الواقع الذى فهمه شفيق - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 5:18 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الواقع الذى فهمه شفيق

نشر فى : الجمعة 12 يناير 2018 - 11:10 ص | آخر تحديث : الجمعة 12 يناير 2018 - 11:10 ص

فى منتصف يونيو 2013 غادر الفريق متقاعد أحمد شفيق القاهرة إلى السعودية لأداء العمرة، ومنها للإمارات بعد يوم واحد من خسارته الانتخابات الرئاسية أمام مرشح جماعة الإخوان محمد مرسى بأقل من واحد فى المائة.

الرجل ذهب إلى الإمارات وليس للسعودية، وظل هناك حتى أعلن من أبوظبى، وعبر فيديو بثته وكالة رويترز يوم 29 نوفمبر الماضى، أنه ينوى الترشح للرئاسة، وبعدها بثلاثة أيام عاد للقاهرة يوم السبت الثانى من ديسمبر الماضى.

ثم أعلن رسميا يوم الأحد الماضى أنه لن يترشح للرئاسة، لأنه لا يرى فى نفسه الشخص المؤهل لقيادة مصر فى المرحلة المقبلة.

السؤال الذى يشغل الجميع هو ما الذى حدث ما بين 29 نوفمبر حينما أعلن الترشح، و7 يناير حينما قرر الانسحاب؟!

خصوم النظام يصرون على أن هناك قوة قاهرة أرغمت شفيق على سحب ترشحه، بل وإعادته بالقوة لمصر، رغم أن الرجل نفى ذلك بأكثر من طريقة، وأنصار الحكومة يقولون إن الرجل اتخذ قراره بعد أن اطلع على الحقيقة على أرض الواقع.

وبما أننى لا أملك معلومات مؤكدة تؤكد ذلك أو تنفى ذاك، وبما إن غالبية الناس قد أفتت فى الموضوع بعلم وغير علم، فإننى سوف أحاول تناول الموضوع من زاوية مختلفة.

ظنى الشخصى أن جزءا كبيرا من الموضوع يرجع إلى تركيبة الفريق شفيق، وإلى المحيطين به، والذين التقوه طوال السنوات الأربع الماضية فى الإمارات.

مبدئيا وقبل الدخول فى التفاصيل، فإننى أعتقد أن المناخ السياسى المأزوم وشبه المغلق، لم يكن يسمح للفريق شفيق بالترشح، ولو ترشح فتقديرى أنه لم يكن قادرا على كسب المعركة، بل أداء معركة مشرفة، لكنها لن تصل إلى مستوى 2012. الرجل عاش فى «عزلة شعورية» منذ مغادرته مصر وظل يعتقد أن الـ12 مليون شخص الذين صوتوا له فى الانتخابات ضد محمد مرسى مايزالون ينتظرون عودته.

ويتحمل الذين قالوا له إنهم أصحابه وأنصاره جانبا كبيرا من تكوين هذ الصورة، حيث زينوا له أن «الدنيا ربيع والجو بديع»، ولم يخبروه بأمانة أن الدنيا بأكملها قد تغيرت، فى كل الاتجاهات. صحيح أن أنصاره ما يزالون يحفظون له الجميل لتصديه للإخوان ومنافسته القوية فى الانتخابات، لكن بعد 30 يونيو صار هناك واقعا جديدا تماما، وصار غالبية هؤلاء الأنصار جزءا من النظام الجديد.

الخطأ الكبير الذى وقع فيه الفريق شفيق، أنه لم يقرأ المشهد جيدا قبل إعلان نيته الترشح. لم يلاحظ أن غالبية وكوادر حزبه وأشد المناصرين له باعوه فى أول محطة.

الذين كانوا يلتقوه فى الإمارات ويتحدثون معه عن واقع افتراضى غير موجود، هم أول من طعنوه وهاجموه وانتقدوه بطريقة غير إنسانية.

مرة أخرى أخطأت الحكومة مرارا فى السنوات الأربع الماضية، حينما لم تتواصل مع الفريق شفيق وتحتويه وتعيده إلى البلاد بصورة عادية، بدلا من الطريقة التى تمت وأساءت إلى الجميع، وأعطت كثيرا من المعارضين الفرصة للغمز واللمز.

فى اللحظة التى عاد فيها شفيق للقاهرة، وجلس مع من جلس معهم، بدأ يدرك حقائق المشهد وموازين القوة المختلفة، وأن مصر 2013 قد تغيرت تماما عن مصر الآن. الذين جلسوا معه لم يكونوا كلهم من الحكومة وأجهزتها، بل من أصدقاء ومحبين.

خرج الرجل من الفندق وتجول قليلا فى أحد الأفراح وزار الكاتدرائية ومر ببعض الشوارع، وشاهد وسائل الإعلام، وقرأ الصحف، جيدا وأدرك أن المشهد قد تغير. وان الانتخابات ليست فقط إجراءات وتصويت فى لجان بل مناخ عام، يشمل أشياء كثيرة منها مثلا التحديات الاقتصادية والأمنية والعلاقات مع المحيط والقوى الكبرى.

خلاصة المشهد الذى شاهده شفيق خلال الشهر الذى قضاه فى فندق جى دبليوماريوت بالتجمع الخامس، هو أنه لن يكون مهيئا فعلا لخوض الانتخابات، ناهيك عن المنافسة الجادة وحكم البلاد.

كنت أتمنى فعلا أن يكون هناك مرشحون أقوياء كثيرين بما فيهم الفريق شفيق، حتى لا تتحول المعركة إلى استفتاء.

لكن التمنى شىء والواقع شىء آخر، وهو الأمر الذى يبدو أن الفريق شفيق فهمه جيدا.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي