حتى يغيروا ما بأنفسهم: 10- تنظيم الشورى - جمال قطب - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 8:13 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حتى يغيروا ما بأنفسهم: 10- تنظيم الشورى

نشر فى : الخميس 8 مارس 2018 - 9:25 م | آخر تحديث : الخميس 8 مارس 2018 - 9:25 م

ــ1ــ


الفقه الإسلامى يورث أصحابه ضرورة الإعداد والاستعداد، كما يورثهم أيضا فكرة الدوام والاستمرار، فضلا عن الشفافية والإعلان والتأقيت، فإذا اجتمع أصحاب الشأن وجب عليهم اختيار مراقب أو مدير للجلسة وتوزيع الأدوار بالتساوى، وقد يسأل سائل من أين جاء الفقه بهذه الضوابط الموروثة؟ فنقول: هذه ضوابط عامة ملزمة لجميع الشئون قد تعلمناها من فريضة الصلاة، تلك الفريضة الوحيدة التى يواظب المسلم عليها خمس مرات يوميا، وعند كل صلاة يسبقها التأقيت المعلن (الإعلام بالآذان) فى الموعد المحدد، ثم بقاء أبواب المسجد مفتوحة حتى لا يحجب أحد، ثم يعلن عن بدء التواصل والاجتماع (إقامة الصلاة) ثم يختار الناس الإمام ويتابعوه ــ إذا أصاب ــ فإذا أخطأ راجعوه وألزموه بالصواب، فهذه الضوابط سلوكيات عامة أخذناها من الدرس اليومى المتكرر خمس مرات فى الصلاة، فلا بديل عن إنشاء المؤسسات (المساجد) وتخصيصها وتنظيم عملها بتلك الضوابط السابق الإشارة إليها، فلا تعجل عن الموعد المحدد ولا تفريق بين الشركاء ولا استعلاء ولا إقصاء ولا استبداد فى رياسة الجلسات.

ــ2ــ


لذلك لابد أن توضع قوانين المؤسسات ولوائحها متضمنة توفير أكبر قدر يتاح من المعلومات والبيانات والأفكار والمشروعات ووضع كل ذلك تحت تصرف جميع المشتغلين بالشأن حرصا على تمكينهم من الوصول إلى أقصى نجاح بأقل تكلفة فى أقصر وقت، لذلك فلابد من شيوع مراكز الاستطلاع والاستشعار والتواصل مع جميع مصادر المعلومات والفنون والسياسات فى العالم، حيث تعتبر هذه المراكز درجة متقدمة من درجات البحث العلمى وضرورة مهمة من ضرورات العولمة وما تفرضه من مشاركة فاعلة وليس مجرد متابعة واستهلاك، كما أن مراكز البحوث والدراسات الاجتماعية التى تمارس الإحصاء والمسح الاجتماعى من خلال أدوات علمية محكمة أصبحت ضرورة لا يستغنى عنها الناس أيا كانت مواقعهم، إذ كيف يرسم الإنسان خطة يومه أو غده أو كيف يخطط فكرة مشروعه دون التعرف على ما تم اكتشافه على مستوى العالم حتى لا يكرر ما سبق توفيره، وكذلك يبدأ من حيث انتهى الآخرون.

ــ3ــ


والبحوث والدراسات الإحصائية والمسح الاجتماعى لا قيمة لها إذا لم تشع وتسطع أنوارها فى المجتمعات سواء من خلال النقابات أو الأندية أو وسائل الإعلام أو مواقع آمنة على الشبكة العالمية للمعلومات، وذلك حتى يتم انتشار المعلومات الصحيحة كما يحقق تعرض تلك المعلومات للنقد البناء من قبل المتخصصين. كذلك فإن ذيوع وشيوع البحوث والاستطلاعات يعتبر تأسيسا للشورى إذ يبدأ الباحث أو الدارس عمله مستعينا بجهود الآخرين فيرجع على فكرته بالتصحيح والإضافة والحذف، وربما تنازل الباحث عن فكرته ليصبح معضدا ومساندا ومؤيدا لفكرة أوسع مدى من فكرته، وربما وجد الباحثون والمفكرون ضالتهم التى يبحثون عنها فى ثنايا ما يتم بحثه ونشره وإتاحته لكل راغب، وهنا ترشد الجهود وتتوالد الأفكار الجديدة.

ــ4ــ


ويلتزم مجتمع المسلمين بالشورى كما يأمرهم دينهم بنص قرآنى واضح وجهه القرآن للرسول صلى الله عليه وسلم: ((وشاورهم فى الأمر))، فها نحن أمام خاتم الأنبياء الذى اصطفاه الله وأعده إعدادا خاصا: ((الله أعلم حيث يجعل رسالته)) ثم استمر يستقبل الوحى 23 سنة ومع كل هذا يلزمه الشرع أن يشاور أصحاب الشأن، فكيف يتجاهل المغرضون هذه الفريضة الراقية والمهمة؟!!

ــ5ــ


لذلك يجب على المجتمعات أن تمهد للشورى وأن يجعلوها سمة من سمات حياتهم ومدخلا ثابتا للبحث والتفكير وخطوة ضرورية فى بداية رحلة «صناعة القرار» إذا أرنا للقرارات أن تكون موفقة، وإذا أردنا للمجتمع نجاحا وتقدما كذلك فإن الشورى هى السند الأول للقدرة على التنافس مع حضارات ومجتمعات أخرى، فالشورى قبل كل قرار والنقد البناء بعد كل قرار، فما يسبق القرار هو شورى مرجحة وما يتبع القرار من النقد البناء هو شورى مصححة.

يتبع

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات