ضحايا صناعة التطرف: ما بين «مدرسة الرقاب» وسجون بلدان النزاع من اتصال - صحافة عربية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 8:53 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ضحايا صناعة التطرف: ما بين «مدرسة الرقاب» وسجون بلدان النزاع من اتصال

نشر فى : الإثنين 11 فبراير 2019 - 10:50 م | آخر تحديث : الإثنين 11 فبراير 2019 - 10:53 م

نشرت صحيفة المغرب التونسية مقالا للكاتبة «آمال قرامى»، وجاء فيه: ما المشترك بين أطفال ويافعين محتجزين فى «مؤسسات صناعة التطرف» داخل أرض الوطن (الرقاب، تونس الكبرى وغيرها) والأطفال المعتقلين صحبة أمهاتهم فى السجون الليبية أو السورية أو العراقية أو أولئك المستقرين فى المخيمات التركية؟
تتشابه فى الواقع، قصص الحياة التى توضح نمطا من العلاقات الأسرية قائما على استغلال الكبار للصغار والتحكم فى مصيرهم، باعتبارهم «المالكين» للثروات أو الأولاد. وحين يقرر الأولياء تزويج القصر أو التصرف فى أجساد الفتيات بحجب شعر الرأس وإجراء الخفاض أو إرسال الذكور إلى المعسكرات التدريبية التابعة للجماعات المتطرفة ليس أمام الأبناء إلا الرضوخ لقرارات الكبار فى ظل تنشئة اجتماعية تكرس قيم الطاعة والتبعية، وقوانين تجعل الأب المسئول عن مصير من هم «تحته» حتى وإن كان فاقدا للأهلية.
وبالرجوع إلى شهادات النساء المورطات فى الإرهاب أو المرافقات «للجهاديين» أو المهاجرات «لدار الإسلام» نتبين أن عائلات برمتها قد سافرت بالفعل إلى مواطن النزاع، وفى حالات أخرى نحن مع أب اصطحب الذكور من أبنائه أو أخ أقنع إخوته بضرورة شد الرحال إلى «أرض الخلافة»، وفى حالات قليلة نعثر على أمهات اصطحبن أبناءهن إلى بلدان النزاع قسرا رغم رفض الأب. وما إن تصل هذه الجموع إلى «الإمارات الإسلامية» أو «دولة الخلافة» حتى تبدأ أول محطة من محطات صناعة المتطرفين الجدد، ونعنى بذلك تحقق العزلة المكانية تليها مرحلة العزلة الشعورية القائمة على القطع مع المجتمع الجاهلى ومعاداة الكفار وتعويض السلطة الأبوية بسلطة الجماعة لتأتى مرحلة تلقين مبادئ الجماعة وطرق أداء الطقوس وحفظ قائمة المحرمات والتصرف وفقها. وبعد التأهيل والتشريط والتحكم فى الأجساد حتى تكون طيعة وفى العقول حتى تكون متقبلة لكل الأوامر والنواهى تكون ملامح صناعة المتطرف قد اتضحت.
وسواء تحدثنا عن أطفال محتجزين فى السجون أو فى مؤسسات صناعة التطرف فإننا إزاء تشكل خطاب الوصم الاجتماعى المؤسس للنبذ والكراهية واللفظ خارج المجتمع. فالأطفال يحضرون فى الخطاب الإعلامى والسياسى والاجتماعى بوصفهم «أطفال داعش»، «أشبال الخلافة»، «أبناء المقاتلين» أبناء الجهاديين، «القنابل الموقوتة» «أبناء المدرسة القرآنية بالرقاب» «فروخ التطرف» أبناء وجدى غنيم «أولاد تربية الدواعش»... ولكن اليوم وبعد أن سقطت الأقنعة وظهرت عمليات توظيف الأطفال للخدمة والعمل الشاق واستغلالهم اقتصاديا وجنسيا وتشكيل عقولهم وفق أيديولوجيا متطرفة هل سيراجع التونسيون مواقفهم من شريحة عمرية ارتبط وجودها ومصيرها بالفكر التفكيرى أو بالجشع المادى الذى يجعل الولى يضحى بابنه فى سبيل الحصول على المال؟ هل سيتغير موقف التونسيين من مسألة عودة الأطفال من السجون التى وجدوا أنفسهم يعيشون فيها دون ذنب اقترفوه؟ ثم هل ستتحرك مختلف مكونات المجتمع المدنى لتهيئة عملية التأهيل والإدماج؟ هل يمكن أن نتعاطف مع ضحايا «مؤسسات التطرف بالداخل» ونغض الطرف عن ضحايا صاروا موضوعا للتفاوض بين الحكومات مجرد أرقام تضغط ليبيا والعراق وسوريا حتى «نسترجعهم»؟ وما هى الاستراتيجيات المعتمدة وهل لنا مختصون فى التعامل مع هذه الفئة التى نشأت على وقع المدافع وطلقات النار وعاينت الدماء والجثث؟
أسئلة كثيرة تطرح على بساط الدرس وتستوجب، فى نظرنا، فتح ملف عودة الأطفال القابعين فى السجون وتقديم إجابات دقيقة وتقتضى من الجميع جرأة على مراجعة المواقف وعقلنة الآراء والخطابات علنا ننقذ ما يمكن إنقاذه.. هذا ما فعله بنا بعض من «أبناء جلدتنا» فى سبيل خدمة أهدافهم الدنيئة.
قد يتحمل الراشدون الصدمة ولكن آثارها على أجساد الأطفال ونفوسهم ستبقى فى الذاكرة إلى الأبد.. وتلك جناية وجريمة لا تغتفر.
المغرب ــ تونس

التعليقات