جائزة الغباء السياسى - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 9:09 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جائزة الغباء السياسى

نشر فى : الأحد 6 مايو 2012 - 8:10 ص | آخر تحديث : الأحد 6 مايو 2012 - 8:10 ص

لا أعرف من هو السياسى العبقرى الذى أشار على مجموعة متظاهرى العباسية بمحاولة اقتحام حواجز الاسلاك الشائكة المؤدية إلى وزارة الدفاع عصر الجمعة الماضية، أو حتى الاقتراب من الحواجز والاحتكاك بجنود الشرطة العسكرية المدافعين عن المكان؟.

 

لو ان هناك شخصا أو جهة أشارت على المتظاهرين باقتحام الوزارة فعلينا أن نمنحه أو نمنحها جائزة الغباء السياسى منقطع النظير، إلا إذا اكتشفنا انه ينفذ مخططا لاشعال الحريق الكبير بكل السبل.

 

للمرة المليون من حق كل شخص أو حزب أن يتظاهر أو يعتصم أو يضرب مادام تم ذلك فى حدود القانون، ومن حق أجهزة الحكومة ان تحميه لا أن تقتله حتى لو كان يتظاهر ضدها.

 

حتى بعد ظهر الجمعة الماضى كان كثيرون يتعاطفون مع معتصمى العباسية باعتبارهم تعرضوا لمذبحة صباح الخميس أودت بحياة 11 منهم، لكن فى اللحظة التى بدأ فيها المتظاهرون يلقون بالحجارة على الشرطة العسكرية ويحاولون اقتحام الحواجز ــ أو تم جرهم ليفعلوا ذلك ــ كانوا قد خسروا كل شىء.

 

سنفترض نظريا ان المتظاهرين دخلوا وزارة الدفاع.. فماذا سيفعلون؟.

 

هل يعلنون بيانهم رقم واحد وينصبون حازم أبوإسماعيل خليفة على مصر.. أم يشكلون مجلسا رئاسيا.. وإذا فعلوا ذلك فلمن يسلمون السلطة؟.

 

يقينى ان غالبية معتصمى العباسية نبلاء وانقياء وأبرياء لكنهم لا يدرون انه تم استدراجهم لمعركة خاسرة بل جعلوا المزيد من المواطنين «يكفر» بما تبقى له من إيمان بالثورة.

 

الآن فإن كل الذين تضرروا من حظر التجول فى المنطقة سوف يصبون جام غضبهم على الثورة والثوار والمتظاهرين.. وسيترجم بعضهم هذا الغضب بالتصويت لأحمد شفيق أو أى شخص يرون انه ضد الثورة.

 

سوء استغلال حق الاحتجاج وتنفيذه بالطريقة العشوائية التى نراها الآن تجعل البسطاء يكفرون ليس فقط بهذه الحقوق ــ التى دفع آلاف الشباب حياتهم ثمنا للحصول عليها ــ بل بفكرة الديمقراطية نفسها وجدواها.

 

عندما تتعطل مصالح الناس ــ خصوصا من اجل قضايا غير واضحة ــ فإننا ندفعهم دفعا للترحم على أيام مبارك.

 

القناعة الوحيدة التى ستصل لعقولهم هى ان كل ممارسات الثورة لم تؤد الا للفوضى وتعطيل الاقتصاد وغياب الأمن.

 

بالطبع الثورة لم تفعل ذلك.. وهناك خطة ممنهجة لشيطنة الثورة وإلصاق كل مصائبنا طوال 30 عاما بها، والسؤال هو: لماذا يتطوع ويتبرع بعض ممن يدعون الثورية باعطاء سلاح باتر لخصومهم؟.

 

وحتى لو افترضنا ان العباسية منطقة خالية من السكان، ولن يشكو أحد من سكانها أو المارين من شوارعها من فرض حظر التجول أو زحام المرور، فما هو الهدف السياسى من محاولة اقتحام وزارة الدفاع، مثلما حاول آخرون قبل ذلك فى محاصرة وزارة الداخلية ومحاولة اقتحامها أيضا؟.

 

عندما يعلن الإخوان وقطاع كبير من الحركة السلفية وكل الأحزاب الليبرالية ومعظم القوى الثورية انها لم تشارك فى محاولة اقتحام وزارة الدفاع، فالخطوة المنطقية التالية هى سحب الغطاء السياسى من أولئك الذين يفعلون ذلك والا تسمح هذه القوى لمجموعات صغيرة من هنا وهناك بأن يحددوا مسار حياتنا السياسية.

 

ما حدث عصر الجمعة الماضى محاولة جديدة من قوى متنوعة ومتنافرة لاشعال حريق كبير ودفع الجيش والشعب معا للاصدام.

 

هؤلاء يراهنون على استغلال أى حدث أو مظاهرة من أجل إحداث أكبر قدر من الخسائر البشرية حتى نصل إلى مذبحة لا يتخيلها أحد وبعدها سيخرج الناس فى مظاهرات عارمة للتنديد بالديمقراطية وترجى الجيش ان يبقى.

 

إذا كان ذلك صحيحا فلماذا لا يتحلى الجميع بالشجاعة، ويعلن استنكاره الواضح للمحاولات الصبيانية باقتحام وزارة الدفاع بالتوازى مع استنكار وادانة المجزرة التى شهدها ميدان العباسية صباح الخميس الماضى؟!!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي