيضا هناك بيئة عمل أو منظومة متكاملة أو ثقافة سائدة تجعل وقوع الحوادث أمرا صعبا، هى لا تلغى وقوع الحوادث ولكن تقلل منها إلى حد كبير. هذه المنظومة تحاسب أى مقصر، أولا بأول، وبالتالى فإنها تستمر فى العمل بكفاءة.
فى حادث يوم الجمعة الماضية، لا نعرف ما الذى جعل سائق القطار القادم من بورسعيد يتوقف. هناك احتمال أن يكون تعطل. من الطبيعى أن يتعطل أى قطار فى أى مكان بالعالم، لكن من غير الطبيعى أن يقف هذا القطار لمدة تقترب من نصف ساعة على الخط والقضبان، من دون أن يتم إبلاغ كل الجهات المختصة بهذا الأمر وبالتالى إلغاء إمكانية وقوع الحادث من الأساس أو جعله استثناء الاستثناء.
بناء على الشواهد المبدئية لا ألوم سائق القطار القادم من القاهرة بنسبة كبيرة. هو كان يفترض أن يتنبه للإشارة الحمراء ويتوقف لكن سيره بسرعة تصل إلى مائة كيلومتر جعله يندفع إلى مصيره المحتوم هو وبقية الضحايا.
مرة أخرى، لست خبيرا فنيا فى الأمر، والنيابة وخبراء السكة الحديد هم الأقدر على تحديد من الذى تسبب فى الحادث. لكن أتحدث عن هذه الحالة من الانفلات وانعدام المسئولية التى تجعل قطارا يتوقف متعطلا لمدة تصل إلى نصف ساعة من دون أن تهتز كل مؤسسات السكة الحديد؟!.
هل اتصل سائق قطار بورسعيد بالمسئولين فى الإسكندرية، وأبغلهم أن قطاره متعطل وبالتالى يكون قد أخلى مسئوليته، أم لا؟!.
وإذا كان لم يتصل فإن سلوكه أقرب إلى العملية الانتحارية، أما إذا اتصل فإن كل المسئولين المختصين، ينبغى أن يتم محاكمتهم بقانون الإرهاب، لأن نتيجة تقصيرهم لا تقل فداحة وخطرا عن الإرهابيين والمتطرفين، مع فارق مهم أن الأخيرين واضحون فى عدائهم للمجتمع.
خطورة ما حدث يوم الجمعة، لا يتعلق فقط بحادث القطار، لكنه للأسف يشير إلى حالة العدمية وانعدام الكفاءة، وانعدام الحمية والمسئولية فى قطاعات كثيرة.
للموضوعية، الأمر لا يقتصر فقط على مرفق هيئة السكة الحديد، لكنه موجود فى قطاعات كثيرة بالدولة.
هذه الحالة ــ لأسباب كثيرة ــ تبدأ من انهيار التعليم أو تدنيه وغياب التدريب والتأهيل، وهو الأمر الذى يسبب نقص أو انعدام الكفاءة، يضاف إليه أحيانا انعدام الوعى وغياب الضمير مصحوبا بالفساد، والنتيجة هذه الحالة المحزنة والبائسة التى تتسبب فى كوارث متتالية بلا توقف.
للأسف، فإن علاج ذلك لا يكون بقانون يصدره البرلمان أو الحكومة أو رئيس الجمهورية، بل بإصلاح جذور هذه المنظومة من الأساس، والبداية أن تقنع الدولة المواطنين بأنها جادة فى محاربة الفساد بكل أشكاله صغيرا كان أم كبيرا، وأن تبدأ فى هيكلة غالبية مؤسساتها وأن يكون البقاء للأصلح والأكفأ وليس للأقرب وأهل الثقة.
خطورة حادث يوم الجمعة الماضية أنه ينبهنا إلى إمكانية تكرار مثل هذه الحوادث ــ لا قدر الله ــ مادامت البيئة تسمح بذلك. علينا أن نتصور وجود ثقافة الإهمال هذه فى مفاعل الضبعة النووى إذا بدأنا فى إنشائه؟!!!!!!.
الفاسدون والجهلاء وأرباع الموهوبين والعدميون ومعدومو الكفاءة هم أفضل صديق وحليف للإرهابيين والمتطرفين حتى لو كانوا يهتفون كل يوم «تحيا مصر»!.

 

عماد الدين حسين  كاتب صحفي