دائرة الوطنية.. متسعة - حسن المستكاوي - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 12:15 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دائرة الوطنية.. متسعة

نشر فى : الأحد 12 فبراير 2012 - 8:20 ص | آخر تحديث : الأحد 12 فبراير 2012 - 8:20 ص

●● بصورة ما امتزجت المشاعر الوطنية بكرة القدم فى المباراة النهائية لكأس الأمم الإفريقية بين ساحل العاج وزامبيا.. فقد خرجت تصريحات من جانب دروجبا ورفاقه، تتحدث عن معاناة بلادهم من الحرب الأهلية الطويلة، وهم يرغبون فى إحراز الكأس للتخفيف عن شعبهم، فيما قام منتخب زامبيا بزيارة لموقع سقوط طائرة حملت المنتخب لخوض مباراة مع السنغال عام 1993 وقتلوا جميعا، وهم يرغبون فى الفوز بالكأس لإهداء اللقب إلى زملائهم.. وأتذكر مرحلة مهمة فى تاريخ الكرة المصرية، وهى الفترة التى توج فيها المنتخب بكأس إفريقيا، وقد قال كريستوفر كاتونجو قائد الفريق انه وزملاؤه يستمدون القوة من منتخب مصر الفائز باللقب ثلاث مرات، بفضل الروح القوية والمتضامنة للاعبيه، بينما لم تضم تشكيلة مصر نجوما فى البطولات الاوروبية ورغم ذلك تفوقوا على منتخبات كلها نجوم.

 

●● بصورة ما تحفل ساحات كرة القدم بالمشاعر الوطنية، وانتصاراتها تدفع الشعوب للخروج إلى الشوارع والميادين بالأعلام احتفالا وفخرا، وهكذا خرجت جماهير ألمانيا وفرنسا وكوريا واليابان والبرازيل وإسبانيا، فى أعقاب مباريات انتصرت فيها منتخبات بلادهم.

 

لكن هناك سببا آخر يدفع الشعوب للخروج بالملايين، السبب وهو تأييد واقع سياسى أو لرفض واقع سياسى. كما حدث فى «الثورة البرتقالية» فى أوروبا الشرقية، وما تلاها من حركات شعبية فى مرحلة ما بعد سقوط الاتحاد السوفييتى.. وكما حدث فى ثورة الشعب المصرى، فلأول مرة منذ حرب أكتوبر يرفع المواطن المصرى علم بلاده بدافع وطنى وليس بدافع الانتصار فى مباراة لكرة القدم، فقد ظل الوطن عندنا لسنوات وعقود مختصرا فى فريق، لأنه لا توجد أحداث وطنية، ولا توجد حياة سياسية، ولا توجد أحزاب، ولا يوجد مشروع وطنى حقيقى؟

 

●● لكن تظل كرة القدم لها علاقة مباشرة بالمشاعر الوطنية، وتبالغ صحف وإعلام فى أفضل المجتمعات الأوروبية فى التعامل مع انتصارات كرة القدم أو انكسارتها، مثلما حدث حين خسرت إسبانيا أمام فرنسا فى دور الستة عشر لكأس العالم عام 2006، حيث تعاملت الصحافة الإسبانية مع الخسارة كما تعامل التاريخ مع معركة تحطيم أسطول الأرمادا الإسبانى أمام نظيره البريطانى منذ قرون، فخرجت الصحف فى مدريد وهى تتحدث عن الخيبة، والفشل، والعار، والحرب التى هزمت فيها الكرة الإسبانية.؟

 

●● يبقى بصورة ما حديث قصير عن الوطنية وتعريفها، فهى، حسب ظنى، أن يعلى الإنسان مصلحة البلد فوق مصلحته الشخصية، وأن يتجلى انتماؤه فى الدفاع عن الوطن، وفى العمل من أجل الوطن، وفى احتضان تراب هذا الوطن.. وقد يعبر الإنسان عن وطنيته بالتظاهر والمطالبة بالعصيان المدنى مثلا، فمن يفعل ذلك هو مدفوع بمشاعر وطنية، فيما قد يعبر إنسان آخر عن وطنيته برفض هذا العصيان حذرا وقلقا من الأخذ به.. كلاهما المؤيد والرافض من الوطنيين، وتتسع دائرة التعبير عن الوطنية والانتماء فترتبط بالظروف، والعمر، والخبرة، وليس صحيحا أن هناك صراع أجيال، لكنه تواصل الأجيال.. فكل جيل فى مصر خاض معركته بدوافع كلها وطنية.

حسن المستكاوي كاتب صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي على الصعيد العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة ، واشتهر بكتاباته القيمة والرشيقة في مقالته اليومية بالأهرام على مدى سنوات طويلة تحت عنوان ولنا ملاحظة ، كما أنه محلل متميز للمباريات الرياضية والأحداث البارزة في عالم الرياضة ، وله أيضا كتابات أخرى خارج إطار الرياضة ، وهو أيضا مقدم برنامج صالون المستكاوي في قناة مودرن سبورت ، وهو أيضا نجل شيخ النقاد الرياضيين ، الراحل نجيب المستكاوي.